نبني جامعاً أم مدرسة أم ..إنساناً ؟

fatih new 2016-11

توقيع

فاتح عبد السلام

الحضرة‭ ‬اليونسية‭ ‬المباركة‭ ‬ومسجدها‭ ‬من‭ ‬الأماكن‭ ‬التي‭ ‬تحفر‭ ‬في‭ ‬وجدان‭ ‬أهالي‭ ‬الموصل‭ ‬،‭ ‬وقد‭ ‬فجّرها‭ ‬تنظيم‭ ‬داعش‭ ‬قبل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬سنتين‭. ‬لكنني‭ ‬هنا‭ ‬

‭ ‬أساند‭ ‬رأي‭ ‬إمام‭ ‬جامع‭ ‬النبي‭ ‬يونس‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬،‭ ‬حين‭ ‬قال‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬أجر‭ ‬في‭ ‬اعادة‭ ‬بناء‭ ‬مسجد‭ ‬وبيوت‭ ‬الناس‭ ‬مهدمة‭ ‬ومدمرة‭.‬

استعادة‭ ‬ثقة‭ ‬الناس‭ ‬بالوضع‭ ‬الجديد‭ ‬ومنحهم‭ ‬فرصة‭ ‬العيش‭ ‬بكرامة‭ ‬والوقوف‭ ‬السريع‭ ‬معهم‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬ما‭ ‬تهدم‭ ‬من‭ ‬منازلهم‭ ‬ومصالحهم‭ ‬،‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬الأولويات‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬يتأسس‭ ‬عليها‭  ‬تعمير‭ ‬أو‭ ‬بناء‭ ‬المساجد‭ ‬المدمرة‭ ‬والمنسوفة‭.‬

‭ ‬ويسبق‭ ‬بناء‭ ‬المساجد‭ ‬،‭ ‬اعادة‭ ‬تأهيل‭ ‬المدارس‭ ‬والمعاهد‭ ‬والجامعات‭ ‬التي‭ ‬خربها‭ ‬تفجير‭ ‬ناسف‭ ‬أو‭ ‬فكر‭ ‬متطرف‭ . ‬وهي‭ ‬مهمة‭ ‬كبيرة‭ ‬لا‭ ‬تقع‭ ‬على‭ ‬عاتق‭ ‬وزارة‭ ‬التربية‭ ‬أو‭ ‬وزارة‭ ‬التعليم‭ ‬،‭ ‬وانما‭ ‬تحتاج‭ ‬الى‭ ‬حملة‭ ‬توعية‭ ‬كبيرة‭ ‬تتوافق‭ ‬مع‭ ‬حملة‭ ‬الاعمار،‭ ‬لكي‭ ‬تعمّر‭ ‬النفوس‭ ‬بالثقة‭ ‬والايمان‭ ‬والوطنية‭ ‬والأمل‭.‬

لتكن‭ ‬البداية‭ ‬من‭ ‬رياض‭ ‬الاطفال‭ ‬ومدارس‭ ‬الابتدائية‭ ‬والمتوسطة‭ ‬فهي‭ ‬الاساس‭ ‬الذي‭ ‬يحتاج‭ ‬الى‭ ‬الجهد‭ ‬الأكبر‭ ‬في‭ ‬البناء‭ ‬لازالة‭ ‬آثار‭ ‬التطرف‭ ‬ووضع‭ ‬اطفالنا‭ ‬على‭ ‬سكة‭ ‬الامان‭ ‬الصحيحة‭ ‬،‭ ‬وهذه‭ ‬المهمة‭ ‬لاتقتصر‭ ‬على‭ ‬الموصل‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تنزف‭ ‬وانما‭ ‬جميع‭ ‬المدن‭ ‬المستعادة‭ ‬او‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬ظلت‭ ‬خارج‭ ‬الصراع‭ .‬

لكن‭ ‬التعليم‭ ‬الصحيح‭ ‬لايحتاج‭ ‬الى‭ ‬معلم‭ ‬جيد‭ ‬متنور‭ ‬ومرتاح‭ ‬معيشيا‭ ‬وتجهيزات‭ ‬مدرسية‭ ‬،‭ ‬وانما‭ ‬الحاجة‭ ‬الاولى‭ ‬الى‭ ‬بيئة‭ ‬حاضنة‭ ‬للعلم‭ ‬والتنوير‭ ‬لا‭ ‬طاردة‭ ‬لهما‭ .‬

‭ ‬نحتاج‭ ‬أن‭ ‬نعلم‭ ‬الطفل‭ ‬أنّ‭ ‬الملاعب‭ ‬الرياضية‭ ‬والحدائق‭ ‬والمتنزهات‭ ‬ودور‭ ‬الثقافة‭ ‬والمكتبات‭ ‬والسفرات‭ ‬الترفيهية‭ ‬والسينما‭ ‬الهادفة‭ ‬،كلها‭ ‬من‭ ‬مستلزمات‭ ‬التعليم‭ ‬التي‭ ‬له‭ ‬حق‭ ‬فيها،‭ ‬لكي‭ ‬يتطور‭ ‬علميا‭ ‬ويتقدم‭ ‬على‭ ‬مدارج‭ ‬الدراسة‭ ‬،

ويتحول‭ ‬الى‭ ‬عنصر‭ ‬تنوير‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬الذي‭ ‬عانى‭ ‬كثيراً‭ ‬من‭ ‬الانغلاق‭ ‬حتى‭ ‬تسلل‭ ‬اليه‭ ‬التكفير‭ ‬والهدم‭ ‬والتطرف‭ .‬

بناء‭ ‬النفوس‭ ‬يحتاج‭ ‬الى‭ ‬القيم‭  ‬والمعطيات‭ ‬التربوية‭ ‬والدينية‭ ‬والتعليمية‭  ‬والابداعية،‭ ‬وليست‭ ‬هي‭ ‬حاجات‭ ‬كمالية‭ ‬،‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬يظن‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المعلمين‭ ‬والمدرسين‭ ‬المنغلقين‭ ‬على‭ ‬مناهج‭ ‬الحصة‭ ‬الدراسية‭ ‬فقط‭ ‬،‭ ‬وربما‭ ‬نعذر‭ ‬اغلبهم‭ ‬بسبب‭ ‬سوء‭ ‬احوالهم‭ ‬المعيشية‭ ‬المنعكسة‭ ‬على‭ ‬أدائهم‭ ‬الوظيفي‭ .‬

رئيس التحرير

لندن

 

مشاركة