الملاك الصغير – نص شعري – ليث الصندوق
عندما جاء به اللقلقُ
مغسولاً بنور البسمة الأولى
وملفوفاً كأطفال اللآلي بقماط من أثير
صارتِ الأشجارُ في بستاننا البيتيّ من فرحتها
تنقرُ في شبّاكنا نقرَ الحماماتِ
وأحياناً تطير
تدخلُ البيتَ كما ندخلهُ من بابهِ
تتعشّى معنا
فإذا ما أتخمتها سُفرةُ الأحلام
لمّتْ حولها أغصانها
وغفتْ تزحمنا فوقَ السرير
**
معْ غروب الشمس
تُزجي نسوة الحيّ إلى النهر النذور
في صوانيهنّ حلوى وشموع
جئنَ يطلبن من النهر رجالاً وبنين
وهوَ الناضبُ
لا يملكُ ما يعطيه من مقلته غيرَ الدموع
هل أنا أحلمُ ؟
أم إنّ لأفراحي سَواقٍ
فأنا أسمعُ من صدري خرير
منذ أنْ أعلنتِ الأجراسُ
أنْ من بيتنا قد سُمِعَتْ ضحكة طفل
نبَتَ الريشُ على ظهر الكراسي
صارَ للمغسلة العرجاء رجلين
فسارتْ وهيّ تثغو
ثارتِ الأعمدتُ الصُمّ على أسقفِها
ومضتْ تنسجُ من أســــــــدية الظلّ لحافاً من حرير
ما لقلبي
عاشَ تحت الصخر لم يشكُ
ويشكو اليومَ من تنسيمة الفجر المطير
**
يا صغيري
لم أكنْ
– من قبل أن تُشرقَ في صبحيَ –
اقوى أن أسير
كنتُ أحبو فوقَ أشلائيَ
مشدوداً بحبل الصمتِ
والوقتُ الذي في سجنه أذبُلُ
يسقينيَ من قنينة الصبر المرير
بعدما جئتَ
تحرّرتُ من الطود الذي ينقضُ ظهري
وبسجن العُمر أصبحتُ بأغلالي أطير
جَدّكَ المكدودُ حطّابٌ بليل
يعملُ الأفؤسَ في أضلاعِهِ
من أجل ألا تنسج الفاقة منها
لرجال الحكم خُفّاً ، أو حصير
لم يكن جدّك في يوم مليكاً
مَن تُرى قد صيّرَ الهاماتِ
من تحتكَ أضلاعَ سرير ؟



















