توقيع
فاتح عبد السلام
الحضرة اليونسية المباركة ومسجدها من الأماكن التي تحفر في وجدان أهالي الموصل ، وقد فجّرها تنظيم داعش قبل أكثر من سنتين. لكنني هنا
أساند رأي إمام جامع النبي يونس عليه السلام قبل أيام ، حين قال أن لا أجر في اعادة بناء مسجد وبيوت الناس مهدمة ومدمرة.
استعادة ثقة الناس بالوضع الجديد ومنحهم فرصة العيش بكرامة والوقوف السريع معهم في بناء ما تهدم من منازلهم ومصالحهم ، هي من الأولويات التي قد يتأسس عليها تعمير أو بناء المساجد المدمرة والمنسوفة.
ويسبق بناء المساجد ، اعادة تأهيل المدارس والمعاهد والجامعات التي خربها تفجير ناسف أو فكر متطرف . وهي مهمة كبيرة لا تقع على عاتق وزارة التربية أو وزارة التعليم ، وانما تحتاج الى حملة توعية كبيرة تتوافق مع حملة الاعمار، لكي تعمّر النفوس بالثقة والايمان والوطنية والأمل.
لتكن البداية من رياض الاطفال ومدارس الابتدائية والمتوسطة فهي الاساس الذي يحتاج الى الجهد الأكبر في البناء لازالة آثار التطرف ووضع اطفالنا على سكة الامان الصحيحة ، وهذه المهمة لاتقتصر على الموصل التي لا تزال تنزف وانما جميع المدن المستعادة او تلك التي ظلت خارج الصراع .
لكن التعليم الصحيح لايحتاج الى معلم جيد متنور ومرتاح معيشيا وتجهيزات مدرسية ، وانما الحاجة الاولى الى بيئة حاضنة للعلم والتنوير لا طاردة لهما .
نحتاج أن نعلم الطفل أنّ الملاعب الرياضية والحدائق والمتنزهات ودور الثقافة والمكتبات والسفرات الترفيهية والسينما الهادفة ،كلها من مستلزمات التعليم التي له حق فيها، لكي يتطور علميا ويتقدم على مدارج الدراسة ،
ويتحول الى عنصر تنوير في المجتمع الذي عانى كثيراً من الانغلاق حتى تسلل اليه التكفير والهدم والتطرف .
بناء النفوس يحتاج الى القيم والمعطيات التربوية والدينية والتعليمية والابداعية، وليست هي حاجات كمالية ، كما كان يظن كثير من المعلمين والمدرسين المنغلقين على مناهج الحصة الدراسية فقط ، وربما نعذر اغلبهم بسبب سوء احوالهم المعيشية المنعكسة على أدائهم الوظيفي .
رئيس التحرير
لندن