عصام الياسري
من جديد أنطلقت مساء يوم الخميس 6 ولغاية 16 أيلول/ سبتمبر 2023 في العاصمة الألمانية برلين، صالة (أوتو براون) في المكتبة الوطنية الألمانية بالقرب من ساحة بوتسدام الشهيرة، فعاليات مهرجان برلين الدولي الثالث والعشرون للأدب (internationalen literaturfestival berlin ilb). في كلمتها أثناء حفل الافتتاح وسط حضور ثقافي وفني وسياسي أشارت وزيرة الدولة للثقافة والإعلام وراعية المهرجان «كلوديا روث» Claudia Roth إلى العلاقة بين الحرية والأدب بالقول: «إن مهرجان برلين الدولي للأدب هو المنتدى المثالي، لذلك، أشدد على أن حرية التعبير هي حق من حقوق الإنسان، مثلها مثل الحرية الفنية. ولا يمكن التفكير في أي من هاتين الحريتين دون الأخرى. فإذا مات أحدهما، انتهى الآخر أيضا».. «جو تشيللو» Joe Chialo سيناتور الثقافة والشؤون الاجتماعية عن حزب الخضر ببرلين، تحدث، «في الوقت الذي تهتز فيه العديد من المؤسسات، من الضروري أن نقرأ من بعضنا البعض، وأن نعرف بعضنا البعض، وأن نتحاور ونتبادل الحرية». يجب الاستماع إلى الأصوات المكبوتة».. كاتبة السيناريو والروائية الإيطالية «فرانشيسكا ميلاندري» Francesca Melandri ألقت خطاب المهرجان الثالث والعشرين الموسوم «الموجات فوق الصوتية للصمت» وقد تميز بنظرة ثاقبة حول مواضيع الثقافة ومواجهتها أحداث العالم المجتمعية والإنسانية والبيئية والسياسية. «دراسة ثقافة التذكر والتاريخ المنسي. بيانات مفقودة عن الآثار. الكلمات المحذوفة في الدساتير الوطنية. الأخبار التي لا تصبح في الصفحة الأولى. الإغفالات، والحذف، والمحو، والمراوغات المهذبة». التي غالبا ما تكون أقوى تعبيرا عن التاريخ والسياسة – وربما عن العلاقات الإنسانية بشكل عام – او ما يكمن في ما يظل غير معلن. كما تقول: «فيفيان بيركوفيتش» حول الصمت وعدم التحدث وإنعدام حرية التعبير في ثقافة اليوم. الكاتب من أصول إيرانية «نافيد كرماني» الحاصل على جائزة السلام لتجارة الكتب الألمانية، تناول في جلسة نقاشية بينه وبين مانجيت مان وفرانشيسكا ميلاندري، أدارتها فيفيان بيركوفيتش، الإجابة عن الأسئلة الأساسية حول الوجود والجنس والحرب والزوال، من خلال روايته الأخيرة التي تدور حول قصة كاتبة تعاني، في ذروة نجاحها المهني، من الفشل في حياتها الخاصة وتعريفها لذاتها. بشكل أدبي فريد من نوعه، يمزج بين الرواية واليوميات والمقال والتأمل. الممثلة ألألمانية النمساوية «إيفا ماتيس»، التي سجلت الكتاب بالصوت وتعتبر منذ السبعينيات واحدة من أهم الممثلات في الفيلم الألماني الجديد وكممثلة مسرحية على المسارح الرئيسية الناطقة بالألمانية، قرأت مقتطفات من الرواية في حفل افتتاح المهرجان الذي اكتسب شهرة عالمية ومشاركة أهم الكتاب والشعراء والفنانين العالميين من مختلف الأجناس والأعمار من أكثر من أربعين دولة من بينهم «فيرنر هيرتسوغ» المشهور عالميا كمخرج ومؤلف روايات ومقالات والعديد من الإشارات إلى الأدب في أعماله – سواء كان ذلك تعليقا صوتيا أو مرئيا أو مراجع أدبية هامة. كانت الأمسية بداية ناجحة لتظاهرة ثقافية جمعت بين الفكر والأدب والموسيقى بمرافقة أوركسترا تريكستر.
على مدى أحد عشر يوما، سيكون مهرجان برلين الدولي الثالث والعشرين للأدب، بالإضافة إلى كونه واحة للاكتشافات الثقافية الجديدة، ملتقى عددا كبيرا من نجوم العالم، معظمهم من كتاب الكتب. وحتى في ظل رئيسته الجديدة مديرة المسرح والممثلة الدرامية «لافينيا فراي» Lavinia Frey، التي تولت مهامها خلفا لمؤسس المهرجان عام 2001 «أولريش شرايبر» Ulrich Schreiber منذ بداية شهر مايو 2023، فإن تهجية المهرجان بالأحرف الصغيرة ستظل قائمة كما قالت في كلمتها الإفتتاحية التي جعلت الجمهور في مزاج جيد. البرنامج كبير جدا، أحد عشر يوما و 150 حدثا، يلتقي آلاف الزوار المحبين للأدب من جميع الأعمار بمؤلفيهم المفضلين ليس لاكتشاف الادب عن قرب، انما الإقتراب من الاكتشافات الجديدة الأكثر إثارة لهذا العام في القراءات والمناقشات والعروض وورش العمل في مواقع مختلفة في برلين. يشارك فيها أكثر من 200 من الكتاب والمؤلفين من 41 دولة من بينهم: فيرنر هيرتسورغ، فرانشيسكا ميلاندري، سلمان رشدي، مشتاري هلال، تشيون ميونغ كوان، دينسر جوتشيتر، جيفري أوجينيدس، لويزا نيوباور، مكسيم بيلر، نافيد كرماني، فولف بيرمان، كاتيا هوير، ريكاردو روميرو جيلدا.
