من ذاكرة النأي
كاظم عبدالله العبودي
-1-
يسير بلا وجهةٍ
حينما فقد الوجهُ حتى الملامح
منذ إبتداء المسير
……..
وذات انهيال الرمال على القدمين
وعند احتدام الهجير
بلا قدمين تيمّم صوب انهيارات
جرف العواطف .. اذ جرّدتهُ
طوال الليالي
العوازف الحانها نشازاً
يصيح بهِ حينما جرّد القلب نبضاً ..
بوجه العواصفِ
وهي تكشر ناباً وتضمر ظفراً
يصيح به الصبحُ
وهو يكابدُ
عند شحوب الثواني
مقطبةً جبهة السأم المستطير شحوباً:-
-الى أينَ ..
من سوف يرشدُ
في وحشة الصمتِ
للدفء رعب الجراح
وكيف .. متى يفصح الجرفُ
عن مسرب الماءِ
رغم الغروب
ولا من غدوٍ
ولا من رواح
-مكانك رواح-
ولولاح في الافق يرجفُ
رمش الهلال هنا ضاع من وجهه الوجهُ
لم يحضن الموج تلك الملامحَ
او تحتضن ..
ملامحه موجةً يودع الشوق انفاسها
قبلةً قبلةً
فيميل هناك على الجرفِ
سعف النخيل الذي كان يمسحُ
شعر الدوالي
فتبسم عند الاصيل .. الرياح
{ { {
ولمّا تكحل بالغيم جفن الصباح …
{ { {
وسافر .. ما اختار لون الشراع
ولانيّة البحر .. اذ يرفع البحر مرساته فجأةً
صوب ايّ المرافيء
سوف يسافر .. ملتفتاً
ليس ذاك الذي لاح جنح النوارس لمّا …
ولم يبدُ من مترفات الاناملِ
-والرعب يلطم وجه السفينةِ-
حتى تمّد له طرف منديلها
او تكف الذي سحّ عند الرحيل..
الوداع
{ { {
وكان الشتاء
بطول الكوابيس
يخضب حتى جبين النهارِ
بلون المساء
{ { {
فأن اثقل الثلج جفناً .. اوى
ليستوطن الرمش جنح الفراشات انّى
على سالف الذكريات انطوى
{ { {
يسير بهِ ..
على انف ذاك الزمان .. الزمان
فيرتاع فوق الشغافِ
صدى وقع سوطٍ
يلوّح فيه على مقلة الشوقِ
والشوق ينضح عشقاً
لتلك الروابي
يلوّح فيه اسىً
ثم يشعل فوق ضلوعٍ يتيه بها الهجرُ
وصلاً على البعد
رغم المسافات
حين تقاس ولو بالانامل، تبدو ..
بطول الذي بين اقصى المجرّاتِ
وهي التي كان يوماً، وكان ..
{ { {
وكان .. بعين الحبيبةِ
حتى ولو .. بدايات غيظٍ
وبعض دلالٍ
يشيح عن الثغر ثغرا
ولكنّه .. وللان يفتقد الليلُ
في مقلتيه دموع التي ..
والتي هي الـ .. ما رآى الافق فجراً
سواها
ولا .. وهي تعبقُ
ما ليس يدري
ولا ادرك الدربُ
يوماً خطاها
***
هنا .. ظلّ دفقُ الرؤى
محض وهمٍ
وبقيا خيال
***
ولم يدرِ .. انّ الذي كان
او لايزال
سيبقى طويلاً
مجرد ذكرى
{ { {
وكان .. يصيح بجنبيهِ
حيث يحلّ، ومهما ارتحل
ويطرق باب الحنايا
سؤال:-
-إلامَ تطيقُ
مع الهجر صبرا؟
وهل اضمر الغيبُ
بعد الذي كان .. امرا؟
{ { {
اخيراً ..
لقد اظهر الغيبُ
فوق الذي كانَ
اذ ابدل الصبرَ
جمرا
-2-
ذات عصفٍ
من شقوق الروحِ
من سقف جذوع الخوفِ
طلّ الثلجُ .. عصفا
-هو لم يألف
على ايّ المرايا السير
اذ ترعد ساقيه
ولم يعرف .. ولكن ..
طال بالقلب مسار البردِ
حدَّ الـ .. كيف غضّ الجفن
طرفا –
{ { {
حينما خيّل .. اوظنّ
بأن الثلج من عطفٍ
سيطفي لهباً
يشعل ما خطّت مسافات النوى
حرفاً فحرفا
حينما إختالت
بذياك اللظى
تسحب ذيل الصبرِ
حتى إحترق الصبرُ
ليالي النارِ
ماكان لذياك اللظى
إلا .. عسى الذكرى
وذاك العصف – إن شاءت وشاء –
سوف يمسحن بطول الليلِ
والصبر وعمق الجرحِ
نزفا
{ { {
ثم ذاب الثلجُ
بل أطفأه الصمتُ
الذي إنهار به السقفُ
وشق الروح .. خوفا
-3-
ذات حلمٍ
مثل ذاك اليوم
ليلٌ وشتاء
وعلى الموقدِ ..
شيءٌ من دخان الحبّ يجلو
كلّ ما خلّفه برد النهار
والمحطات التي تعوي بها الوحشةُ ..
أصداء القطارات وأهواء السوافي
***
ولهُ – ولهاً- تسكب والشاي
يدٌ .. رمّضه الوجدُ
لينكبّ على
معصمٍ يضحك إذ يلثمُ
خدّيه .. السوار
واغاريدٌ تهامسنَ
أغاريداً صغار
{ { {
يمسك الكفّ التي كم مسحت
وجه المساء
وبحضن الشوقِ يلقي التعب الولهان
من طول دوار البحر
مرساةً براها النأي
عن حضن المرافي
***
وإستفاق الليلُ
ما إلاّ على عين الوساده
هلَّ جنح الحلمِ
دمعاً ..ثم .. طار
(من ذاكرة النأي)
-4-
لاضوء يلوحُ
بآخر هذا الثقب الاسود ..
بدءً
إذ يبتلع الارضَ
تدور خطوط الطولِ
ودوامات العرضِ
ليشرق ظلّ الشمسِ
من الغرب الى الشرق
لايدري ..
هل مرّ الزمنُ – الايامُ
سراعاً، أم سرن ثقالاً
أم أن الافق
منزوياً ضاع وراء
سراب الوهمِ
ولايدري ..
هل انّ سحاب اليومِ
يمرّ عليهِ
بلا رعدٍ او مطرٍ او برق
لايدري
وتظلّ الارض
وقوفاً
والشمسُ .. تدور !
-5-
ثم .. لمّا أسرجت أيامه الشوق ..
وعاد
لم يجد عند مرافيهِ
سوى صمت منافيهِ
فهاجر
مرةً اخرى
بلا ذكرى
ولابحرٍ، ولا أيّ شراع
وبنفس الساحل المذهول
في نفس المكان
راوح الوجد بهِ
دون زمانٍ
أو أمانٍ او أمان