توقيع
فاتح عبد السلام
بسرعة كبيرة من الممكن أن تتبلور مواقف في الشارع العراقي من موضوع خور عبد الله لأسباب كثيرة، لكنها تجتمع عند نقطة واحدة هي ان الوضع الحكومي العراقي الان وقبل سنتين أو قبل عشر سنوات أتبع سياسة غامضة تشبه الطمطمة واللفلفة من دون شفافية في ايضاح الملفات الخطيرة التي تخص الارض والسيادة والثروة والعلاقات الجوارية للرأي العام العراقي . من هنا نرى ان الجميع يكون في لمح البصر، تحت ضغط ضجة تحركها المعلومات والتصريحات الناقصة والمتضاربة والغامضة والمضطربة ، يحللون ويجتهدون في القراءة و الاستنتاج والتبرئة والتخوين ، كل بما تسمح له اتجاهاته الفكرية ومصالحه وارتباطاته ، وربما من دون ذلك كله أيضاً انطلاقاً من شعور ذاتي غير مؤدلج.
وهناك مَن يغوص في كتب التاريخ ومذكرات السياسيين والمستشرقين ، وينبش الأرشيف ليسمع خطاباً لعبد الكريم قاسم عام 1961 أو كلمة لصدام حسين عام 1990، أو بياناً لجورج بوش الأب عام 1991.
هناك الآن غموض مريب في بغداد ، ومن باب أولى سيكون هناك غموض في المواقف والمعلومات في الكويت ، ولا بد أن تتم مكاشفة الناس بما جرى مهما كانت الحقائق والوثائق مؤلمة ، لكي لا يكون هناك تقدير موقف خاطيء وترسيخ لقناعات مضطربة جديدة قد يؤدي تراكمها الى انفجار في التصرف لاسيما في فترات الوهن الزائد أو القوة المفرطة ، لافرق بين هذا وذاك .
العلاقة بين الكويت والعراق يجب أن تكون أكبر من متابعة ملف تعويضات مضى عليه أربعة عقود، لابد من مراجعة مفهوم العلاقة الجيدة ومناقشة اسباب انهياراتها التي كانت قبل عقود أو التي من الممكن أن تحدث في المستقبل ،حيث دائما يتقلب الوضع العربي على صفيح ساخن بلا هوادة ،بغض النظر عن نوعية الحكومات وأشكالها وأزيائها وما لها وماعليها . هل انعقد مؤتمر واحد كبير للتقريب أو لتعميق الغور في وجهات النظر شعبياً بين بلدين جارين ، لماذا الاكتفاء بما تفرزه اجتماعات وزيارات مسؤولين لاينتج عنها سوى تأجيلات وتأويلات وتخريجات لأمور ينبغي أن تتضح للشعبين الشقيقين العراقي والكويتي ، حتى لا تتكرر المآسي .