أزمة موازنة أم أزمة إدارة ؟ – خالد الدبوني
لم تاتي أزمة الموازنة بشيء جديد ،هي نفس المشكلة المزمنة والمتكررة طيلة السنوات السابقة، فمنذ 2010 و عند تشكيل كل حكومة تبدأ المفاوضات ثم التوافقات والتفاهمات بين أحزاب السلطة مع الاطراف الاخرى المشتركة بالعملية السياسية لغرض تشكيل الحكومة وتقاسم لجان البرلمان وبقية المناصب ، وحالما يتم التصويت على الرئاسات الثلاث والحكومة يبدأ الصراع حول الموازنة والتخصيصات وتصدير النفط وباقي الملفات العالقة ومن ثم تتصاعد المناكفات والمساجلات في الإعلام وفي الاجتماعات الرسمية وصولا الى منتصف الطريق وترحيل المشاكل المستعصية الى أجل ٍغير مسمى والسبب الرئيس في كل المصائب المنهمرة على الشعب هو انعدام الثقة بين أطراف العملية السياسية وعدم إيجاد معالجة سياسية جذرية للأزمات المتتالية.
احزاب السلطة في بغداد يتعاملون مع الاقليم وكأنه محافظة عراقية دون ان يضعوا بحساباتهم البعد السياسي والتاريخي والدستوري ولا زالت بغداد تتعامل مع الاقليم على انه مثل باقي المحافظات العراقية وهذا بالطبع غير واقعي لان النظام الاداري وحسب الدستور منح الاقاليم ما لم يمنحه للمحافظات الغير منتظمة باقليم وخصوصية الاقليم في القوانين والصلاحيات والتعليمات تختلف كثيرا عن المحافظات الأخرى .
جميع الأطراف لا تسعى بجدية لحل المشاكل العالقة ولا تزال ملفات مهمة (مثل قانون النفط والغاز والمادة 140 ) خارج اهتمام الطرفين ولا يوجد رؤية واضحة لمعالجة هذه الملفات .
و اذا كانت احزاب السلطة (تحالف ادارة الدولة ) لم تلتزم باتفاقها مع الاقليم وهو الطرف الاقوى فمن الطبيعي اننا نتوقع عدم ايفاءها بالوعود التي قطعتها لاحزاب المناطق المحررة وهي الطرف (الاضعف ) في المعادلة .. وبوادر هذا التنصل عن الوعود ظهر في الموازنة نفسها من خلال شحة التخصيصات لإعادة الإعمار وتجاهل ملف المغيبين و تسويف تعديل قانون المساءلة والعدالة.
تعزيز استقرار
الهدف الاول الذي يجب ان تسعى له اربيل وبغداد هو تعزيز استقرار العراق وعدم دخوله في أزمات داخلية المهم الان وبغض النظر عن تفاصيل الموازنه هو احترام الاتفاقات السياسية وهو المهم جدا لاستمرار الوضع السياسي الهاديء حاليا في بلد اخطر ما يواجهه ضعف الثقة بين القوى السياسية جميعا ….
اعتقد ان أزمة الموازنة بالإمكان حلها مثل كل سنة وهي لا تمثل شيئًا أمام التحديات الكبيرة والخطيرة المحيطة بالبلد مثل سنجار ، سهل نينوى ، شحة المياه تغييرات المناخ وبالتالي على الجميع تصفير المشاكل فيما بينهم انطلاقا لمواجهة التحديات القادمة .
نحن نحتاج الى عقد سياسي جديد يتفق عليه الجميع للتعامل مع كل هذه التحديات بعيدا عن ثقافة الحزب الحاكمً والشخص الحاكم والمكّون الحاكم .