مخاضات السلام العسيرة

مخاضات السلام العسيرة

الولادة .. أختراق أغشية الظلمات للولوج إلى عالم الشمس والقمر .. ذاك لا شك مؤلم .. مؤرق .. تكتنف لحظاته مخاضات هائلة .. ربما تطيح بحياة أحدهما أو كلاهما…..أو أنها تكون بداية تقتضي البكاء والفرح في آن معاً.. كما أن التطرف المقيت عند من يدعي زورا وبهتانا أنه صاحب الحقيقة والصواب الأوحد .. بيد أنه لا يأبه لمنطق التسامح الذي توشح برداءه المصطفى صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم … الذي ترعرع يتيما يحمل المعاناة … ليهب السعادة للإنسانية .. .أو أولئك الذين ما فتئوا يحوكون خيوط دسائسهم .. لأغراق حياتنا في أودية الحروب والأزمات .. ليبدلوا بأهوائهم السقيمة ولادة السلام مع تساقط الرطب على السيدة العذراء عليها السلام… تلك التي تحملت أعباء المسير من مدينة الجليل (الناصرة) إلى أرض اجدادها مدينة بيت لحم (مدينة آل داوود) .. .لتنشر عبيق مولودها فيعم البشرية خير عظيم .  لا بد أن نؤمن يقيناً لا يتسرب لحقائقه التردد والنكوص .. أن كل شيء في ملكوت هذا الكون الفسيح متغيير ومتجدد .. وأن الولادة مستمرة .. فالليل يرخي سدوله لينبثق من سواده الحالك فجر مشرق .. والطفولة البريئة تمر بمراحل متموجة حتى تصل إلى الكهولة والهرم .. الصحة ربما يهوي إلى احضانها السقم على حين غرة .. .ولو عدنا بأفكارنا لنمعن النظر في تأريخ بداية الخلق .. وكيف مر بتحولات تستحق التأمل والتدبر .. لسلمنا أن الوجود في حالة هيجان مستتر .. تحكم أركان نزعاته قدرة خارقة .. يدفع الخالق من خلالها الكائنات بعضها ببعض ….كي يتحقق التوازن في أبعادها الخفية…

الحب والكره .. .الحقد والتسامح .. أن تأخذ الثأر أو أن تقول لا تثريب عليكم.. الحرب والسلام.. القوة والضعف .. مفردات تحمل بين ثناياها معاني متصارعة .. الجميع فيها يبحث عن الغلبة وان لم يفصح عن ذلك ..  في ظل هذا التناحر الفكري الهدام لمجمل المعاني السامية .. .تلك التي دقق في أغوارها الفلاسفة العقلاء.. منحوا الروح حبا غامرا للحكمة وكيفية تسخيرها لتحقيق السعادة الهادرة.. وكيف أن الأنجيل تحدث على لسان الملائكة عن ولادة المسيح (المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة)…..حيث أن مجد الخالق بره وقداسته وثمرته السلام والاطمئنان .  هل في الأفق موعد مع ظهور جديد لأيقاع يمنحنا معاني الإنسانية الحقة؟ ويمسح على أكتاف الحيارى  .. .أولئك الذين قذفت بهم ألسنة الحرب القذرة.. وقساوة القلوب المغلفة بعشق الدماء .. أما آن للسلام أن يحيا بين ذرات أرضنا التى أعشق بعد كل هذا الجحيم والنحيب ؟!! أنى للتسامح أن يرمق هذا الكون ليطل علينا من نافذة ما؟ فتغدوا به قلوبنا ممتلئة بالنضارة والجمال..

علي حياد محمد – بغداد

مشاركة