مقاهي بغداد تفتقد روّادها بسبب العنف والأمطار
القوات الأمنية تغلق المنتديات الشعبية حفاظاً على أرواح المواطنين
بغداد- حسن الشمري – زهير هادي
يعد المجتمع العراقي في جميع طبقاته الشعبية والنخبوية، من محبي المقاهي. صحيح ان المقاهي ظاهرة موجودة في جميع أنحاء العالم، لكنها ليست بنفس الاهمية في جميع البلدان ويعد العراق ومصر من أكثر البلدان العربية والشرقية وفرة وشعبية في المقاهي.ومنذ أن بدأت طبقة المثقفين بالبروز والتكتل الاجتماعي في الحياة العراقية، وهؤلاء المثقفون يتحركون ضمن فضاء دعامته الأساسية المقهى ..وظل على وفق ذلك الكفة الثانية لميزان النشاطات الثقافية الاجتماعية الأخرى، إن كانت نشاطات على هامش المؤسسات، أو بتوجيه منها ومن المعروف ان المقهى ظل يحمل حقيقة غير معلنة، ولكنها راسخة ولا تحتاج الى تدليل، بأن قوة الصورة الثقافية تنتج هناك في ذلك المكان الاعتباطي والمنزوي وغير الرسمي وغير المنظم المسمى المقهى. لأنه ببساطة ومن دون تخطيط من أحد هو المكان الذي تتجسد فيه القيمة السلوكية للحرية بأعلى صورها ..وفي ظل الاوضاع المضطربة للبلد يشعر بعض الشباب بحالة اختناق بخيارات الحياة الضئيلة فكانت المقاهي و المرافق الاجتماعية المحدودة،اماكن لنسيان ولو مؤقتا قسوة العيش في غياب الاستقرار الامني، اليوم ، وبعد عشر سنوات من التغيير و اربع سنوات على الانخفاض النسبي في اعمال العنف، عادت الجماعات الارهابية تستهدف المقاهي الشعبية بشكل واضح ما ادى الى عزوف الكثير من الشباب عن ارتياد هذه الاماكن.
(الزمان) أستطلعت آراء بعض رواد واصحاب المقاهي حول تأثير الخروقات الامنية المتكررة والامطار مما دفع الى عدم ارتياد هذه الامكان بالشكل الذي كان عليه سابقا ..
المواطن احمد عبد الحسين فيقول ان (الاوضاع الامنية المضطربة والاعمال الارهابية الاخيرة التي استهدفت بعض المقاهي في العاصمة بغداد وبعض المناطق الاخرى اسهمت بتقليص انشطة الحياة كافة واسهمت بعزوف الكثير من الشباب لارتياد المقاهي والكازينوهات وفي الفترة الاخيرة اضطرت العديد من المقاهي الى وضع حراس شخصيين لتفتيش الداخلين اليها خاصة في الاوقات التي تزدحم فيها هذه الاماكن مثل مباريات كرة القدم).
ويضيف (هذه محاولة من قبل الارهابيين لاضعاف الحياة وجعل افراد الشعب اقل تمسكا بالحياة لكننا نعلم جميعا ان هذه المحولات باءت بالفشل لان الحياة يجب ان تستمر ولان الموت والحياة لا يجتمعان معا فبالتاكيد الارهابيون الى زوال )، ويقول المواطن حيدر حسين (الكثير من الشباب يرتادون المقاهي للترفيه عن انفسهم ولقضاء اوقات فراغهم لكن الاوضاع الامنية في الفترة الاخيرة قللت من عدد الرواد بشكل كبير فالشباب لا يرتادون المقاهي حفاظا على ارواحهم خاصة بعد التفجيرات التي استهدفت المقاهي الشعبية في مناطق البياع والاعظمية مؤخرا، وان عددا من المقاهي قامت بتدابير احترازية من خلال وضع شخص او شخصين لتفتيش الشباب الذين يدخلون الى المقاهي).
خروقات أمنية
ويضيف (برغم هذه الظروف فان الكثير ممن يترددون الى المقاهي خصوصا الشباب لايجدون متنفسا للترفيه عن انفسهم سوى المقاهي فتراهم يقبلون عليها رغم الخروقات الامنية).
واكد عبد الله القيسي من اهالي الكرادة ان (عزوف بعض رواد المقاهي عن ارتيادها يكون حسب موقع المقهى فاذا كان في المناطق الساخنة في بغداد فان هذا من شأنه ان يؤثر بدرجة كبيرة على روادها اما اذا كان في مناطق بغداد الاكثر امناً نسبيا فان هذه الخروقات لاتؤثر بدرجة كبيرة على روادها).
