الإعلام والسياسة .. علاقة  تأثير متبادل – كامل الدليمي

الإعلام والسياسة .. علاقة  تأثير متبادل – كامل الدليمي

يُعدّ الإعلام أحد أهم ركائز الحياة العامة في المجتمعات الحديثة، فهو النافذة التي يرى منها الناس ما يحدث حولهم، وهو الأداة التي تُصاغ من خلالها الأفكار وتُوجَّه بها الرأي العام. لكن يبقى السؤال قائمًا: هل الإعلام هو الذي يؤثر في السياسة وصنّاع القرار، أم أن السياسة هي التي تتحكم في الإعلام وتوجّه مساره؟ يُعّد الإعلام قوة ناعمة مؤثرة وليس مجرد ناقل للأحداث، بل هو لاعب أساسي في تشكيل الوعي الجمعي. فقد يُسقط حكومة أو يرفع من شأن أخرى عبر تسليط الضوء على ملفات معينة وتجاهل أخرى. وفي أوقات الأزمات، يكون لوسائل الإعلام الدور الأكبر في تعبئة الجماهير أو تهدئتها. من هنا، يظهر الإعلام كقوة ناعمة قادرة على الضغط على السياسيين ودفعهم لتغيير مواقفهم أو سياساتهم بما يتوافق مع المزاج الشعبي.

السياسة تتحكم في الإعلام أيضًا

في المقابل، السياسة تتحكم في الإعلام ايضاً ، ولا يمكن إنكار أن السياسة تمارس سلطتها على الإعلام بطرق مباشرة وغير مباشرة. فبعض الأنظمة تستخدم القوانين والتشريعات للحد من حرية الصحافة، بينما تلجأ أخرى إلى تمويل المؤسسات الإعلامية أو توجيهها بما يخدم مصالحها. بل إن بعض وسائل الإعلام تتحول إلى أدوات دعائية بحتة تعمل على تلميع صورة السلطة وتبرير قراراتها. الحقيقة أن العلاقة بين الإعلام والسياسة ليست علاقة أحادية الاتجاه، بل هي علاقة جدلية متبادلة التأثير. فالإعلام قد يكون صوت المجتمع في مواجهة السلطة، وقد يكون لسان حال السلطة في مواجهة المجتمع. وفي النهاية، تحدد طبيعة النظام السياسي ومدى نضج المجتمع المدني مَن يملك اليد العليا في هذه العلاقة. ونستخلص من ذلك ان الإعلام يؤثر في السياسة، والسياسة تؤثر في الإعلام، وكلاهما لا ينفصل عن الآخر. لكنّ ما يضمن توازن هذه العلاقة هو وجود إعلام مهني مستقل، قادر على ممارسة دوره الرقابي دون خضوع كامل لإملاءات السلطة، وفي الوقت نفسه مدرك لمسؤوليته تجاه المجتمع وقضاياه .

مشاركة