توقيع
فاتح عبد السلام
ظهر في كلام رئيس اقليم كردستان العراق مسعود بارزاني في اجابات صحافية في دافوس ، ثقل كبير من القناعة والثقة ، بأن من المستحيل عودة سوريا كما كانت ، وأن من الصعب جداً بقاء العراق موحداً . وأماط اللثام عن جانب من مناقشات اجراها في بغداد مع قيادات الحكم حول طريق التعايش السلمي الممكن بين جارين عربي وكردي في دولتين أفضل من خصام عربي كردي في دولة واحدة.
المسؤولون في المنطقة عرباً وأتراكاً وإيرانيين ، يتحاشون الخوض علناً في التغييرات الفعلية التي تتعمق على الارض يوماً بعد آخر، بالرغم من انهم لاعبون أساسيون في قيام تلك الأوضاع الجديدة . لكن الكرد في العراق هم الأكثر تحسساً من تلك التغييرات ويريدون ان يكون من قاطفي نتائجها الايجابية لصالحهم قبل ان يتحولوا في ذيل القائمة مجدداً بين دول لم تعد قادرة على ادامة زخمها السابق كدول كما العراق وسوريا او دول تعيش هاجس الضغط الاقليمي والدولي المقلق لسياساتها ونظام حكمها وربما وجودها التقليدي كما في ايران وتركيا.
هناك مَن قال في الماضي ان الكرد ينتهزون الفرص حين تضعف الدول المركزية ليظهروا كقوة نازعة نحو الاستقلال ، وانها قوة كامنة متحفظة مادامت الحكومات المركزية التي تخضع لسلطاتها السياسية قوية ومتنفذة . لكن بارزاني هنا يقدم نموذجاً آخر من التعامل تحت الضوء وليس خلف الكواليس التي اعتاد تفضيلها سواه في بغداد ، في أن يناقش فكرة التعايش ونبذ الحروب وحماية الأجيال من خلال منطق الدول المسؤولة ، حيث يتطلع الى أن تكون للكرد دولة ذات مسؤولية في المنطقة ، وليس دولة مارقة أو مهددة لجيرانها .
ربما هذا الأمر هو ما يقلق الجانب العربي في سوريا والعراق ، وبدرجة أقل تركيا وايران.
الدولة المستقبلية للكرد تنبع من اقليم كردستان العراق وحده وتصب فيه ،ولن تكون دولة لكرد البلدان الأخرى ، لتبدأ بعد ذلك أحلام الوحدة الكردية التي ستتصدى لها الدولتان الأكبر في الاقليم الشرق أوسطي ، تركيا وايران. في موقف أراه مشابها لما كانت عليه الدول العربية التي ولدت متناثرة ، ثم خرجت فيها أحزاب وشخصيات تنادي بالوحدة العربية التي يتخبط الجميع ويتناقض ويهلوس أحياناً في سبيل المناداة بها أو المناداة بعدم قيامها أيضاً.
رئيس التحرير
fatihabdulsalam@hotmail.com
لندن