زينب الكعبي
في حوار مع إحدى الشخصيات الفاعلة في العراق، أبدى امتعاضه من أسلوب مقدم برامج يتعامل مع ضيوفه بعنجهية وتحقير. وقال: “لو كان هذا سلوكه معي، لضربته بـ(الخُفّ على رأسه) كي يعود إلى حجمه الطبيعي”. هذا التصريح يعكس حالة من الغضب تجاه أساليب الإعلام التي تروج لبعض القيم السلبية.
نعيش اليوم ظاهرة الانفلات الإعلامي في بعض القنوات الفضائية، التي خلعَت ثوب المهنية وارتدت ثوب التفاهة والسطحية. هذه القنوات تتسول الترويج لأفراد يعدون من أدنى طبقات المجتمع، من خلال استضافتهم في برامج تلميعية تهدف إلى دعم وترويج جماعات أو أفراد يرتبطون بثراء فاحش، غالبًا ما تكون مصادره مشبوهة وغير مؤتمنة على ثروات الشعب. هذا التوجه الإعلامي ساهم في غياب القيم وزيادة خطر عدم تكافؤ الفرص، كما أثر سلبًا على الشباب الذين يتابعون استعراض مقتنيات بعض الضيوف الباهظة الثمن. يواجه هؤلاء الشباب تصورات مشوهة حول الانتقال السريع من حالة الفقر إلى الثراء، مما يساهم في تدمير ثقتهم بمستقبلهم.
لكن ما هو أخطر من ذلك هو دور بعض وسائل الإعلام في ترويج أولئك الذين يفتقرون للقيم الاجتماعية والمهنية، ليصنعوا منهم قدوات مؤثرة. أحد الأمثلة على ذلك هو استضافة “الضيفة الشويعره” التي تم تكريمها من قبل وزير مغمور سابق، حيث أغدق عليها من الأموال والسيارات والمقتنيات الفاخرة. تم تصوير هذه الهدية المبالغ فيها على أنها تعبير عن النجاح، رغم أن هذه الشخصية قد حصلت على ما لديها بطرق مشكوك في نزاهتها، مثل الحصول على جواز سفر أوروبي وعبر بوابات المطار بسيارات خاصة.
في ظل هذا المشهد، لا يسعنا إلا أن نتساءل: إلى متى ستظل هذه القنوات تدير برامجها بهذه الطريقة؟ على من تُوجه هذه التفاهات؟ وما الفائدة التي يجنيها الجمهور من هذه الاستضافات؟ في الوقت الذي يمكن لهذه القنوات أن تستضيف شخصيات ذات قيمة حقيقية، مثل الطبيب العراقي الذي أنقذ حياة فتاة فلسطينية بعد إعادة وصل يدها المقطوعة، والتي كانت ستجسد قدوة حقيقية للشباب في العالم العربي.
إن نظافة السوشال ميديا والإعلام تبدأ من تصحيح هذه الاتجاهات السطحية، وتقديم نماذج حقيقية تساهم في بناء مجتمع أفضل.