
الأباء والأبناء وتقرير المصير – عبد المحسن عباس الوائلي
كثيرا ما يحدث جدل حاد بين الطالب وابيه وبقية افراد الاسرة عن مستقبل ابنه الطالب ومما لاشك فيه ان الاب حريص على ولده ويتمنى له كل الخير مثلما يراه ولكن الطالب يكون احيانا محدود القدرة وقليل التجارب لان حياته ستبدأ بعد اجتياز مراحل الدراسة ولهذا نجد كثير من الاسر لديها ابناء يتوجهون الى الجامعة بعد الثانوية ، منهم من حدد الاختصاص الذي يريده ويسمح له به مجموع الدرجات الدراسية التي حصل عليها. وقرر وعزم وتوكل على الله. وبقيت امامه قضية القبول الجامعي. ومنهم من لم يستطع بسهولة ان يحدد اي اختصاص يختار، والى اية كلية يتوجه. وقد يعود سبب التردد الى عدم القدرة على الحكم على نوعية المقررات التي سيدرسها او امكانية الحصول على وظيفة مناسبة بعد التخرج.
وبعض اولئك الابناء قد حدد الاختصاص الذي يرغبه ولكنه لايستطيع الالتحاق بالكلية التي تقدمه، لان الاسرة تقف حائلا بينه وبين ذلك الاختصاص فالاباء يريدون لابنهم أو لابنتهم اختصاصا معينا بينما لايرغب الطالب في دراسة ذلك الاختصاص.
وتتكرر هذه المشكلة عند بعض الاسر في بداية كل عام دراسي. ومع كل فوج او دفعة جديدة تتوجه الى الجامعة. فيعاني الابناء كثيرا، وبعضهم تخف معاناته بعد حين ولكن بعضهم ايضا تستمر معاناته حين يتوجه لدراسة تخصص لايرغبه ومن ثم لايستطيع النجاح في المقررات المطلوبة بالمستوى الذي يرضيه ويرضي ذويه. وكثير من هؤلاء الطلبة نراهم يغيرون اختصاصهم بعد مدة ، او يضطرون للانسحاب من بعض المقررات او من الجامعة ككل.
فما الذي يدفع الاباء الى الضغط على الابناء لاختيار اختصاص معين؟
ان الذي يبحث في اعماق المشكلة يجد ان اولئك الاباء يتصرفون هذا النوع من التصرف بناء على خلفيات معينة.
فأما انهم يعتقدون ان ابنهم او ابنتهم في سن قاصرة لاتسمح له بالاختيار الذكي والواعي.
واما انهم يعتقدون ان مستقبل ذلك التخصص افضل وعلى الابن ضرورة الاستجابة، لانهم يعتقدون انهم يرون اشياء لايراها ابناؤهم.
واما انهم كانوا في الاصل يرغبون في تحقيق بعض الطموحات والتي لم تسمح لهم ظروفهم بها، ومن ثم يريدون ان يحققها ابناؤهم بدلا منهم، او لانهم يريدون ان لا يكون ابنهم يقل شأنا عن ابن فلان او بنت فلان مهما اختلفت رغبة الابناء، او مهما اختلفت قدراتهم الحقيقية. وتكون النتيجة تلك المعاناة الشديدة التي يعانيها اولئك الابناء الذين لايستطيعون مخالفة الاهل ولا يستطيعون في نفس الوقت الاستجابة لهم عن رضا مما ينعكس تأثيره عليهم، وعلى دراستهم، وعلى وضعهم النفسي. فاذا كان من حق الاباء ان يوجهوا وينصحوا ويرشدوا، فهل من حقهم، هم وحدهم، ان يقرروا مصير ابنائهم..؟!


















