مرايا الأشواك –نصوص- شـــــادية السعيد

مرايا الأشواك –نصوص- شـــــادية السعيد

حدث لي خلال الثواني الاخيرة التى استغرقها جمودي المتردي على رصيف الذكريات و أنا أرى هذه المرآة المقعرة التى طوتني وحركتني بسهولة الى ناحية الباب الخلفى للحديقة احتسي فنجان قهوتي واغمض جفوني على رائحة المساء تنغمس حرارة الفنجان تزهو ابخرة الهيل فى جسدي تتكون سحابة مطر حول رغوة الفنجان تتراقص رشفات الرغبة حول الاجساد

جلست لحظات اغرق بالخيال اعتلى هذه الاشجار لكي ارى عاكف وهو يشعل سيجارته فى شراهة وشراسة قاتلة تمتد ألايادي إلى مصارعة نحلة بيضاء تتمايل على انوار البراءة بل ضجيج ياخذ الابصار اقترب مني سألني عن دمية سقطت من يداه في هدير الامطار هكذا يعود مرات ومرات لنفس السؤال وعيناه تحدق فى استغراب – اين الحجاب واين النقاب هكذا دعني الى الاستقرار بدون ضجة !!

كنت في صراع نفسي كيف وبدون مقدمات تغير الحال لم يجلس في مكتبه كالعادة يصحح كراسات الطلاب لم يدخن كالمعتاد في رسم بياني لضباب الدخان الصاعد من رئته – فجاءة اغدق على بالعواطف بكل سخاء واهدى لي مصحف وعدة اشياء من الذهب اهمها قلادة باسم وفاء.

وكان والدي فى اعارة في الخارج رن رقم الهاتف انه فى اجتماع وسياتي غدا لحضور مراسم الخطوبة وهو فى كامل الاعياء واشتد عليه المرض وعاكف يبتسم من سم الدواء فهو غير قابل للشفاء وبدات مراحل الحقن الكيميائي كان يتخلس النوم اختلاسا حتى الصباح هطلت دموع الوادع وكان عاكف قاتم عابس الامال .

تكور على الكنبة وسألني اين وصية والدك وهل انتي فعلا الوحيدة لا ارى غيرك من الابناء .

حقا انه وقت السؤال وزعق فى حركة عصبية هسترية واتجه نحو الغرفة اين الخزنة واين الاموال وانا احترق فى بطء

و ابكي فى نفس الوقت لحرمانى من القوة –

فعلا انت جبان – ظهرت الجرثومة الحقيرة تسحق الفراغ الاليم وانا اسمع عويل رهيب من جثة ابي ترتفع من قرار القبر.

وهل يوجد اموال مع المرض ونحن نعيش في حرب بل سلام انه الفقر يغزو حتى الاغنياء

اجتمع المرض مع الفقراء وهذا المنزل نسكن فيه بالايجار

صفع وجهي بعنفوان واخذ ينظر الى المرايا من حولي ويحطم جميع صورى لم يكن عاكف ولاعابد الا للمال -ثم صاح ببرود انا متزوج من الراقصة شريفة وعندى فوج من الاطفال وجدتك عانس فى اخر العمر لم تكتمل فرحتك مثل النساء – ذهلني شعرك المجعد وبشرتك السمراء اصابني الاشمئزاز فاهديت لك مضاع مزيف بالوفاء وطلبت أن اسدل النقاب على وجهك حتى لا ارى حماقة نفسك تسلل الى من ثقب الباب فانا الممثل وانا المقامر بكأس النساء

ايتها القديسة ايتها الطهور ايتها الارض البور ايتها الصمت القاتل- ايتها الحمقاء اسرعي انزعي الايشارب الملون عن صدرك حدثني من هو اسرعي قولي والاخقنتك وسحقتك من المجرم ومن البرئ لقذ قفز خيالك يخلع عنك الثياب

وما أنا وانتي الا قدح مكسور يحاول تجميل الوجه القبيح امام المرآة

لقد سعى الشيطان الى لسانى فوجدتك سلاحا ارهب به سعير الاشواق – وقفز مسرعا يحمل لزوجتها بدلة الرقص ويقرع الطبول الصماء

وعادت تنظر الى فنجان القهوة الشاحب وتروى الرصيد الفارغ بالبكاء فعلا كان جاهل هل يحتفظ اى شحص باموال فى هذه الحياة كان احمق تفحم من سواد القلوب – والموائد كالمصباح الفاخر

ماذا يفيد الرصيد ونحن نتظز الفارس الهارب خلف الحدود حقا لقد ذبلت الورود وما ذهب لن يعود !!

لقد اصــبح الفنـــجان فارغ الا من مرايا الاحلام

يا له من كابوس كتوم احيانا تصدق نبوءات الايام – رن الهاتف وكلى عطش الى سماع نبرة ابي انتظريني صغيرتي ساعتذر عن الاجتماع ونحضر غدا انا وصلاح لاتمام مراسم الزواج وضحك بلوعة الانتظار – لم انس اعجابك الزائد بالمرايا لذا ساحضر لكى مرآيا بدون زجاج وعادت من خلف النسيان تلون الذكرى بالاحلام و ترسم براعم الاشواك على قطع البلور وصوت الاثير يردد –ايتها القطة الشقراء سنلتقى غدا باذن الله.