إعتذار – هدى جاسم

إعتذار – هدى جاسم

جميعنا يحتاج الى الاعتذار .. اولهم الى دواخلنا ومما من الله علينا به من نعم كثيرة ارهقناها بكل انواع الجلد والغضب والحزن فباتت مع الوقت امانة بيد من لا امانة له .. عن نفسي اوجه اول اعتذاري الى قلبي الذي زادت نبضاته حزنا مع السنوات العجاف التي مررنا بها ، اعتذر له مع كل نبضة وخديعة اقنعته انها الحقيقة فاشار من ناحيته الى العقل ليتصرف وفق قناعات اكتشف مع الوقت انها مزيفة .

اعتذر لعقلي الذي بات مشتتا بين حزن القلب والحاجة الى السكون من المضي بقرارات تحاكي مقلة العين بان تذرف الدموع على ماتبقى من الحياة ، اعتذر لك ايها العقل من خديعة وقعنا بها من جراء ارتجاف القلب وهو يتلقى الاحداث بضعف ويهتز امام اي فجيعة قريبة او بعيدة ، اعتذر للرئة التي باتت بلا اوكسجين نقي يدخلها مع صعوبة التنفس امام الخوف الذي يباغتنا في كل وقت وحين ، اعتذرلكل اجهزتي الاخرى وانا القي بالحصى داخل الكلى اليسار واليمين وحسب رأي الاطباء انها من شدة الازمات التي مررت بها تكونت كلسية لا مفر من وجوب اجراء العمليات لاخراجها وانا متشبثة بها  ،اعتذر ليدي التي حملت واحنت ظهري واصابعي التي باتت لا تقوى على الامساك بشئ .

اما شديد اعتذاري فهو لكل من حولي ،اهلي ،اصدقائي وكل من مر صدفة في حياتي وانا احاول ان امسك باطراف ثيابهم متشبثة من خلالهم بالحياة وهم منشغلون او غير منشغلون ، ربما تسببت بوجع لاحدهم بقصد او دون قصد لكنني في كلتا الحالتين اعتذر لانني كنت كمن يريد حياة لا تناسبه وضحكات نسيناها مع استمرار ثقل الايام.

شديد اعتذاري لامي ، التي غابت وانا اطلب منها طرف عبائتها لاحتمي بها من غدر الزمان ، لابي الذي لم تدركه خطواتي وانا مازلت احلم بخيمته ،لاخوتي واخواتي غائبهم وحاضرهم فانا مازلت تلك الصغيرة التي تطلب كل يوم حلوى لتنام على حلم احلى .

شديد اعتذاري مرة اخرى للقلب الذي جمعنا حزنا وفرح وادرك الحياة بكل تفاصيلها وهو صامت لايشتكي  سوى مرة بدمع ومرة بضحكات خجلى .. اعتذر لك ايها القلب .

مشاركة