الملك تشارلز الثالث يبدأ زيارة دولة الى فرنسا

باريس‭- ‬لندن‭ -‬الزمان‭ ‬

بدأ‭ ‬العاهل‭ ‬البريطاني‭ ‬تشارلز‭ ‬الثالث‭ ‬الأربعاء‭ ‬زيارة‭ ‬دولة‭ ‬إلى‭ ‬فرنسا‭ ‬بعد‭ ‬ستة‭ ‬أشهر‭ ‬من‭ ‬ارجائها،‭ ‬للاحتفال‭ ‬بإعادة‭ ‬إطلاق‭ ‬الصداقة‭ ‬الفرنسية‭-‬البريطانية‭ ‬بعد‭ ‬التوترات‭ ‬المرتبطة‭ ‬ببريكست‭. ‬ووصل‭ ‬الملك‭ ‬تشارلز‭ ‬الثالث‭ ‬عند‭ ‬الساعة‭ ‬14،00‭ (‬12،00‭ ‬ت‭ ‬غ‭) ‬الى‭ ‬مطار‭ ‬أورلي‭ ‬الباريسي‭ ‬مع‭ ‬زوجته‭ ‬كاميلا‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬استقبالهما‭ ‬رئيسة‭ ‬الوزراء‭ ‬الفرنسية‭ ‬اليزابيت‭ ‬بورن‭.‬

في‭ ‬آذار‭/‬مارس‭ ‬تم‭ ‬ارجاء‭ ‬الزيارة‭ ‬الملكية‭ ‬في‭ ‬آخر‭ ‬لحظة‭ ‬بسبب‭ ‬التظاهرات‭ ‬العنيفة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تشهدها‭ ‬فرنسا‭ ‬احتجاجا‭ ‬على‭ ‬إصلاح‭ ‬النظام‭ ‬التقاعدي‭. ‬وكان‭ ‬يفترض‭ ‬ان‭ ‬يقوم‭ ‬تشارلز‭ ‬آنذاك‭ ‬بزيارته‭ ‬الرسمية‭ ‬الأولى‭ ‬الى‭ ‬الخارج‭ ‬بصفته‭ ‬ملكا،‭ ‬وقام‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬بزيارة‭ ‬برلين‭.‬

