إيران ومستقبل العلاقة مع وكالة الطاقة الذرية – إياد العناز

إياد العناز

تتفاعل الأحداث وتتصاعد حدة المواجهات بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية والقيادة الإيرانية في ضوء التطورات الميدانية والقرارات التي اصدرها مجلس الشورى الإيراني ووافق عليها مجلس صيانة الدستور بمنع دخول مفتشي الوكالة الدولية للأراضي الإيرانية واعتبارهم جواسيس لجهات دولية أخرى، جاءت هذه الإجراءات بعد الضربات الجوية والصاروخية الإسرائيلية فجر يوم الثالث عشر من حزيران 2025 تجاه العمق الإيراني وبعدها المشاركة العسكرية الأمريكية التي استهدفت المنشآت والمواقع النووية في ( نطنز وفوردو وأصفهان) عبر استخدام الطائرات المقاتلة والصواريخ الموجهة.

أن القرار السياسي الإيراني كانت له دوافعه الداخلية وأسبابه الذاتية في اعتماد صيغة عدم التعامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتحميل مديرها العام ( روفائيل غروسي) مسؤولية ما حدث واعتباره أحد الأدوات الفاعلة التي استندت إليها الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل في ضرب المواقع النووية واستهداف عمليات تخصيب اليورانيوم وخزن الطرود المركزية الفاعلة والمواد الانشطارية.

ولأجل معالجة وإعادة العلاقة المتبادلة بين الحكومة الإيرانية ومحافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، شرعت الدول الأوربية ( ألمانيا وفرنسا وبريطانيا) والتي تعتبر من الدول الرئيسية التي ساهمت في تحقيق اتفاقية العمل الشاملة المشتركة في تموز 2015 مع روسيا والصين والولايات المتحدة قبل انسحابها من الاتفاقية في آيار 2018، إلى دعوة إيران إلى اجتماع موسع عقد في مدينة إسطنبول التركية في الخامس والعشرين من تموز 2025 بحضور وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي ونظرائه الأوروبيين لإعادة ملفات الحوار حول البرنامج النووي الإيراني واعتماد صيغ جديدة لاتفاق نووي دائم ومراعاة الفترة القادمة والتي يتحدد فيها مدى التزام إيران بما أُتفق عليه من بنود وفقرات وقعت عليها في اتفاقية 2015، والتي سيتم مراجعتها في الثامن عشر من تشرين الأول 2025 من قبل ( ألمانيا وفرنسا وبريطانيا) و اطلق عليها مصطلح ( آلية الزناد) والتي بموجبها إما أن ترفع العقوبات الاقتصادية عن إيران أو تجديدها وإمكانية إحالة الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن الدولي لاتخاذ الإجراءات القانونية واعتماد الفصل السابع في قرارات المجلس ضد إيران لعدم التزامها وتنفيذها لما أُتفق عليه في اتفاقية العمل الشاملة المشتركة.

وإيران تدرك خطورة هذه الإجراءات عليها في وقت تسعى فيه إلى رفع العقوبات عنها وإطلاق أموالها المجمدة، فسعت لحضور المؤتمر مع وزراء الدول الأوروبية وناقشت الشروط الأوربية بعودة العلاقة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وبدأ الجولة السادسة من المفاوضات مع الإدارة الأميركية حول اتفاق نووي قادم، ولكن الإيرانيين طلبوا رفع العقوبات الاقتصادية قبل الشروع بقيام مفتشي الوكالة الدولية بزيارة إيران والاطلاع على المنشآت النووية التي تم أستهدافها بالضربات الجوية الأمريكية، رغم معرفة طهران بموقف واشنطن الرافض لعدم تعاونها مع مفتشي الوكالة وإمكانية تعزيز العقوبات عليها وهو ما حصل في الأيام الأخيرة، ولكنها تحاول أن تستعيد مكانتها والعمل باتجاه تحديد مسارات أي عملية للتفاوض تحقق لها أهدافها وغاياتها ولكن بالقدر الذي يحمي مكانتها الاعتبارية.

ستبقى المباحثات النووية بين إيران وامريكا هي المعيار الأساسي لدفع عجلة التقدم نحو اتفاق نووي أو تصعيد للعمليات العسكرية ومواجهة قادمة بين إسرائيل وإيران، وأن عدم مراعاة وفهم الأوضاع القائمة وما يحيط منطقة الشرق الأوسط والوطن العربي من متغيرات سياسية وأحداث ميدانية قادمة، يعني تحمل تبعيات أي قرار من قبل القيادة الإيرانية بضرورة العودة للمفاوضات أو احتمالية انتظار مواجهة عسكرية أكثر خطورة مما حدث في الثالث عشر من حزيران 2025.

مشاركة