الدرهم

الدرهم يحيى صاحب بغدادحَسَناً يفعل : قالها، ولم تكُن بينه وبين نفسه، تماماً ؛ لقد سمعها وهي تنسلّ من بين شفتيه، وفيها ما ليس قليلاً من التهكُّم. أم كانت كُلّها كذلك ؟ وعقّب : لن يكون الأخير. وقال : ألم يتّصل هو بي ؟ بِمَ يختلف ؟ ولم يُصوّتْ في فمه جريشُ الدهشة، غير أنّه أحسّ به، وهو يحتكّ بعضه ببعض، وتتفتّت جرّاءَ ذلك دوائرٌ وتتبعثر. ألمسألة ليست مسألته، وهو، لا يعدو واحداً منهم ؛ ممن لا يهمُّهم، أبداً، ما يترتّب عليها. وبدا له لا أكثر من بوق صغير، مفتوح الطرفين، يستقبل من أحدهما هواءً، ليُمرّره من طرفه الآخر، بإعادته، ثانيةً، إلى الهواء. لقد حسم الأمر، سريعاً. وكأنّ من غير المعقول، بالنسبة إليه، أنْ يبقى مُعلّقاً، وهو يُواصل طرح الأسئلة. سَحَبَ شيئاً ووضع بدله شيئاً. ولم يختلف الأمر كثيراً. لقد اطمئن، الآن. أليست معلومة ؟ قال. ولم يقُل : إنّها أفضل من لا شيء. وإنْ بدا على مُحيّاه معنىً لا يختلف كثيراً عن هذا. قال، في نفسه، الآن : لماذا أنتظرُ منه أكثر من هذا. ووجد من العَسْف أن يفعل معه ذلك. إنّه كأُولئك، تماماً، بسيطٌ وطيّب. ومع ذلك، فإنّ هذا النوع من البشر، مهما بلغت درجة ذكائه، يظلّ من أكثرهم احتشاءً بغفلة، واستجابةً لاستغفال. وإنّه، بدون هذا أو ذاك، ضحيّة أبديّة. سكت. ولم يأخذْهُ الضَّغْنُ، بعيداً. فيما انهمك القالبُ بسكِّ وإخراج واحدٍ آخر، لا يختلف عنه كثيراً. كانوا دراهم. بَيْدَ أنّها ما كانت مُحايدة، أبداً، كهذه، أو ذات نفْعٍ مثلها. وتدحرج، كما لو سقط من يد، وواصل الدحرجة على حافته المُحزّزة، مُندفعاً إلى أمام، واستدار شبه دائرة، قبل أن يستقرّ على أحد وجهيه. وكان : طُرّة

مشاركة