المربد وإختيار الشعراء العرب

بعد سنوات من الإنقطاع

المربد وإختيار الشعراء العرب

كانت الدعوات الموجهة من العراق الى الاقطار العربية لحضور  مهرجان المربد تنطلق من الاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق الى الاتحادات الادبية المماثلة، وتم في بعض المهرجانات المربدية دعوة الادباء والكتاب من خلال وزارة الثقافة او المؤسسات الثقافية، وكانت بعض الدعوات تنطلق من الوزارة الى بعض الشعراء العرب لانهم يعيشون ويقيمون خارج بلدانهم، ولانهم يعدون من الاسماء الكبيرة التي لا يمكن تجاوزها واقامة المهرجانات دون دعوتها، وفتح باب المشاركة  لها.

واذ تمارس الاتحادات الادبية والمؤسسات الثقافية دعوة اسماء معينة للمشاركة في المهرجانات فانها لا تتوخى الحضور الادبي والثقافي فقط، وانما تحاول تضمين الاهداف السياسية والاعلامية لهذه الدعوات والافادة من حضور بعض الادباء والكتاب للاغراض نفسها.

ولا يمكن القول: ان المرابد السابقة قد شهدت اسماء مهمة من الادباء، فقد شهدت لجميع المرابد  مشاركة شعراء لا يملكون ثقافة الشاعر وموهبته، وكانوا يغمرون قصائدهم بفيض من الاخطاء العروضية واللغوية، وبفيض من المدح والثناء لهذا السياسي او ذلك من الحكام والملوك والامراء العرب، وكان للعراق حصته الكبيرة من قصائد المدح والثناء.

وكان من المؤمل ان تكون الدعوات الموجهة للادباء والشعراء العرب للمشاركة في مهرجان المربد قائمة على الادب  فقط، وذات تدقيق في المقدرة الادبية والسمعة الادبية الرصينة، ولاسيما ان  السياسة لم تعد من المعايير المعتمدة، في اختيار الشعراء، وفي توزيعهم على الالقاء، واصبح المعيار الفني هو العنصر الاساس في هذا الاختيار، وذلك يتطلب التحرك على الشعراء قبل انعقاد المربد بعدد من الاشهر لاختيار الافضل وليس التحرك بعد مدة وجيزة من التوجه للانعقاد، كما ان المربد  يستحق ان يخطط ويعد له على امتداد السنة، وان يعتمد في ذلك على المعنيين وهم من الشعراء.

ان من المؤلم ان تكون جلسات الالقاء زاخرة بالكم، وان يكون النوع قليلا، ويغطي بالكم ويكون من الصعب فرز ودراسة الافضل في هذا الكم.

وذلك ينطبق على الشعراء العراقيين والشعراء العرب، حيث جاءت بعض المشاركات العربية وهي مليئة بالاخطاء النحوية، والعروضية، وجاءت في الوقت بعيدة عن هموم ومشكلات الامة، والتحديات التي تواجهها.

ولكن كان من الضروري والمقيد توجيه الدعوات الى ادباء عرب قد تمكنوا من الشعر وادوانه وموضوعاته وعرفوا بذلك في مختلف البلدان العربية، وصدر لهم اكثر من ديوان، واكثر من مجموعة شعرية.

وكان من الضروري والمفيد الاستعانة بالاتحاد العام للادباء  والكتاب  في العراق لاختيار الشعراء والادباء العرب الذين يستحقون المشاركة  في المربد، وعدم الاقتصار على العلاقات الشخصية، اذ نلاحظ ان الكثير من العرب المشاركين في المهرجان قد شاركوا فيه بدعوات موجهة من اشخاص ليس من مؤسسات ثقافية  تدرس المدعو تدعوه بعد التاكد من شاعريته ومقدرته.

وقد شارك العرب في المهرجان بعدد كبير يغطي معظم البلدان العربية، من تونس والجزائر والمغرب واليمن، ومصر وسوريا والسعودية وقطر وغيرها، وكان من الافضل الجمع بين الادباء العراقيين والعرب في مكان واحد، ولكن الجهة المسؤولة عن سير المهرجان ارتأت ان يقيم العرب  في الشيراتون وان يتم توزيع الادباء والشعراء العراقيين على عدد من الفنادق المتواضعة، الامر الذي افقد العراقيين امكانية الحوار مع الادباء العرب، ولاسيما وان بعضهم يمثلون اسماء كبيرة مثل الناقد الدكتور  صلاح فضل ورئيس اتحاد ادباء تونس وشعراء اخرين.

ان مهرجان المربد الحادي عشر كان محروما من المشاركة العربية  طوال سنوات، وكان محروما من الانعقاد طوال سنوات، وكان المطلوب ان يفتح المهرجان بابا واسعا لتفاعل  وتواصل كبيرين بين العرب والعراقيين، وان يتعزز الحضور العراقي في الثقافة العربية، وان يعززها بدوره القيادي، وبمزيد من الابداع والتجديد، وهذا ما اكده العراق في تجارب ومراحل سابقة، وهو قادر لان يجدد هذا الحضور في الواقع الراهن.