البنك المركزي وضبط إيقاعات الإقتصاد – خليل ابراهيم العبيدي

البنك المركزي وضبط إيقاعات الإقتصاد – خليل ابراهيم العبيدي

كغيره من دوائر الدولة أصاب البنك المركزي العراقي وباءا تمثل في تتابع تراجع أدائه المصرفي كبنك للبنوك كمنظم للاقتصاد، وحارس لقيمة العملة الوطنية ، فبالإضافة إلى تراجع قيمة عملنتا الاسمية على يده هو  ، جراء خضوعه لمطلب وزير المالية المستقيل بتخفيض قيمة العملة أمام الدولار ، انخفضت قيمة العملة الحقيقية بنسبة 25 بالمئة وهذا الانخفاض جر الويلات على الاقتصاد الوطني وارتفعت اوزار الفقر على المواطن البسيط الذي لم تكن له لا ناقة ولا جمل في مشروع ذلك التخفيض العقيم الذي لم ينجب كما ادعت وزارة المالية إصلاحات اقتصادية ، بل انجب تصاعدا في الأسعار بما لا يقل عن 30 بالمئة للدواء أو الغذاء أو مستلزمات التربية والتعليم وهذه هي بوصلة الاستقرار الاقتصادي لدى دول العالم .

أن وقوف البنك المركزي عاجزا أمام تدهور العملة الوطنية وتذبذبها أو السكوت على سلوك الدولة الاقتصادي المشين ، لم يكن إلا مؤشرا اما لجهالة المسؤول أو لأنه يتصرف بتعمد على تدهور الأوضاع المعيشية والتنموية للبلاد. وأنه بات يحاكي التزييف عندما يترك المهم ليفكر بإصدار فئة جديدة من العملة ، وهو اصدار لا داعي له ولا وله قيمة مضافة .

أن تغول مزاد العملة والإصرار عليه يعد بمثابة عملية مدروسة لإيقاف الإنتاج الوطني وتعطيل قدرات الفئات الشبابية القادرة على الخلق والإبداع وخلق المنفعة في موارد العراق الطبيعية المنهوبة أمام أعيين الحكومات الفاشلة المتعاقبة منذ العام 2003. وان الاصرار على سفور المصارف الأهلية وعدم خشيتها من أصول وقواعد الصرف والتحويل الخارجي جعل من العراق تابعا ذليلا لإنتاج الغير وعملة الغير وسياسة هذا الغير الاقتصادية ، وما تناغم المركزي مع المصارف الأهلية إلا وسيلة لتهريب العملة إلى جهات معلومة ، أو مجهولة ، ولكن بنوايا واحدة تتمركز حول استمرار التبعية الاقتصادية للغير.

أن البنك المركزي يستطيع ضبط إيقاع الاقتصاد العراقي وذلك بالعمل على مراحل على إيقاف منصة مزاد بيع العملة ، وان يمنح وزارة التجارة مدة ثلاثة أشهر ،لوضع جدول بالاهمية النسبية للسلع والبضائع المستوردة للقطاع الخاص ، وان يعمم على الدوائر الحكومية حصر احتياجاتها السنوية من السلع المستوردة لأغراض نشاطاتها الحكومية ، وان يتم بعد ست اشهر وضع سياسة الاستيراد وفقا لاولويات الحاجة وسلم الاهمية النسبية ، وان يكون الابتداء بالمواد الأساسية الغذائية ، والطبية والإنشائية والملابس والأثاث ا و أي مواد تكميلية تتطلبها الحياة اليومية ، وان يصار إلى اعتماد جدول بمتوسط الأسعار العالمية ، وهذا من صميم عمل وزارة التجارة ، وعلى الدوائر الحكومية تأمين حاجاتها من السوق المحلية أو الاستيراد من الأسواق العالمية وفقا للأسعار العالمية ، وبعد إجراء ما تقدم يعلن البنك المركزي عن استعداده لتلبية الحاجة المحلية للسلع والخدمات عن طريق فتح الاعتماد والتحويل بعد اكتمال الدورة المستندية ووصول اشعار البنك المراسل بالشحن ، وفقا لما كان معمولا به قبل العام 2003 ? ويمكن للبنوك الحكومية وفروعها فتح الاعتمادات ، لحين ضبط المصارف الأهلية وتدجين عملها وفقا لخطة التحويل الخارجي المقترحة. أن إنقاذ العملة الوطنية مما هي عليه ، يتطلب قيام البنك المركزي بالخطوات التالية .

اولا … تصفير العملة ، القيام بالعودة إلى وحدة الدينار والمتمثل بالدينار القديم المغطى ، وهو ما يساوي الف فلس  .

ثانيا …إعادة العمل بفئات العملة المعدنية ضبطا  لإيقاعات الأسعار وتمهيدا لعملية تخفيص هذه الاسعار .

ثالثا…الإعلان الاولي بأن سعر الدينار الواحد يساوي دولارا واحدا وهذه العملية تتم بعد حصر إجمالي الكتلة النقدية المتداولة حاليا.

رابعا …يتم استبدال الدينار الجديد مقابل .1470. دينار عراقي قديم .

خامسا يتم فتح الاعتماد بالدينار العراقي الواحد مقابل دولار امريكي واحد محول للمجهز .

أن البنك المركزي اضافة لما تقدم دور قيادي في ضبط إيقاع التضخم والتحكم فيه عن طريق ضبط اسعار الفائدة أو التحكم حتى بالتداول النقدي عن طريق طرح سندات القرض الحكومية ، أو حجب جزء من الرواتب ، أو زيادة تلك الرواتب ، مع الأخذ بنظر الاعتبار وضع حد أدنى ومعقول للأجور في القطاع الخاص او تعاقدات القطاع العام.

أن سياسة الاقراض الحالية لم تأت بثمارها الإنتاجية المطلوبة ، وان المصارف الأهلية لم تكن لتأخذ دورها في التنمية الاقتصادية ، بل كانت ولا زالت شركات تتاجر بالاموال ، أو اقتصر عملها على الصيرفة والتحويل الخارجي ، وهذا ليس دورها القانوني ، لا بل إن دورها أضر بالاقتصاد الوطني واضر بقيمة الدينار العراقي .

أننا نطالب البنك المركزي بالعودة إلى قانونه الأساس كبنك للبنوك وكحارس للعملة وضابط للتضخم والانكماش ، وعدم الانكماش على ما هو مطلوب منه في عالم إصدار العملة والحفاظ على قيمتها الحقيقية.

مشاركة