بعد‭ ‬ستة‭ ‬أشهر،‭ ‬عاد‭ ‬الهدوء‭ ‬الى‭ ‬شوارع‭ ‬العاصمة‭ ‬الفرنسية‭ ‬وحان‭ ‬الوقت‭ ‬مجددا‭ ‬ل»الوفاق‭ ‬الودي‮»‬‭ ‬او‭ ‬التوافق‭ ‬الفرنسي‭-‬البريطاني‭ ‬الذي‭ ‬يحتفل‭ ‬بمرور‭ ‬120‭ ‬سنة‭ ‬على‭ ‬قيامه‭ ‬في‭ ‬نيسان‭/‬ابريل‭ ‬المقبل‭. ‬لم‭ ‬تسمع‭ ‬سوى‭ ‬أصوات‭ ‬قليلة‭ ‬معارضة‭ ‬للعشاء‭ ‬الفاخر‭ ‬الذي‭ ‬يقام‭ ‬مساء‭ ‬في‭ ‬قصر‭ ‬فرساي،‭ ‬رمز‭ ‬الملكية‭ ‬المطلقة‭ ‬لـ»ملك‭ ‬الشمس‮»‬‭ ‬لويس‭ ‬الرابع‭ ‬عشر‭. ‬رغم‭ ‬ذلك‭ ‬ندد‭ ‬النائب‭ ‬ألكسيس‭ ‬كوربيير‭ (‬يسار‭ ‬راديكالي‭) ‬على‭ ‬قناة‭ ‬عامة‭ ‬ب»الاستخدام‭ ‬المسيء‮»‬‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الرئيس‭ ‬إيمانويل‭ ‬ماكرون‭ ‬لما‭ ‬وصفه‭ ‬‮«‬برئاسة‭ ‬متمادية‮»‬‭ ‬و»كل‭ ‬الحيل‮»‬‭ ‬لتجسيدها‭. ‬الزيارة‭ ‬التي‭ ‬تستغرق‭ ‬ثلاثة‭ ‬أيام‭ ‬‮«‬تأتي‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬من‭ ‬تقارب‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬بريطانيا‭ ‬وفرنسا‮»‬‭ ‬بعد‭ ‬مرحلة‭ ‬أولى‭ ‬من‭ ‬‮«‬إعادة‭ ‬التواصل‮»‬‭ ‬كما‭ ‬قال‭ ‬قصر‭ ‬الاليزيه‭. ‬خلال‭ ‬قمة‭ ‬في‭ ‬آذار‭/‬مارس،‭ ‬طوى‭ ‬الرئيس‭ ‬الفرنسي‭ ‬ورئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬البريطاني‭ ‬ريشي‭ ‬سوناك‭ ‬صفحة‭ ‬عدة‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬التوتر‭ ‬الثنائي‭ ‬المرتبط‭ ‬بخروج‭ ‬بريطانيا‭ ‬من‭ ‬الاتحاد‭ ‬الاوروبي‭ ‬وملفي‭ ‬صيد‭ ‬الأسماك‭ ‬والمهاجرين‭. ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إعادة‭ ‬التواصل‭ ‬هذه،‭ ‬أعدت‭ ‬الجمهورية‭ ‬مراسم‭ ‬احتفالية‭ ‬ضخمة‭. ‬وفي‭ ‬وقت‭ ‬لاحق‭ ‬سيستقبل‭ ‬الرئيس‭ ‬الفرنسي‭ ‬إيمانويل‭ ‬ماكرون‭ ‬وزوجته‭ ‬بريجيت‭ ‬العاهل‭ ‬البريطاني‭ ‬وزوجته‭ ‬عند‭ ‬قوس‭ ‬النصر‭ ‬حيث‭ ‬ستُضاء‭ ‬شعلة‭ ‬الجندي‭ ‬المجهول،‭ ‬قبل‭ ‬عبور‭ ‬جادة‭ ‬الشانزيليزيه،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يُنظم‭ ‬عرض‭ ‬جوي‭. ‬سيسلك‭ ‬الملك‭ ‬والرئيس‭ ‬الفرنسي‭ ‬‮«‬أشهر‭ ‬جادة‭ ‬في‭ ‬العالم‮»‬‭ ‬على‭ ‬متن‭ ‬سيارة‭ ‬سيتروين‭ ‬دي‭ ‬اس‭ ‬7‭ ‬مكشوفة‭ ‬يواكبها‭ ‬136‭ ‬من‭ ‬خيالة‭ ‬الحرس‭ ‬الجمهوري‭ ‬وصولا‭ ‬الى‭ ‬قصر‭ ‬الاليزيه‭ ‬حيث‭ ‬يعقدان‭ ‬لقاء‭ ‬ثنائيا‭. ‬خلافا‭ ‬لاحتفالات‭ ‬8‭ ‬أيار‭/‬مايو‭ ‬1945،‭ ‬سيتمكن‭ ‬الجمهور‭ ‬من‭ ‬الاقتراب‭ ‬من‭ ‬الحواجز،‭ ‬بحسب‭ ‬مصادر‭ ‬أمنية‭. ‬محطة‭ ‬أخرى‭ ‬مهمة‭ ‬في‭ ‬الزيارة‭ ‬هي‭ ‬العشاء‭ ‬الرسمي‭ ‬في‭ ‬قصر‭ ‬فرساي،‭ ‬ما‭ ‬يذكر‭ ‬بوالدة‭ ‬تشارلز‭ ‬الملكة‭ ‬اليزابيث‭ ‬الثانية‭ ‬الراحلة‭ ‬التي‭ ‬دعيت‭ ‬الى‭ ‬غداء‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬المكان‭ ‬الفخم‭ ‬في‭ ‬1957‭ ‬وعادت‭ ‬الى‭ ‬فرساي‭ ‬في‭ ‬1972‭. ‬وأكد‭ ‬الاليزيه‭ ‬أن‭ ‬الملك‭ ‬كان‭ ‬حريصا‭ ‬على‭ ‬فكرة‭ ‬‮«‬السير‭ ‬على‭ ‬خطى‭ ‬والدته‮»‬‭. ‬وسيزور‭ ‬الخميس‭ ‬أيضا‭ ‬سوق‭ ‬الزهور‭ ‬الذي‭ ‬أحبته‭ ‬إليزابيث‭ ‬الثانية‭ ‬وأعيدت‭ ‬تسميته‭ ‬باسمها‭ ‬عام‭ ‬2014‭. ‬في‭ ‬فرساي،‭ ‬تقيم‭ ‬الجمهورية‭ ‬عشاء‭ ‬فخما‭ ‬جدا‭ ‬أعده‭ ‬أشهر‭ ‬طهاة‭. ‬بين‭ ‬الضيوف‭ ‬المدعوين،‭ ‬الممثلون‭ ‬هيو‭ ‬غرانت‭ ‬وشارلوت‭ ‬غينسبورغ‭ ‬وإيما‭ ‬ماكي‭ ‬والكاتب‭ ‬كين‭ ‬فوليت‭ ‬ومدرب‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬السابق‭ ‬أرسين‭ ‬فينغر‭. ‬من‭ ‬خلال‭ ‬دعوة‭ ‬تشارلز‭ ‬الثالث‭ ‬إلى‭ ‬فرساي،‭ ‬يسير‭ ‬إيمانويل‭ ‬ماكرون‭ ‬أيضا‭ ‬على‭ ‬خطى‭ ‬الجنرال‭ ‬ديغول‭ ‬الذي‭ ‬جعل‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬القصر‭ ‬بطاقة‭ ‬اتصال‭ ‬دبلوماسي‭ ‬فعلية،‭ ‬ويوجه‭ ‬رسالة‭ ‬قوية‭ ‬الى‭ ‬بريطانيا‭. ‬ففي‭ ‬عام‭ ‬1957،‭ ‬بعد‭ ‬سنة‭ ‬على‭ ‬أزمة‭ ‬قناة‭ ‬السويس‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1972‭ ‬حين‭ ‬انضمت‭ ‬بريطانيا‭ ‬الى‭ ‬المجموعة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الأوروبية‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬2023،‭ ‬‮«‬في‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬أردنا‭ ‬فيها‭ ‬الاحتفال‭ ‬بعلاقة‭ ‬مميزة‭ ‬مع‭ ‬انكلترا،‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬حفل‭ ‬استقبال‭ ‬في‭ ‬فرساي‮»‬‭ ‬بحسب‭ ‬ما‭ ‬يؤكد‭ ‬المؤرخ‭ ‬فابيان‭ ‬اوبرمان‭.‬

