
إقليم كردستان ماض إلى خياراته الأخرى
فاتح عبدالسلام
علامات أزمة جديدة بين اقليم كردستان والحكومة المركزية تلوح بالأفق . وهي الأزمة القديمة التي لم تجد حلاً وظلت تراوح في مكان الحلول الترقيعية وصفقات الترضية الصغيرة والإضطرارية بسبب حراجة الوضع العراقي عموماً. لكنها أزمة ثقة واضحة وعميقة مغذاة من الخارج ليس لها في الأجندات السياسية المحلية أية حلول من الممكن أن تنقل الحال من أزمة وتهديد بالعودة الى نقطة الاحتدام والتصعيد الخطير الى الإستقرار والانطلاق لحل مشاكل أكثر خطورة على مستقبل العراق .
اقليم كردستان على حسب آخر تصريح لرئيس حكومته نيجرفان بارزاني سيتجه الى خيارات أخرى لم يسمها في حال عدم حصول الاقليم على مستحقاته النفطية بشكل كامل والتعامل معه على أساس واضح من الاتفاقات التي جرت بين أربيل وبغداد .
في السابق كانت هناك تصريحات في ميادين الضغوط السياسية للحصول على مكاسب لأن كثيراً من المواقف لم تصل الى نهاياتها ،لكن يبدو أن الإقليم الكردي شبه المستقل أساساً، يتحدث عن ثقة كبيرة بالخطوات التي من المتاح له اتخاذها لتسوية الوضع القلق والمتأزم مع جميع الحكومات التي جاءت بعد الاحتلال الامريكي الى بغداد،ولعل الكرد لم يلحظوا فرقاً في التعامل الاستراتيجي معهم من قبل مَن يتسلم دفة السلطة بالمركز ،وربما يحن بعضهم الى تنسيقات أكثر وضوحاً مع النظام السابق الذي خاضوا، ردحاً من الزمن ، حروباً شرسة معه.
المسألة ليست خللاً إدارياً طارئاً وتقصيراً في أداء مسؤول في حكومة المركز، إنها مسألة خلل فكري وتصوري ونفسي في القبول بعلاقة نوعية بين الحكومة الاتحادية والإقليم ومن المفترض أن نصّ عليها الدستور العراقي المغشي عليه . لن تكون المسألة مجرد دفعات مالية تسمح باطلاق سراحها وزارة النفط ببغداد الى أربيل كل شهرين أو ثلاثة أشهر مرة ، لتنحل عقدة صغيرة في حبل طويل متجعد بالعقد الكبيرة بما جعل الوضع المعيشي لملايين الكرد في الاقليم متأثراً بالجفاف المالي الذي بات مفروضاً عليهم في لعبة شد وحل سياسي واضحة تستقوي بالتجاذبات الدولية والاقليمية .
العلاقة الواجب تحققها هي التكامل بين المركز والاقليم، ليس عبر هذه الحكومة وإنما كمبدأ وبند أساس في دستور جديد قابل للتطبيق يتم تعديله أو استحداثه. من دون تلك العلاقة سيذهب الاقليم الكردي الى ما قاله عنها خيارات أخرى ، ستكون واقعاً جديداً، له مَن يقف معه ويؤيده من دون الإلتفات الى وعود المركز التي لم يتحقق منها شيء لمعظم الشعب العراقي بل تزيده نكوصاً.
FASL
رئيس التحرير
لندن


















