عندما يستفيق الشعب من سباته سياتي كالطاعون على كل من سببوا مهانته وهدر كرامته ، حيث ان لكل فعل رد فعل مساو له بالقوة ومعاكس له بالاتجاه ، ونحن نعلم جميعا عندما تندفع الشعوب ، فلا احد يستطيع ايقافها وهذه هي حتمية التاريخ التي تؤكد للطغاة على مدى الاعوام انهم يستطيعون ان يبنوا لانفسهم عرشا من الرماح ، لكنهم لن يتمكنوا من الجلوس عليه . ان المسؤول في دول العالم المتحضر يعتذر لشعبه او يستقيل في حال التقصير الا في هذا البلد المبتلى ، فان ثقافة الاعتذار غير موجودة مطلقا ، بل وان المسؤول عندنا يزداد ايغالا بالذنب والسخرية احيانا من الشعب وتجاهل حقوقه ظانا ان سكوت اهل الحق عن اهل الباطل ان اهل الباطل على حق . وهكذا فان التقصير بحق الشعوب وظلمها يقابله ثورة الشعوب وتحررها وهذا هو منطق التاريخ.
ان الظلمة الذين سخروا من شعوبهم والامبراطوريات التي شيدت على الظلم اندثرت وقطعت رؤوس الاباطرة والظلمة واتباعهم ونسيهم التاريخ وان شعوبهم التي ظلموها وفرطوا في حرياتها ومصالحها تصب عليهم اللعنات ، ان التجربة التاريخية تؤكد لنا ان الطغاة الذين حكموا في فترات محددة ، وكان حكمهم قائم على الحكم العسكري والاوامر الخالية من المعنى ، انتهوا بعد النكسات التي اصابت شعوبهم ، فالشعوب لا تبقى على هذا الحال من الكبت والظلم والملاحقة والمطاردة والحرمان من ابسط الحقوق ، وبانحراف الحياة عن اهدافها النبيلة ، يتفرد الدكتاتور او الطاغية بكل شيء ، فهو وان بدأ يرفع شعارات تزين حكمه ، لكن باطنها اباطيل وتعطيل حرية الفكر وسلب الارادة الشعبية وحوك الدسائس هو وبطانته ضد الشعب ، الا ان الواقع التاريخي المتجدد هو (الماضي الحي الذي يعكس فضلا عن الخلفية الحضارية للمجتمع ، الاستعداد المتجدد في الامة لتجاوز نفسها باستمرار) .
انا لا افهم ابدا الفلسفة التي يطبقها هؤلاء الطغاة على الحياة عندما يسنون قوانين تخدم مصالحهم ومصالح اتباعهم ومازالوا يسخرون الى يومنا هذا من مضامين العدل والحرية والمساواة والحقوق الانسانية التي منحها الله تعالى للبشر متناسين انهم عندما يسحقون اماني شعوبهم وتطلعاتها فلابد للربيع من قدوم ، وهكذا هي دورة الحياة ، فعندما ينتشر الظلم والتخذيل والمراوغة والكذب ، فلابد من بزوغ الثورات التحررية لتغيير وجه التاريخ ، ولابد من انتصار الحياة على الموت ، وكلما ازدادت معاناة الشعب ازدادت ارادته قوة وتفولذا من اجل منع الزيغ والتلاعب بارادته ومنع المنحرفين والفاسدين والمنافقين من القيادات التي لا تصلح ذاتها ، ومن لا يصلح نفسه ، فانه لا يمكنه اصلاح الاخرين .
ان بعض القادة والسياسيين الفاسدين هم من سرقوا ليس المال فقط ، بل سرقوا اعمارنا ايضا ، وخربوا البلاد واساءوا الى العباد ، والامثلة كثيرة ولنأخذ واحدا منها وهو ان ميزانية العراق هي من اضخم الميزانيات في المنطقة ، حتى اصبح الشعب لا يهمه اقرت ام لم تقر لانها ميزانية الاغنياء والمستفيدين منها من السياسيين واصحاب الدرجات الخاصة لا ميزانية الفقراء ، ان القائد الحقيقي هو الذي يسعد شعبه ويقوده بالابتعاد عن المغريات ويحافظ على كرامة شعبه ، وان الوطنية التي يكررونها في تصريحاتهم كل ساعة هي شعور وانتماء وضمير حي وليست كلمات فارغة من المعنى .
لفتةعباس القرة غولي