مشهد سوريالي.. أوهام وأسعار

د. فاتح عبدالسلام

إنّه مشهد معقّد لكنّه يحتمل السوريالية أيضاً  حين بدت بغداد لنهار كامل خالية من مسؤول سيادي، فرئيس الحكومة يفاوض في واشنطن، ورئيس البرلمان طار الى السليمانية التي يوجد فيها رئيس الجمهورية بدلَ بغداد في هذه الساعات وليس الايام العصيبة .

وهناك في محيط مراكز الحكم المباشر اجتماعات ومشاورات وتصريحات وتخمينات وتوقعات لما يمكن أن تسفر عنه الزيارة المهمة الى واشنطن، وكيف سيكون اليوم الاول لعودة الوفد العراقي الى بغداد.

الطرف السوريالي الاخر من المشهد هو انَّ المدافعين عن مصالح وكلمة ايران العليا في العراق والذين لايخلو كلامهم من وعيد صريح أو مبطن، قد يكونون على طرف مناقض لما يدور في عقل القيادة الايرانية التي تسعى لردم الهوة بينها والامريكان بأسرع وقت وقبل أن تتسع مساحة العقوبات.

غير أنَّ الجميل في كُلّ هذه المشاهد هو أنَّ الجميع حَذِر بل خائف من الآخر، وأنَّ الجميع متردّد في رأي أو قرار من دون التشاور مع حلفائه أو حواشيه .

مصادر امريكية ، نستشف منها بوضوح انَّ هذه المرّة ليس مثل كلّ المرّات، فالقرار اذا جرى اتخاذه فإنَّ مصيره التنفيذ وليس سلة المهملات كما حدث سابقاً. وتوحي أجواء الاختناق السياسي في واشنطن بذلك المناخ المعتم الذي سبق تسويق الاكاذيب  لخوض حرب احتلال العراق.

ثمّة حلقة مفقودة للرائي العادي لكنها موجودة ولها فاعلية ، تلك التي يمكن وصفها ب(الهدف النوعي) لأمريكا، وقد يكون هذه المرّة العراق أيضاً، اذا شعرت انّها في موضع مساومة عليه ، وليس أن تخسره كما يتوقع بعضهم.

إنّ ذلك اليوم الذي دمّرت امريكا بوش الابن ،كُلّ شيء في العراق وأقامت على حطامه هذه الصروح الرملية العالية، يمكن أن تكرره امريكا من أجل إقامة صروح أكثر ثباتاً ونفعاً لها . لم يمنعها أحد في المرّة السابقة، وبعد ما يقرب من عقدين، لا يوجد أحد يقدر على منعها هذه المرّة أيضاً. فلا تطير بكم الأوهام عالياً، وليس لأحد سعر أغلى من أسعار السابقين.

رئيس التحرير-الطبعة الدولية

fatihabdulsalam@hotmail.com

مشاركة