العناوين البريدية للزعماء العرب
فاتح عبدالسلام
لماذا لم يحدث يوماً أن تمَّ إرسال طرد بريدي مسموم أو مفخخ إلى زعيم عربي..؟ في حين تشتد بين سنة وأخرى موجات الرسائل الملغمة أو المسمومة المرسلة إلى الرئيس الأمريكي باراك أوباما، كذلك فجّرت الشرطة الألمانية طرداً كان في طريقه إلى الرئيس الألماني يواخيم جاوك.
المواطن العربي لا يجد عنواناً بريدياً واضحاً لأي زعيم كما إنَّ الجهات الخارجية لا تستهدف زعيماً بطريقة ملتوية. هناك قصور وبلاطات وقلاع وحصون وثكنات ومناطق خضراء يمكث بها الزعماء يوماً أو بعض يوم قبل أن يبحثوا عن وجهة أخرى يمكثون بها بقية الشهر. وحتى لو مكثوا في قصورهم الرسمية فإنَّ سعاة البريد لا يصلون إليها.
لم يعتد أي زعيم في بلدان العرب أن يفتح رسالة بنفسه أو أن يقرأ رسالة بنفسه، هناك من يفتحها له، وهناك من يقرأها له أو مَنْ يقرأ ما يريد منها فحسب. لذلك تضل رسائل المواطنين العرب العادية عناوينها فتذهب إلى الحجّاب والحراسات والحمايات والمكاتب الخاصة ولا تعرف للزعيم طريقاً، فلا عجب أن ترى زعيماً عربياً وهو يحاكم خلف القضبان يقول لم أكن أدري. حتى يذهب الظن إنّ جهل الزعيم هو ثمن بقائه في الكرسي.
في العراق حيث الفساد يطفح كطفح المجاري في أيام الفيضانات، يتولى مديرو المكاتب العليا ورؤساء الطواقم في الوزارات المهمة إيصال بعض الرسائل المنتقاة المتفق على ثمنها المدفوع مقدماً، وغالباً ما تكون رسائل عروض الصفقات والمقاولات والعمولات.
لكل مواطن عربي عنوان بريدي ومَنْ ليس له فإنَّ المخاتير يرشدون إليه ومَنْ ليس له مختار وكان من البدو فإنّ أماكن العشب الأخضر أو اليابس عناوين دائمة له، إلاّ الزعماء، فكأنَّهم زائدون عن الحاجة لا تشملهم قاعدة سليمة لمسار أمور الحياة، لعلّهم الحالة الشاذة في سياق نسق الحياة العادية. وحين يشذ واحد منهم عن الحالة الشاذة يفتقده شعبه بشتى الوسائل والأسباب.
الطرود المفخخة التي تضل عناوين الزعامات العراقية تجد لها ألف عنوان وعنوان في الشارع وقرب المدارس وعند المباني الرسمية وفي مجالس العزاء ووسط المقاهي وصالات البليارد، وهي في هذه الأماكن لا تخطئ عناوينها أبداً.
السيارة المفخخة مثل الطرد البريدي، تكون مرسلة إلى عنوان واضح، وهي لا تصل لوحدها وإنّما هناك جهاز بريد يخدمها، جهاز مثير للعجب يوجد في المناطق المحمية وقرب المقرات والادارات الرسمية أكثر من وجوده في أي مكان آخر.
في بلدان العرب هناك شعب يتلقى الطرود المفخخة نيابة عن الحكّام.
FASL