التوازن بين طاقتَي الذكورة والأنوثة -نوال الجراح

 

نوال الجراح

كثير من النّساء في عالمنا العربي تُعاني من ألمِ الخُذلان أوالخيانة أو عَدم ألاهتمام والتقدير مِن زوجِها وهذه ألمعاناة لها أسباباً عديدة منها سوء الإختيار للشريك، أو وجود أختلافات جوهرية بين الزوجين وعدم السّعي الجاد للوصول الى إيجاد نقاط مشتركة بينهما للوصول لحياة زوجية يسودها ألإنسجام والتّقبُل .
لكن هناك سبب مهم جداً رُبّما لَم يَلتفِت إليه أغلب الأزواج أحببتُ أن أُسلِّط الضوء عليهِ وهو :
التوازن بين طاقة الذُكورة والأُنوثة.
الله خلقَ الكون وفيه الشيء ونَقيضهُ وخلقَ من كلِ شيء زوجين، الّليل والنّهار، الشّمس والقمر، السّماء والأرض، الصّحة والمرض، الرجل والمرأة، كما ورد في القران الكريم في سورة الذاريات الآية 49:
﴿ وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾
كُل إنسان فيه طاقة الذكورة والأُنوثة لكنْ بنسبٍ متفاوتة فالأُنثى لديها طاقة الأنوثة بنسبة تصل الى 70٪ وطاقة الذكورة بنسبة 30٪ بالمئة بينما الرجل فيه طاقة الذكورة بنسبة 70٪ وطاقة ألأُنوثه بنسبة 30 ٪
تتصف طاقة الذّكورة بالسّعي والإنجاز والحركة والحماية وكذلك التركيز على الهدف وعدم الإهتمام بالتفاصيل.
وطاقة الأُنوثة تتصف بالإستقبال والحب والهدوء والإبداع والتفاصيل إضافةً للأهتمام بالجمال الداخلي والخارجي، فإذا كان لدينا وعي بهذا الأمر وأهميته في حياتنا عموماً والزوجية خصوصاً إِستطعنا أن نحيا حياةً طيبة فيها من إلاستقرار والسكون والتوازن لانّ الكون يسير وفق ما أراده الله أيْ وفق نِظام كوني دقيق، لكن تحدث المشكلة عندما يختل التوازن بهذه الطاقات نتيجة قِلة الوعي بهذه المسألة المهمة، ونعيش أدوار عكس ما هو مطلوب منا،
فإذا كانت طاقة الذكورة عالية جداً ولم يفعّل الرجل الطاقة الأُنثوية لديه اتسم سلوكه بالحدّة والصلابة والقسوة في تعامله مع عائلته والآخرين، وعدم القدرة في التعبير عن مشاعره وعواطفه مع أُسرته مما يسبب فجوة بين الزوجين وحرمان عاطفي تُعاني منه أغلب الزوجات ، وإذا كان الزوج على قدر من الوعي بهذه المسألة أستطاع أن يغيّر تدريجياً من سلوكه ويُفعّل الطاقة الأنثوية والتي تُحرّك مشاعره كي يتعامل بها مع نفسه وأُسرته ومحيطه الأجتماعي وممكن أن يكون للزوجة دور بتفعيل الطاقة الأنثوية لديه بأن تتعامل معهُ باللّين واللُّطف والحنان ليهدأ ويشعر بتلك العوطف والمشاعر التي لديه ويُفعّلها في حياته مما يحقق التوازن المطلوب.
وقد نجدالمرأة عندما تتصرف (لقلة الوعي ) بأعمال هي ذكورية في الاساس فهي تُفعّل الطاقة الذكورية لديها أكثر مما يُسبب نفور الزوج منها بمرور الأيام لشعوره بفقدان قيمته ودوره وأهمية وجوده فتحدث مشكلات زوجية ولاتُدرك أنّها السبب فيها، وربّما يبحث عن إمرأة ثانية لسد النقص لهذا الشعور.
ومن هذه الصفات الذكورية التي تتصف بها بعض الزوجات ، الصوت العالي، العصبيّة، حُب السيطرة، قيامها بِأعمال ليست من واجبها شرعاً وقانوناً، مثل الإنفاق والإدارة المالية للأُسرة واتخاذ القرارات المهمة منفردة والتي تُحجم دور الرجل وعدم إعطائه المساحة الكافية لأخذ دوره في القيادة والإدارة والإنفاق والتي تدخل ضمن القِوامة المُكلّف بها من الله سبحانه وتعالى.
كل هذه الصفات والمبادرات من قِبل الزوجة لاتتناسب وطاقتها الأُنثوية التي عليها الإهتمام بها.
ورغم ماتقوم الزوجة من أدوار وأعمال ذكورية (تضحيات حسب وجهة نظرها) تكون هي السبب في حدوث هذا الخلل في الطاقات وبالتالي حدوث الكثير من المشكلات الزوجية.
تُصاب الزوجة هنا بصدمة كبيرة قد تُسبب لها انهيار والشعور بالإنكسار والخُذلان والغدر وتتساءل مع نفسها كأنها تصحو من كابوس للتّو
بعد كل هذه التضحيات لزوجي يفعل هذا معي؟
أيضا من المُعتقدات الخاطئة لدى بعض النّساء في المجتمع العربي أعتقاد المرأة أنّ طاقة الأُنوثة تعني التّميع والخضوع في التعامل مع الاخرين والغير مقبول (شرعا وعرفا) أو لبسها الغير لائق واظهار مفاتنها، فهذا ليس له علاقة بطاقة الأُنوثة
طاقة الأُنوثة تعني الأهتمام بنفسها من الداخل قبل الخارج مع مراعاة مظهرها بشكل لائق بسيط محترم، تتعامل بحب وهدوء ولطف مع زوجها واستقبال الأهتمام والحماية والرعاية التي يُقدمها لها الزوج .
قلة الوعي بأهمية طاقة الذكورة والأُنوثة ودورها في نجاح الحياة الزوجية وقلّة الوعي بأهمية دور كل من الزوج والزوجة في الحياة الزوجية والقيام به تُسبب هذه المُعاناة التي تشكتي منها كثير من الزوجات.
انا لا أدعو الزوجة أن تتصف بالأنانية أو لا تُساند زوجها وعائلتها خاصة في وقت الأزمات، لكن مهم جدا أن تُدرك مالها من حقوق وهل متحققة في حياتها، وما عليها من دور ومسؤوليات كي تقوم بها على أكمل وجه ولاتغفل عنها وسط انشغالها بمهام ليست مكلفة بها أساساً وتُدرك بعض التفاصيل المهمة في الحياة الزوجية وترى مدى تحقيقها بشكل متوازن في حياتها حتى لا تتفاجأ بمشكلات ربّما تكون هي السبب فيها.
الله خلق الرّجل والمرأة ووضع لكلٍّ منهما دور ليقوم به فإن أدرك ووعى كل منّا ذلك وعمِل وفقَ هذه القوانين الكونية أستطاع أن يُحقق التوازن المطلوب لحياة آمنة هادئة مُرضية لكلاهما وهذا ما يسعى اليه كُل الأزواج وبالتالي أُسرة تحيا وفق أُسس سليمة قادرة على تنشئة جيل واعي متزن.
مشاركة