الدولة الكردية

fatih new 2016-11

توقيع 

فاتح عبد السلام

ظهر‭ ‬في‭ ‬كلام‭ ‬رئيس‭ ‬اقليم‭ ‬كردستان‭ ‬العراق‭ ‬مسعود‭ ‬بارزاني‭  ‬في‭ ‬اجابات‭ ‬صحافية‭ ‬في‭ ‬دافوس‭ ‬،‭ ‬ثقل‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬القناعة‭ ‬والثقة‭ ‬،‭ ‬بأن‭ ‬من‭ ‬المستحيل‭ ‬عودة‭ ‬سوريا‭ ‬كما‭ ‬كانت‭ ‬،‭ ‬وأن‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬جداً‭ ‬بقاء‭ ‬العراق‭ ‬موحداً‭ . ‬وأماط‭ ‬اللثام‭ ‬عن‭ ‬جانب‭ ‬من‭ ‬مناقشات‭ ‬اجراها‭ ‬في‭ ‬بغداد‭ ‬مع‭ ‬قيادات‭ ‬الحكم‭ ‬حول‭ ‬طريق‭ ‬التعايش‭ ‬السلمي‭ ‬الممكن‭ ‬بين‭ ‬جارين‭ ‬عربي‭ ‬وكردي‭ ‬في‭ ‬دولتين‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬خصام‭ ‬عربي‭ ‬كردي‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬واحدة‭.‬

المسؤولون‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬عرباً‭ ‬وأتراكاً‭ ‬وإيرانيين‭ ‬،‭ ‬يتحاشون‭ ‬الخوض‭ ‬علناً‭  ‬في‭ ‬التغييرات‭ ‬الفعلية‭ ‬التي‭ ‬تتعمق‭ ‬على‭ ‬الارض‭ ‬يوماً‭ ‬بعد‭ ‬آخر،‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬انهم‭ ‬لاعبون‭ ‬أساسيون‭ ‬في‭ ‬قيام‭ ‬تلك‭ ‬الأوضاع‭ ‬الجديدة‭ . ‬لكن‭ ‬الكرد‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬هم‭ ‬الأكثر‭ ‬تحسساً‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬التغييرات‭ ‬ويريدون‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬قاطفي‭ ‬نتائجها‭ ‬الايجابية‭ ‬لصالحهم‭ ‬قبل‭ ‬ان‭ ‬يتحولوا‭ ‬في‭ ‬ذيل‭ ‬القائمة‭ ‬مجدداً‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬ادامة‭ ‬زخمها‭ ‬السابق‭ ‬كدول‭ ‬كما‭ ‬العراق‭ ‬وسوريا‭ ‬او‭ ‬دول‭ ‬تعيش‭ ‬هاجس‭ ‬الضغط‭ ‬الاقليمي‭ ‬والدولي‭ ‬المقلق‭ ‬لسياساتها‭ ‬ونظام‭ ‬حكمها‭ ‬وربما‭ ‬وجودها‭ ‬التقليدي‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬ايران‭ ‬وتركيا‭.‬

هناك‭ ‬مَن‭ ‬قال‭ ‬في‭ ‬الماضي‭ ‬ان‭ ‬الكرد‭ ‬ينتهزون‭ ‬الفرص‭ ‬حين‭ ‬تضعف‭ ‬الدول‭ ‬المركزية‭ ‬ليظهروا‭ ‬كقوة‭ ‬نازعة‭ ‬نحو‭ ‬الاستقلال‭ ‬،‭ ‬وانها‭ ‬قوة‭ ‬كامنة‭ ‬متحفظة‭ ‬مادامت‭ ‬الحكومات‭ ‬المركزية‭ ‬التي‭ ‬تخضع‭ ‬لسلطاتها‭ ‬السياسية‭ ‬قوية‭ ‬ومتنفذة‭ . ‬لكن‭ ‬بارزاني‭ ‬هنا‭ ‬يقدم‭ ‬نموذجاً‭ ‬آخر‭ ‬من‭ ‬التعامل‭ ‬تحت‭ ‬الضوء‭ ‬وليس‭ ‬خلف‭ ‬الكواليس‭ ‬التي‭ ‬اعتاد‭ ‬تفضيلها‭ ‬سواه‭ ‬في‭ ‬بغداد‭ ‬،‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يناقش‭ ‬فكرة‭ ‬التعايش‭ ‬ونبذ‭ ‬الحروب‭ ‬وحماية‭ ‬الأجيال‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬منطق‭ ‬الدول‭ ‬المسؤولة‭ ‬،‭ ‬حيث‭ ‬يتطلع‭ ‬الى‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬للكرد‭ ‬دولة‭ ‬ذات‭ ‬مسؤولية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬،‭ ‬وليس‭ ‬دولة‭ ‬مارقة‭ ‬أو‭ ‬مهددة‭ ‬لجيرانها‭ . ‬

ربما‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يقلق‭ ‬الجانب‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬والعراق‭ ‬،‭ ‬وبدرجة‭ ‬أقل‭  ‬تركيا‭ ‬وايران‭. ‬

‭ ‬الدولة‭ ‬المستقبلية‭ ‬للكرد‭  ‬تنبع‭ ‬من‭ ‬اقليم‭ ‬كردستان‭ ‬العراق‭  ‬وحده‭ ‬وتصب‭ ‬فيه‭ ‬،ولن‭ ‬تكون‭ ‬دولة‭ ‬لكرد‭ ‬البلدان‭ ‬الأخرى‭ ‬،‭ ‬لتبدأ‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬أحلام‭ ‬الوحدة‭ ‬الكردية‭ ‬التي‭ ‬ستتصدى‭ ‬لها‭ ‬الدولتان‭ ‬الأكبر‭ ‬في‭ ‬الاقليم‭ ‬الشرق‭ ‬أوسطي‭ ‬،‭ ‬تركيا‭ ‬وايران‭. ‬في‭ ‬موقف‭ ‬أراه‭ ‬مشابها‭ ‬لما‭ ‬كانت‭ ‬عليه‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬ولدت‭ ‬متناثرة‭ ‬،‭ ‬ثم‭ ‬خرجت‭ ‬فيها‭ ‬أحزاب‭ ‬وشخصيات‭ ‬تنادي‭ ‬بالوحدة‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬يتخبط‭ ‬الجميع‭ ‬ويتناقض‭ ‬ويهلوس‭ ‬أحياناً‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬المناداة‭ ‬بها‭ ‬أو‭ ‬المناداة‭ ‬بعدم‭ ‬قيامها‭ ‬أيضاً‭.‬

رئيس التحرير

fatihabdulsalam@hotmail.com

لندن

مشاركة