مهرجان الأدب الدولي برلين ilb هو مهرجان أدبي يقام في برلين في سبتمبر من كل عام ولم يتوقف حتى في فترة انتشار وباء (الكورونا) حيث تم استعراضه عبر وسائل الإنترنت عالميا. ومنذ تأسيسه عام 2001، يقدم المهرجان التنوع الأدبي للشعر المعاصر والنثر والواقعية والروايات المصورة وأدب الأطفال والشباب من جميع أنحاء العالم. يظهر المؤلفون المشهورون جنبا إلى جنب الاكتشافات الدولية الجديدة في برنامج واسع النطاق.
يقام المهرجان برعاية مؤسسة بيتر فايس للفن والسياسة، وتتوزع عروضه في مواقع مختلفة في برلين. المكان الرئيسي منذ عام 2005 هو «بيت مهرجانات برلين» Haus der Berliner Festspiele. الراعي الرئيسي للمهرجان هو صندوق العاصمة الثقافي ووزارة الخارجية، ومؤسسة هاينريش بل، ومؤسسة جان ميشالسكي. وهدفه التواصل بين الكتاب في جميع أنحاء العالم وما يرتبط به من تحقيق المشاريع (الأدبية) الدولية. يتوزع البرنامج إلى عدة أقسام: أدب العالم، الأدب العالمي للأطفال والشباب، التأملات، العلوم والعلوم الإنسانية / العروض الخاصة والذاكرة. وكجزء من المهرجان يتم سنويا تنظيم يوم الرواية المصورة وسلسلة «أصوات ألمانية جديدة». ومنذ عام 2001 يظهر كتاب المهرجان في سلسلة «الأدب خلف القضبان» في سجون برلين. ومن عام 2005، هناك تعاون مع دائرة العلوم التابعة للوزارة الاتحادية للتعليم والبحث. وفي عام 2019، توجه المهرجان للاحتكاك بالتساؤلات المثيرة التي تواجهها المنظومة الثقافية، مجتمعيا وسياسيا، على مستوى العالم منها على سبيل المثال «المجتمعات الزمنية» أو «الأدب من منظور عالمي». كل شيء سيكون مختلف خلال الأحد عشر يوما من شهر سبتمبر 23، في المسارح والمتاحف وقاعات الحفلات الموسيقية، وحتى في السجن. يسيطر المشهد الأدبي الدولي على الحياة الثقافية في برلين. في القراءات والأحاديث وورش العمل واللقاءات. وسيدور كل شيء حول شغف مشترك كبير ألا وهو الأدب. فمهرجان برلين الدولي للأدب يعد أحد أهم الأحداث الأدبية في العالم. نطاقه الأسلوبي والموضوعي الواسع فريد من نوعه، يجلب الثروة الأدبية المعاصرة إلى برلين- سواء كان نثرا أو شعرا أو واقعيا أو رواية مصورة أو أدب الأطفال والشباب. أو من خلال برنامج موائد مستديرة مع الفائزين بجائزة نوبل في الأدب وعروض تشجيع القراءة والأدب. أيضا مناقشة موضوعات سياسية وخطابات علمية عالية الأهمية بالإضافة إلى اتجاهات سوق الأدب بجميع أشكاله وأمزجته وأساليبه، من التيار العام إلى المتخصصة. الهدف هو مخاطبة أكبر عدد ممكن من الجمهور وإشراكهم بعدة طرق. باختصار، يقدم المهرجان للناس في برلين والمنطقة فرصة استثنائية لاكتساب نظرة ثاقبة إلى عالم الأدب الرائع مع الالتزام بحقوق الإنسان والعالمية وتعدد وجهات النظر والحوار. وسيتعرف الجمهور بالإضافة لمشاهدة توقيع الكتاب ومناقشات مثيرة، على أسماء كبيرة في الساحة الأدبية ونجوم الغد في أجواء مميزة للغاية. وأخيرا وليس آخرا، ما هو أكثر وضوحا. فإن مهرجان برلين الدولي للأدب في دورته الثالثة والعشرين، يسلط الضوء على الآفاق والتواصل عبر الحدود مع حوالي 150 حدثا، 50 منها في برنامج الأطفال والشباب 148 مؤلفا من 41 دولة 8 أماكن بها 12 مسرحا. ويتوقف عند عنوان « أحداث خاصة» لها مؤشر خطير ،،طالما كانت هناك كتب،، كان حرق الكتب علامة وحشية على السلطة الاجتماعية والسياسية. في عام 1933، فرض الاشتراكيون الوطنيون ((القوميين)) في ألمانيا الرقابة والحظر على الأدب كدعاية تحت شعار ضد « العناصر غير الألمانية!» كمحارق مشتعلة. يصادف عام 2023 الذكرى التسعين البشعة لحرق الكتب في زمن ألمانيا الهتلرية عام 1933.