مربض الشعر
وديوان العرب
محمود جاسم عثمان النعيمي
السيد وزير الثقافة والسياحة والآثار-المحترم.
الأستاذ النائب محمد عنوز-المحترم.
السيد رئيس الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق-المحترم.
الحضور الكرام بعديد المواقع الوظيفية والاجتماعية والأدبية.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مرة أخرى نلتقي بعد لقائنا في مؤتمر (مئة عام على نشأة القصة في النجف الأشرف).
مرّةً أخرى تحتضنكم مدينة النجف الأشرف وعند رحاب أمير البيان والحكمة الامام علي بن أبي طالب(ع).
حتماً؛ وكما نتيقن، هو يوم بهيج تسهمون مع أدباء النجف في تحققه، وتشيعون الفرح في هذا المكان الذي يعبق بحضوركم البهي.
الحضور الكرام.
دأب اتحادنا على إطلاق المبادرات النوعية في إقامة المؤتمرات والمهرجانات ذات الفائدة القصوى والتي لا تقتصر على مكان واحد أو موضوع واحد، فالحياة واسعة، وأهدافها منوّعة، لكنها تحتاج إلى من يوظفها بحسب سياقاتها كي تؤتي ثمارها كلّ حين.
إن انعقاد هذا المهرجان والذي سبقه مهرجانان حضوريان عامي 2010 و2011? وآخر الكترونيا بسبب جائحة كورونا، لم يأت لإسقاط فرض إقامة نشاط ثقافي، أو تلبية لرغبة آنية تقرأ فيها قصائد الشعراء، ثم تطوى الصحائف بعدها.
إنّ فلسفة اتحادنا في إقامة هذا المهرجان، تنطلق من الإيمان بفعل الضرورات الثقافية، والمسؤولية المنهجية في الارتقاء بالحس التاريخي الذي يترجمه الشعر بوصفه (ديوان العرب) وحكاية شعب، وعصارة الأيام وخلاصاتها.
إنّ العناية بشاعر، أو بأيّ مثقف، هي عناية بثقافة مجتمع، مثلما هي عناية بالقوى المبدعة، وبعكسه سيكون من سمات التخلف، وخلق كبوة مجتمعية تودي بالمجتمع إلى الانحطاط، والانغلاق، والتخلف عن الركب الحضاري العالمي الذي يندفع بسرعة فائقة في مجالات العلم والثقافة.
إنّ ما يميّز الشعر عن غيره، هو اقتران الفكر فيه بالأحاسيس التي تهز غور النفس، فيعطينا قيماً جماليةً مغمّسة بالمكابدة. قصائد تخرج من عمق معاناة النفس البشرية، يجسّدها الشاعر، معبّراً فيها عن نفسه والآخرين بأسلوبٍ يهزنا ويمتعنا، وقد عبّرَ عن هذه الحقيقة الشاعر الزهاوي وهو يقول:
إذا الشعرُ لم يهززك عند سماعه فليس خليقاً أن يقال له شعرُ
أو كما قال(نيتشه):(إنّ الفن هو الرقص بالقيود والأغلال).
فالشعرُ كما نراه: اشراقة الحياة الانسانية الذي يتمثل ب(نبضة القلب، وهيجان العاطفة، وهمسة النفس) وما كان لحياتنا أن تسموَ، لولا ذلك القبس الذي تفجّر من قصائد الشعراء، فملأ هذه الحياة بهجة، وأعطاها سموّاً ومعنى. نقرأها فتقع أنفسنا في اختلاجاتٍ شتّى: فقد نئن، أو نحن، أو نشكو، أو نرجو، أو نهدأ، أو نثور، فيمتزج عندنا وعي الباطن، وحس الظاهر، فتبهج عندنا الحياة، ونقبل عليها بأنفس راضية تدفعنا إلى الابداع والاختراع، ونبذ اليأس، والسعي في كل ما هو خيّرٌ وجميلٌ بثقة وطمأنينة، وأملٍ بغدٍ مشرقٍ.
السيدات والسادة الكرام.
أما بالنسبة لشعراء النجف في ماضيهم وحاضرهم، فقد ارتكزوا على أسسٍ صلدة وليس على فراغ، فقد مرّوا جميعهم بمراحل الشعر الثلاث: التأسيس، ثم التحوّل، ثم كانوا المثال في كلّ هذا، فخلقوا نصوصاً عدّت نواةً في الثقافة الشعرية، وأسهموا في صنع حضارة وتاريخ لهذا الفن النبيل من خلل الكلمة الابداعية والمعبّرة، واحترامهم لضميرها الأدبي، فكانوا أصحابَ قرائحَ شعرية متوهجة عبّروا فيها عن عواطفنا، وانفعالاتنا، ومشاعرنا، وأفكارنا، وتأملاتنا الذاتية،
فبيئة النجف في ضوء تاريخها الأدبي، والفكري، والحضاري، واحدة من أهم البيئات الشعرية في الأدب العربي، وما زالت كذلك. وهي قد شهدت تطورات الشعر العربي، وأسهمت في حركته التاريخية التي خلقتها أجيال شعرية أصيلة مثلت حركة التطور والتجديد في الشعر العربي، فكانوا فرسان التجديد في الشكل، وفي المضمون، وفي اللغة، وفي البناء الفني، فرسان مدارس الشعر التي كانوا أمناء عليها، في الشعر العمودي، والشعر الحر، وقصيدة النثر. فحق لنا أن نفخر بهم ونوجه لهم التقدير والمحبة.
إذن. هذه فلسفة اتحادنا في إقامة مهرجان عالم الشعر الذي سيقام سنويا ان شاء الله، بعد اعتماده رسمياً من قبل وزارة الثقافة. وسيكون لنا لقاءٌ آخر في مهرجان (بذار الشعر) لشعراء العراق الشباب.
شكرنا وتقديرنا للدكتور حسن ناظم وزير الثقافة والسياحة والآثار دعمه المادي والمعنوي.
شكرا للسيد محافظ البنك المركزي وللأستاذ احسان شمران الياسري نائب محافظ البنك المركزي دعمهما لاتحادنا ولهذا المهرجان.
شكرا للسيد محافظ النجف الأشرف.
شكراً للاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق.
شكرا لضيوفنا الكرام حضوركم البهي.
شكرا للنجف مربض الشعر ومستقره، بكافة فعالياتها الثقافية والاجتماعية.
شكري واحترامي للهيئتين العامة والادارية في اتحادنا ولأعضاء اللجان المنبثقة عن هذا المهرجان وهم يواصلون الليل بالنهار من أجل تقديم الأفضل.
امنياتنا أن تكون أيام المهرجان فرصة لإشاعة قيم المحبة والجمال.
رحم الله شهداء العراق.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
{ ألقيت في مهرجان عالم الشعر