آخر أطيار السرب
علي الطائي
1 زوّارُ المدينة
اكتظّتِ المدينة بالزائرين
من حَمَلَةِ الاموال والاسرار
والرغاب والنوايا التي لاتُدرك
ولخوفهم غير المُعْلَن
لبسوا الاقنعة
متحاشينَ اللصوصَ أولاً
والشرطة ثانياً
والتورّطَ بالحبّ ثالثاً0
إلاّ المُحبّين والمحبّات
فقد خذلتهُمْ أقنعة الليالي
فأحاط بهم الرقباء
وحدث كلّ شيء على عجل
حتى القبلة لم تأتِ بالشفاه على الشفاه
ولم تُسمًع للاسنان وهي تقبّل الاسنان
لَذاذَةُ رَخامةِ أصوات كوؤس الانخاب
وهي ممتنة يُقبّل بعضُها بعضاً
في فضاء مُضاء0
فأنحدروا مع صياح الديكة
متخلّينَ عن حَذَرِهم
لاستقبال الفجر الدافيء0
وبعد أن قضَوا الحاجات
وأوصلوا الوصايا
وحُمّلوا غيرَها
ومسّحَ بالاركان مَنْ هو ماسحُ
نزعوا الاقنعة
فتعالَ نُراقبِ الربحَ والخسارة على الملامح
فهم الآن
في الساعات الاخيرة من الزيارة
2 أمل نزيل
لم يَعُدْ يتذكرُ أذاه لي الماضي الذي أعطيته سنواتي الفتية
بلا مقابلٍ مُنصف
ماعدا سماحَه لي
بالجلوس ساعاتٍ
الى بعضِ مَنْ يَفهمنَ في قراءة الكفّ والفنجان0
وكم من مرّة
استنهضتُه من كَبواتِه بالمديح
وياما انبريتُ ادافعُ عنه أمام الحاضرِ الشَّرس0
وكنتُ أشجّعهُ أنْ يتجاوز تَردّده البغيض
فيبادرَ الى مَنْحي مقاطعاتٍ هنا
وعقاراتٍ هناك
لأجدني وقد أصبحتْ لي أرصدةٌ في المصارف0
ولكنْ لم أتلقَّ منه سوى الاهمال
وإذا ماكان قد منّ عليّ بشيء
فقد ترك أملاً نزيلاً عندي
لايُحْسِنُ إلاّ الصمت
والاختفاءَ طويلا
وإذا ماعاد الى الدار فإنه يبعثرُهدوئي
بوصاياه وهو يتجوّلُ حول كآبتي
مقترحاً عليّ مواصلة التمني
فربما أجدُ نفسي في صُبح قريب
مشغولاً حتى عن مَنْ أحبّ
بتجارةٍ واسعة
يخدِمُني فيها جَمْعٌ من التّجار
في اسواق البلد 0
3 المحذور
بعد أنْ أقمتُ في حَيٍّ للمُتْرَفين
تيقّنتُ من احتياجي الى أقنعة
كالتي يضعُونها عادة
وهم في الشارع أو النّزهات
أو مشغولونَ بالأمور الرسمية
أو ساعةً اللقاء بالغرباء0
وممّن أشاروا عليّ بذلك
حَذَري القرويّ المُكتفي بثوبٍ وحزام0
ومقابلَ التّخلّي عن صُحْبة القنوط المهذب
وجدتُ من المُمكن أنْ أعثرَ على منافذ عديدة
تُرحّبُ بي آخذةً بيدي
الى ساعاتِ أماسٍ لا تنطفيء
وقد قَبِلتُ بهذا مُتخلياً عن ظنوني
وقلتُ ربما ستكون نهاية اللعبة لصالحي
فاصطدمتُ بالليل
مُرْعبِ الحُرّاسِ واللصوص
ومُقابلَ حرّية يدي
في احْتضانِ الأضواء ومَرَحِ الفِتْنة الأثيرية
وَجَبَ عليّ الزّهدُ بالتّجلّي
لِيُتاحَ لي وقتٌ كافٍ لمعرفة ماحولي0
لكنْ مادفعني الى التّساؤل والحَيْرة
أنّ الدخولَ على المستور
بقيَ محذوراً عليّ تماماً
طوال إقامتي قريباً من داره المُخْملية
فقد نَسِيَ الليلُ ونسيتُ معه
أنّ ذلك المستورَ ليس لي
وإذا ماكان هذا المستور
يخشى حتى من خطوات مَلاك
فكيف لايرتابُ منّي
حتى وإنْ توجّهتُ إليه بالأغاني والهدايا
وتخلّيتُ في حَضْرتهِ عن أقنعتي
وقدّمتُ بين يديه فروضَ الطّاعة؟
وهنا فكرّت بالعودة الى ثوبي وحزامي
واستدعاءِ التّجلّي
والجلوسِ عند شاطئه المُقفر ثانية
ولكن من يَضْمنُ لي هذه المرة
انقضاءَ فصل الكآبة سريعاً؟
4 مكتب السندباد البحري الجديد
ها قد أعاد السندبادُ البحريّ
فَتْحَ مكتبِهِ الجديد مرة أخرى
إذن مَنْ ياترى سَيَطرُقُ عليّ الباب
في صُبح بغدادي كالورد
لأ عودَ الى الميناء
ومعي جَمْعٌ من التجارالمغامرين؟
في جيبي وضعتُ خواتم الذهب
وفي بُنصري أحدَها
وهو الذي كنت أتبرَّكُ به في كل رِحلة
وماتبقى سأقدمُهُ هدايا للمُحِبّات 0
وتَعطّرْتُ بالمِسْكِ الصيني
ولَبِستُ ثيابَ طَبَقتي المُترَفة
ولكنني توقفتُ أمام صُرَّةٍ من النقود الذهب العتيقة
فهل أحملُها معي
وإذا ما دفعتُها الى الصَّراف الآسيوي
فهل سيُبدِلُها بما يُعادلُها
أو سيُعيدُها لي قائلاً وهو يبتسم
إنها لا تعملُ سيدي 00 ولكنْ
كيفَ حالُ جماعتِك الغابرين
أولئكَ الذين تركتَهم وراءَكَ في الكهف؟
AZP09