وسيبدأ‭ ‬الملك‭ ‬الذي‭ ‬ينوي‭ ‬ترسيخ‭ ‬صورته‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬الدولية‭ ‬بعد‭ ‬سنة‭ ‬على‭ ‬اعتلائه‭ ‬العرش،‭ ‬الخميس‭ ‬الشق‭ ‬السياسي‭ ‬من‭ ‬الزيارة‭ ‬بخطاب‭ ‬يلقيه‭ ‬أمام‭ ‬مجلس‭ ‬الشيوخ،‭ ‬هي‭ ‬سابقة‭ ‬لعاهل‭ ‬بريطاني‭. ‬كما‭ ‬سيركز‭ ‬على‭ ‬الموضوع‭ ‬الأقرب‭ ‬اليه،‭ ‬وهو‭ ‬البيئة،‭ ‬على‭ ‬طاولة‭ ‬مستديرة‭ ‬في‭ ‬المتحف‭ ‬الوطني‭ ‬للتاريخ‭ ‬الطبيعي‭ ‬ثم‭ ‬الجمعة‭ ‬في‭ ‬بوردو،‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬تضررت‭ ‬بشدة‭ ‬من‭ ‬الحرائق‭ ‬عام‭ ‬2022‭ ‬والتي‭ ‬تضم‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬البريطانيين‭.‬

من‭ ‬جانب‭ ‬آخر‭ ‬سيقدم‭ ‬له‭ ‬الرئيس‭ ‬ماكرون‭ ‬نسخة‭ ‬أصلية‭ ‬عن‭ ‬كتاب‭ ‬‮«‬جذور‭ ‬السماء‮»‬‭ ‬للكاتب‭ ‬رومان‭ ‬غاري‭ ‬الذي‭ ‬يتمحور‭ ‬حول‭ ‬حماية‭ ‬الكوكب‭ ‬والفيلة‭ ‬في‭ ‬افريقيا‭ ‬وكذلك‭ ‬ميدالية‭ ‬تكريما‭ ‬لنضاله‭ ‬حول‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭.‬

في‭ ‬هذه‭ ‬المناسبة‭ ‬تمت‭ ‬تعبئة‭ ‬ثمانية‭ ‬آلاف‭ ‬شرطي‭ ‬ودركي‭ ‬الاربعاء‭ ‬وسيتم‭ ‬نشر‭ ‬ما‭ ‬يصل‭ ‬الى‭ ‬12‭ ‬ألف‭ ‬عنصر‭ ‬الجمعة‭ ‬حيث‭ ‬ان‭ ‬الزيارة‭ ‬تتزامن‭ ‬مع‭ ‬زيارة‭ ‬البابا‭ ‬فرنسيس‭ ‬الى‭ ‬مرسيليا‭.‬

مشاركة