
العراق يموت عطشاً (1)
سامي الزبيدي
العراق بلد الرافدين دجلة والفرات وعشرات الأنهر والروافد وعدد البحيرات يموت عطشاً بسبب الساسة الفاشلين الذين فشلوا في إدارة البلاد فدمروا البلاد والعباد وأشاعوا السرقات والفوضى والفساد وفرطوا بحقوق العراق ومنها حقوقه المائية وأصبح بلدنا في السنين العجاف لحكم الفاشلين ينطبق عليه قول الشاعر: كالعيس في البيداء يقتلها الظماء والماء فوق ظهورها محمول.
العراق يموت عطشاً لان الأحزاب التي هيمنت على مقاليد الأمور في البلاد بعد الاحتلال تقاسمت المناصب في الحكومات المتعاقبة وفي الدولة وفق المحاصصة الحزبية والطائفية فاستولى المزورون والجهلة والفاسدين والفاشلين من السياسيين على كل المناصب المهمة في الدولة والحكومات وكل الوزارات وبضمنها وزارات والموارد المائية والري والزراعة التي أصبحت من حصة بعض الأحزاب فسلمتها الى غير أهلها من أعضاء أحزابها ممن لا يعرفون شيئاً عن الموارد المائية والخطط الكفيلة بالحفاظ عليها وانسيابيتها ولا يفقهون شيئاً عن الري والزراعة فعم الخراب والدمار هذه القطاعات أسوةً بقطاعات الدولة الأخرى. العراق يموت عطشاً لأنه لم يستفد من العقول العراقية الخبيرة والمهنية ومن الأكاديميين المتخصصين في مجال الموارد المائية والري والزراعة على الأقل كمستشارين للوزراء الجهلة لكي يضعوا الخطط المائية والزراعية وخطط الري الحديث ولكي يحافظوا على مواردنا المائية ويمنعوا هدرها ولكي يستفيد منها البلد أفضل استفادة بأحسن استخدام . العراق يموت عطشاً لان حكومات ما بعد الاحتلال لم تحافظ على حقوق العراق المائية ولم تفعل مع دول الجوار الاتفاقيات السابقة الخاصة بالمياه والأنهر المتشاطئة ولم تعقد اتفاقيات جديدة تضمن حقوق العراق في الأنهر العراقية التي تنبع من تلك الدول وحقه في حصصه المائية وبموجب المواثيق الدولية وانشغلت تلك الحكومات بالسلطة والنفوذ والفساد والسرقات ونهب أموال العباد وثروات البلاد . العراق يموت عطشاً لان حكومات ما بعد الاحتلال لم تبني سداً واحداً ولا خزاناً واحداً ولم تنفذ مشروعاً أروائيا أو زراعياً واحدا ولم تضع خطط لمعالجة شحة المياه طيلة الخمسة عشر عاماً من هيمنتها على السلطة . العراق يموت عطشاً لان حكومات ما بعد الاحتلال لم تستغل ما موجود في بلدنا من روافد وأنهر وبحيرات إضافة الى ما يأتي للعراق من حصص مائية في نهري دجلة والفرات والأنهر والروافد الأخرى لعمل خزين مائي يعالج شحة المياه بل يمنع وجود شحة لكثرة الموارد المائية الموجودة في بلدنا.
العراق يموت عطشاً لان ساستنا يلومون تركيا فقط وكأنها السبب الوحيد في أزمة المياه في العراق مع ان تركيا تطلق حصص مائية جيدة من خلال نهري دجلة والفرات ولا يلومون إيران التي قطعت عدة أنهر وروافد عراقية تنبع من داخل إيران وحولت مجرى أنهر وروافد أخرى وأعادتها الى داخل الأراضي الإيرانية في تجاوز كبير على الاتفاقيات الخاصة بالمياه والأنهر المتشاطئة .
العراق يموت عطشاً لان أغلب الحصص المائية التي تأتي لنهري دجلة والفرات تذهب هدراً الى الخليج العربي خصوصا في فصل الشتاء والسبب هو عدم وجود خزانات لخزن الفائض منها وعدم وجود خطط زراعية للاستفادة من هذه المياه في الزراعة الشتوية . العراق يموت عطشاً لان الحكومات المتعاقبة لم تضع الخطط والبرامج للاستفادة من مياه السيول والأمطار في فصل الشتاء ومعدلاتها كبيرة خصوصاً السيول التي تأتي من الحدود الإيرانية فلا يتم خزنها والاستفادة منها للتعويض عن شحة المياه صيفاً حيث تذهب هذه الكميات الكبيرة من المياه سدى . العراق يموت عطشاً والسبب جهل السياسيين بالسياسية العامة وكيفية التعامل مع دول الجوار لضمان حقوق العراق ومنها حقوقه المائية ولا يمتلك هؤلاء الساسة خبرة في أغلب الأمور وبالذات في مجال السياسة المائية ولا يوجد بين هؤلاء السياسيين من يمتلكون أبسط مقومات وصفات القادة ليتمكنوا من إدارة شؤون البلاد وكيفية معالجة الأزمات خصوصاً أزمة المياه والعالم يشهد حالياً حرب مياه .
العراق يموت عطشاً لضعف الدولة والحكومات المتعاقبة مما دفع دول الجوار للتجاوز على أراضينا ومياهنا والتجاوز على حقوقنا في الأنهر التي تنبع من تلك الدول والتجاوز على حقوقنا المائية التي كفلها القانون الدولي. العراق يموت عطشاً لان بعض المحافظات تتجاوز على الحصص المائية لمحافظات أخرى والحصول على حصص أكبر من استحقاقها وتجاوز الفلاحين في العديد من المحافظات على الحصص المائية المخصصة لهم وهدرها مما إربك عملية توزيع حصص المياه والسيطرة عليها وهذا يعود أيضاً لضعف الحكومات مما دفع المحافظات والعشائر لاستغلال هذا الضعف و التجاوز على الدولة في العديد من الأمور ومنها الامورالأمنية والحصص المائية . وللحديث بقية.

















