التابل السومري يورق من جديد
جواد كاظم غلوم
مهما تبعدْ ..أومئْ للريحِ أن تُلاحقَـك
تهربُ الى تخومِ الارض…أشيرُ لخيالي ان يحسبَ خطواتِـك
تندسّ في رفوف الذاكرة المتربة…..أُظهرُك بفرشاة حنيني
تحلّقُ في اقاصي السماء…..أغمزُ للغيم ان يتبعَ ظلَّك
اعلمُ انّ غيابَك ألعوبةُ أتقنَها حمامٌ زاجلٌ راحلٌ00
علقتْ تحت جناحيهِ قصَبةٌ سومرية
توسّلت للأنفاس ان تكونَ مزماراً هائما في الشتات
ينفثُ أحزانَه في أوطان الثلوج ، يسمعهُ البرديّ والماء
والطيورُ المهاجرة والمشاحيفُ التي أثقبَها الانتظار
هَلُمَّ إليَّ أيها السومريّ الباكي العاشق
أكادُ أتقطّعُ بشفرة الشوق
أخافُ انْ ينهشَك غرابُ الغربة
سأبعثُ الثورَ المجنّحَ ليأخذك إليَّ
يوصلَك الى ملاعبِ الماء
فرشتُ عتَبة البيت بالمواويل والعتابا
ملأتُ فمي بالأبوذيات
أصقلتُ حنجرتي بالنايل والزهيري
مرّنتُ يديَّ المشلولتين ترقّباً للعناق
أحضرتُ كيسَ الحنّاء لأخضّبَ أصابعَك
أزفّكَ عريساً ترقى أدراجَ الزقورة
تنذرُ جيش العاهرين والأنذال بهزائمَ منكرة
ستجيء ولو آجلاً ، تعلمني فنون القتال
ولكن إياك ان تصحبَ معك الرايةَ البيضاء
فأنا أتطيّرُ من الانكسار والاستسلام
مهما كانت جراحي عميقةً
وقيودي ثقيلةً في الأسر
أكرهُ مرارةَ الهزيمة
حتما ستحطّ على جداري طيراً أخضرَ الريش
مهما أوجعتْهُ خدوشُ المنفى
تبسطُ جناحيك ولو على مرمى حجرٍ من الشيخوخة
ستجيءُ ولو حلما
فالحلمُ آخرُ الموتى
آخرُ الاصدقاء المغادرين
قد نسجتُ بساط َعطفِك خيطاً خيطا
رتّقتُ أردانَك وكسوتُ قلبَك صلابةً
طرّزتُ ارضَك عشباً
ركزْتُها شجَرا وافراً
ايها البعيدُ الذي لامسَني ومرّغ وجهي بأناملهِ
أيها السومريُّ ذو الرأسِ الاسود
سأحكي لك ما الذي فعلتْ بي أظفارُ الوحوش
ورعدةُ الخوف وخضخضةُ الهلَع
سأقصُّ عليك أكثرَ القصص تشويقا
كيف وسْوسْتُ للحروف ان تنامَ معي
فرشتُ لها بساطاً وثيرا
عملتُ من زنْدي وسائدَ لتغفوَ أحلامُك معي
حملتُها بين أضلعي
لتكونَ قريبةً من القلب
تناجيه وتوشوشُ له خفاياي
سهَري وأنا أغازلُ الكلمات
أنوّمُها على مهْدٍ من الحرير الدمقسيّ
مغطاةً بأوراقي الدافئة
وأنا أتجرّحُ على فراشٍ من الحسَك
انا الصبّ السومريّ الذي ملأَ الارضَ عويلا
انا العاشقُ الذي تنزّهَ في البراري فردا وحيدا
أحلْتها ورَقاً اخضر وصيّرت الحصى فراقدَ
وفصوصَ سحرٍ ، رجمْتُها على الغجر والحواة
وقرّاء الطالع ومروّضي القرود
من اللاعبين على الحبال
والقافزين بِخِفّةٍ على الأراجيح
في سيرك البهلوانِ الراقص
سأحمل حجارتي إليك
لرمي جمرةِ العقبة على أباليس بلادي
نرجمُ الأسى ونلوي عنقَه
نقرصُ أذنَه ُ تأديباً
لااريدُ ان تستترَ كضميرٍ غائب