مجموعة قصصية قصيرة (2)
بائعة السمك
امرأة قبيحة المنظر ، متشائمة تستعجل رزقها تنظر بحسد على الجميع ، بصوتها تنادي وتدعو لشراء بضاعتها .
هي تبيع السمك مع مجموعة من النسوة اللائي بقربها يحترفن المهنة ذاتها وهن على الأقل راكدات وينتظرن رزقهن على مهل !
اقتربت منها امرأة وهي تسألها هل هذا السمك حي .. وعن الأسعار ويبدو أن هذه المرأة غير مستعجلة في الشراء تريد أن تتأكد من الأسعار قبل أن تسبقها احدى النسوة البائعات للسمك وبائعة السمك منتبهة لهن ويبدو إنها تعرفهن جيداً ..
صاحت بها لا تقلبي السمك هكذا !
اسأليني فقط .. من يدري قد تتفرجين علينا وعلى السمك !
تركت هذه المرأة السمك واتجهت صوب بائعة أخرى ، ولكن حصلت القناعة بإحدى السمكات واشترتها وسط حسرة وخسارة بائعة السمك المتشائمة ولامت نفسها .
بعد مدة قصيرة ..
الكثير من الناس يمرون من أمامها دون النظر لبضاعتها واقترب منها رجل ليسألها عن أسعار السمك رحبت به وهي تفضل الرجال في المعاملة على النساء ، حاولت أن تجاريه عله يشتري منها ، صبرت عليه قليلاً نجحت المحاولة باعت بسعر يناسبها وبعد دقائق انتبهت لحالها وصعقت وهي تصيح لم يعطني ثمن السمكة التي اشتراها أما الرجل فقد ذاب بلمح البصر مع الزحمة في السوق .
عربة الطفل
أمام احد الباعة تقف امرأة في خريف العمر ورجلاها لا تكاد تحملها يأتي أحد الصبية وهو لم يتجاوز العاشرة من عمره وهو يعرض خدماته مع عربته بأنه سيتجول معها في السوق ويحمل أغراضها ، ومن دون أن تجيبه رمت الأكياس في العربة وسارت وهو خلفها داخل السوق وقفت أمام القصاب واشترت ما تحتاجه من اللحوم . واستراحت قليلاً على كرسي صغير .. واصلت طريقها وفي نهاية المطاف تذكرت بعض احتياجاتها من البهارات توجهت الى العطار واشترت ما تحتاجه والتفتت الى الصبي وعربته لتضع أغراضها ! التفتت يميناً وشمالاً انتابها القلق والحيرة من أمرها ، احس بها احد الباعة وبسرعة قال لها عليك أن تتأكدي من هؤلاء يا حاجة ، إنهم يسرقون الكحل من العين ! هو مشهد يتكرر كل يوم في سوقنا !
وقبل أن تحزم أمرها فكرت أن تتجه صوب الشارع العام علها تجد الصبي وعربته وهو ينتظرها هناك ! لم تظن به السوء أبداً ، وقبل أن تصل سمعت عويل وبكاء اقتربت قليلاً من المشهد اتضح الأمر بعد ذلك ! الصبي وعربته ارتطمت بإحدى السيارات المسرعة في الشارع العام ، وتناثرت أشلاء الصبي وما تسوقته من أغراض .. حاول بعض الناس تدارك الموقف ولكن لا جدوى .
لم تتمالك نفسها أجهشت بالبكاء بحرقة وبصوت عال حتى تصور الناس انه ابنها . بكت ليس على أغراضها وإنما على هذا الصبي الذي لم يحسن أهله تربيته واجبروه على العمل بسن صغيرة . ولكن قد يكون المعيل الوحيد للعائلة ..!
سامحت الصبي ودعت له بالمغفرة والرحمة واقفلت الى اهلها راجعة .
خبز حار .. خبز بيت
هكذا كانت تنادي على سلعتها بصوت اختلط بضجيج الباعة والمتسوقين ترقب حركة السوق وتعرف زبائنها ..
افترشت الرصيف مع نسوة أخريات يمتهنن المهنة ذاتها ، وتحاول كل منهن أن ترغب في بضاعتها للزبائن .
بائعة الخبز تلك منعزلة بعض الشيء لان الأخريات يثرثرن في مواضيع هي لا تريد الخوض فيها أبدا .
اقترب منها احد المارة وسألها أن كان عندها خبز لمرضى السكري (الذي هو خبز الشعير) وأكدت إنها تحتفظ ببعض الأرغفة في كيس نايلون وبحالة جيدة ناولته الأرغفة ودون أن تنظر إليه دفع لها الثمن وتركها وهي تنادي : خبز حار .. خبز بيت .
فاجأتها إحدى النسوة المسنات وهي تلومها لان خبز الأمس كان مالحاً وهي تشكو من ضغط الدم وكانت في حال سيئة بالأمس ، حاولت بائعة الخبز ان تهدئ من غضب هذه المرأة المسنة وهي تهون عليها وتقول : لم تقولي أنك مريضة لكنت أعطيتك خبزاً بملح قليل لا عليك .. سأعطيك ارغفة تريحك وستأكلينها وتدعين لي ! ولن أخذ منك ثمناً لذلك ، راقت الفكرة للعجوز ناولتها الرغيفين وتمنت البائعة لها بالصحة كل ذلك يجري وزميلاتها البائعات يرمقنها بنظرة حسد وهي تعامل الزبائن بلطف ومحبة . وبعد قليل .. يتوافد الزبائن عليها ليشتروا منها الخبز ..
اقتربت منها إحدى البائعات وهمست في إذنها مازحة ألديكِ خبز حلو ..! يبدو أنك تلبين كل ما يطلب الزبون ! ردت عليها بحسن نية وابتسامة .. كل الذي يطلبه الناس موجود وسهل المنال .. واسترسلت في كلامها وكأنها تعطيها درساً .. الزبون يتوقع أن يجد كل ما يحتاجه في السوق لقاء ثمن يدفعه فلا ينبغي ان يرجع من دون تلبية طلبه ما دام الطلب غير مستحيل.
تحسست أكياس الخبز وقالت : الحمد لله ، لقد نفد بسرعة اليوم . قالت إحدى البائعات كأنها حسودة هذا هو شأنك كل يوم تتركينا لوحدنا باكراً .. تركتهم بتحية ودعاء لتستكمل مشوارها في البيت .. أجل تخبز لأهل المحلة لقاء ثمن يدفعونه لها ! وزوجها لا يزال يغط في نومه .
محمد بدر – بغداد
AZPPPL