الخطاب الإعلامى للرسول الكريم (2)
أراد النبي محمد (ص) ان يكون القدوة وان يكون نبي العرب الى العالم الذي حاول ان يعيد للقيم العربية اصالتها وكرامتها الحقيقية بعد قرون طويلة كانت القبلية فيها هو الرمز, ولكنه استهل منها خاصية الكرم والشجاعة التي فيهما فضيلتان تبدو له ملازمة للعربي وهما صفتان تشكل العمود الاساس العربي في نظام القيم العربية وفي جميع الاحوال يبقى هناك شيء مازال قائما بكل تأكيد وهو ان الخطاب الرسالي للنبي محمد (ص)عند قرائته بتأن يمكننا القول ان لدى الاسلام دوما الجديد الذي يبعث فينا الدهشة, فهذا البناء القبلي الذي حقق علاقات وثيقة جدا بين اعضاء القبلية وهذا البناء الواسع موجود في الاسلام وعند جميع المستويات بقدم روابط اكثر متانة بكثير مما يقدمه النظام القبلي فهو اكثر قوة واذا انتقلنا الى النطاق الروحي سنلاحظ ان الامر يتعلق بالانسانية حيث يقدم الاسلام نموذجا للتعايش مع باقي الايان لما يملكه من اصالة وجدة في حل المشكلات التي يعاني منها العالم مذكرا انه لابد من الربط بين المكونات الروحية والاشكال التعاونية سواء تعلق الامر بالانتاج ام التوزيع او بصيغ التعاملات والمعاملات اذا تم غرسها بنمو طبيعي وهو لمسناه عند تعلق الامر بالجانب الاجتماعي اذ اننا سنتعرف على طريقة حياة هي دون شك فريدة في العالم والتي سمحت لنا بالتاكيد ان نفهم كيف ان القيم الاسلامية وموروث تلك المجتمعات التي وصلها الاسلام يمكنهما التوافق على الارض وليس فقط داخل الارث الاداري للافراد لما قدمه من طريقة مدهشة وتجربة ثرة ونذكر منها ان احدى الدول هي الان في روسيا كانت تعيش على اصناف من الكروم يعتاش منها السكان لصناعة النبيذ ولما كان ذلك محرما بعد اعتناقهم الاسلام فقد استقدم المسلمون اليهم من بغداد نوعا من الكروم لايستخدم في صناعة النبيذ بل يكون بديلا كمورد اقتصادي مستخدما الخطاب النبوي محمد (ص)لاضرر ولاضرار) وكذلك يدعو الى عدم الاسراف في مواد الطبيعة لانها ملك لنا وللاجيال المقبلة عندما قال (ص) (الاتسرف في الوضوء ولو كنت على نهر( فهو الرحمة المهداة لكل البشر وخطابه يصلح لكل العصور كمعلجات لمشاكلنا وهواجسنا والغاء كافة الفوارق (لا فضل على عربى على اعجمى الا بالتقوى) وقد حرم الاسلوب القبلى فى حل المشكلات المادية بين ابناء البشر فقال (ص) ” المسلم على المسلم حرام ،ماله،ودمه ، وعرضه “ولم يكسر العادات والتقاليد المتوارثة بل شذبها فقال (ص) ايكم والجلوس على الطرقات ،فقالو: وماهو الطريق فقال: كف الاذى وغض البصر ورد السلام فكان لين القول بالمؤمنين رؤؤف رحيم.
فهذا الخطاب اينما حل فانه يعطى رؤية موحدة ولكنه بفعل تجدده مع الزمن فانه اصبح مقبولاً قانونيا فى هذه البلدان المترامية الاطراف لاجل ضمان حصوله على مايلزم من الفهم والتطبيق ناهيك عن الالزامية والا فما هو السر فى ان رجلا اميا بسيط العيش والملبس له كل هذا الحظور والجواب واضحا وبسيطا فلقد كان خطابه الاعلامي مفعم بالحيوية والدقة الموضوعية فلم يكن متشنجا بل مقنعا يحدده الامر بالتغيير والتجديد وان يكون صالحا لكل العصور والازمان وبلغات متعددة ولكن باْطر من الفهم الموضوعى والذاتى بشكل مقبول من العالم والجاهل وهذا هو سره الدائم الذى ظل خالدا كخلود المعتقد فالله حافظا له والقران هدايته ومحور افكاره وقوانينه وجاء فى القول المنزل ” انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون” ومادام مرسل الخطاب لاينطق عن الهوى وانما هو وحي يوحى وهو قران يمشي على الارض فان خطابه الاعلامي هو ليس فقط دعائياً لقضية معينة ولكنه الزامي لكل من امن بالله واليوم الاخر من المسلمين فالرسول محمد (ص( لم يكن ناقلا للكلام فقط ولكنه (عنصرا فاعلا وناقلا ومؤثراً( وفقد اصبح خطابه مقدسا وكلامه قانونا وهو ما ان يندر ان يحدث باشكال الاتصال فباعث الرسالة يمكن تقبل الافكاره والمفردات التي تحتويها او ترفض ولكنها في الخطاب الاعلامي النبوي هي رسالة شريعة ملزمة رغم اختلاف لظروف و الاماكن وهذا ما يظعنا في مجال التوصيف وليس التحقيق في مجمل الخطاب الاعلامي النبوي لاننا وجدناه متكاملا وسبق النظريات العلمية الاتصالية فقد جعل العالم قرية كونية واحدة .
خضير العقيدي – بغداد