من جهته يروي محمد كاظم (25عاما)، وهو من سكنة الكرادة (ذهبت الى مقهى في بغداد ووجدت عددا قليلا فقط من الجالسين على الكراسي ، وانتظرت دقائق عدة حتى يصل اصدقائي وفي هذه الاثناء ترك الاشخاص المقهى فشعرت بالاحراج من الجلوس وحدي مما اضطرني الى المغادرة ايضا).
فيما اوضح المواطن ليث محمد ان (استهداف المقاهي لنشر الذعر في المجتمع والحاق اكبر قدرر من الخسائر البشرية كون المقاهي الشعبية هدفا سهلا للتنظيمات الارهابية في محاولة منها لزيادة السخط الشعبي ضد مؤسسات الدولة والامنية منها بشكل خاص وييشير الى ان ( رغم ذلك لا يزال عدد من الشبان يصرون على التواجد في المقاهي كونها ملاذهم الوحيد لقضاء اوقات الفراغ والترويح والتخلص من روتين الحياة الممل). فيما يبين صاحب مقهى البغدادي زيد محمد (الكثير من رواد المقهى يعزفون عن ارتياده بسبب الاوضاع الامنية الحالية فكل تفجير ارهابي يستهدف العاصمة بغداد يؤثر بشكل سلبي كبير على المقاهي لان الناس يبقون في بيوتهم حفاضا على ارواحهم من الاعمال الارهابية و المقهى خال من رواده لمدة اسبوع او اكثر) . ويقول احمد فؤاد صاحب مقهى شيشة ان (الاوضاع الامنية تؤثر على سير الحياة بشكل عام ولكن نحن اصحاب المقاهي والكوفي شوبات في منطقة الكرادة نتأثربحالات خاصة مثل اغلاق الشوراع الرئيسة او الانفجارات التي تستهدف المقاهي).
موجة أمطار
ومن الاسباب الاخرى للعزوف عن ارتياد المقهى موجة الامطار التي اغرقت شوارع العاصمة واحياءها السكنية بسبب الهطولات الغزيرة في الفترة الاخيرة الامر الذي اعاق من وصول المواطنين الى اماكن عملهم وكذلك الى المقاهي ).
ويقول المواطن محمد حسين ان (مشكلة الامطار لا تقتصر على المقاهي فقط لان عموم الشعب يعاني منها وهنالك احياء في العاصمة مثل الشعب والطالبية حتى حتى الان تحاصرها مياه الامطار فبالتاكيد اهالي هذه الاحياء لا يرتادون المقاهي لانهم غير قادرين على الخروج من منازلهم والوصول الى الكازينوهات او المقاهي ) ويضيف ان (الامطار تؤثر بشكل سلبي على ارتياد الشباب للمقاهي فالمناطق غير المخدومة من ناحية البلدية والتي تكون فيها شبكة المجاري في حالة يرثى لها ترى الشباب فيها يعزفون عن الاقبال على المقاهي بسبب صعوبة الوصول اليها). ويبين احد اصحاب المقاهي في جانب الرصافة ان (تأثير الامطار علينا يكون بشكل ايجابي لان المقهى بالطابق الثاني و لا تصل اليه مياه الامطار وكثيرمن الشباب يتركون بيوتهم التي غمرتها مياه الامطار ويأتون الى المقهى للترويح وقضاء اوقات الفراغ ).
ولوحظ في عدد من مناطق العاصمة ومنها منطقة الفضل اغلاق عدد من المقاهي بأمر من القوات الامنية خاصة بعد الانفجار الاجرامي الذي حصل في منطقة الصدرية وقد تذمر العديد من الشباب من هذا القرار ووصفوه بأنه محاولة لتقييد حرية المواطنين الذين لا يجدون اماكن للترويح وقضاء اوقاتهم الا المقاهي الشعبية. فيقول المواطن حاتم عزت ان( سبب الاغلاق يعود الى ان الاجهزة الامنية المتواجدة في المنطقة قامت بتوجيه اصحاب المقاهي بإغلاقها خوفا من حدوث اي اعتداء ارهابي عليها وهناك معلومات اسخباراتية تؤكد بان الجماعات الارهابية تستهدف المقاهي الشعبية لشل الحياة في المجتمع البغدادي)ويضيف (كان الاجدر وضع الحلول لتقليل الخروقات الامنية والاعمال الاجرامية لان واجبها هو حماية المواطن لا التقييد على حريته).