قصة قصيرة (2)
أمنية قحطان
رد أخوه بشفافية وهدوء وموضوعية:-
– وهل أن الفن مبتذل في نظرك ؟
أجاب ( أبو قحطان ) : –
– نعم وليس من ثقافتي هذا الموضوع ..
قال الأستاذ (حسين) :
– لم يحرم الفن .. أو ما قرأت في القرآن ( ورتل القرآن ترتيلا ) وبهذا ظهر فمن التجويد والتلاوة .. أما تمتعت بصوت المقرئ ( الشيخ عبد الباسط ) .
وهلا نسينا روعة صوت ( بلال ) فوق منارة المسجد الحرام ؟ ألم يطلب الإسلام منا أن نعلم أبناءنا (الخط والفروسية والسباحة) وهي أنواع من الفنون (وكان للنبي داود) صوتا حسنا وقد أعطي من طيب النغم ولذة ترجيع القراءة ما كانت الطيور لأجله تقع عليه وهو في محرابه ) ويطلب في الزبور التسبيح لله بصوت العزف والقيثار والكبر .
كنت أستمع إلى الحديث منتظرا دوري في المشاركة .. فالتفت الأستاذ ( حسين ) صوبي طالبا إبداء رأيي .. كوني صديق الجميع ومعلم ( قحطان ) في الابتدائية .. قلت : – شكرا .. وبدأت واثقا من تعاطف الأستاذ معي في ما أقول :
– حقا أن ( قحطان ) شاب طموح له في الحياة مطامح وآمال ويمتلك موهبة عالية في الفن – خاصة الرسم والتمثيل . وكلاهما من الفنون التي تخدم المجتمع ..وبما أنه عاش مفاصل الحياة الاجتماعية في قريته الفلاحية كونه ابنها والذي لم يفارقها منذ أن أبصر نور عينيه سنابل الرز ومساحات الأهوار وعطر أريج نسائمه الفواحة فقد عبر عنها في لوحاته الفنية ..كما جسد الأدوار الاجتماعية التي تنتقد الحالات الاجتماعية والظواهر الخاطئة السائدة آنذاك .. كالتخلف واحتقار المرأة وقسوة الإقطاع والإيمان بالخرافات والتقاليد البالية . وكانت أدواره هادفة نقية .. وشاهدت أغلبها فكانت نسيما من أنسام الفن الجميل يرطب هواء هذه الحياة الجافة ..وتابعت القول : –
– وهو الآن من الشباب المجد المتجدد .. والذي يعرف أن عربة الحياة لا بد أن تسير دائما نحو النور .. فالتغيير والتبديل مستمران في الحياة ولا سيء أحقر من الماء الراكد ..
كان (أبو قحطان) مستمعا جيدا .. وعاجزا عن إتيان حجة للرد على آرائنا الصائبة والمستندة إلى الحقائق والوقائع .. تمكنا من تفنيد آرائه وأفكاره المتحجرة .. ثم نطق بعد صمت طويل وهو ينشف عرقه المتصبب بكمه :
– أريده أن يكمل دراسته الإعدادية ولا يلهيه الفن عن مواصلة الدرس والتحصيل ..
فاتجه الأستاذ ( حسين ) نحو أبن أخيه قائلا :
– ما ذا تقول يا ولدي لأبيك عما سمعت ؟
أجاب بكل أدب ولهجة صادقة نقية :
– أقول للوالد قولا كريما .. وأضاف:
– يا عم أشكر مسعاك .. وأؤكد لك بأنني مجتهد ولا أفرط في مستقبلي .. وسأكمل مسيرتي الدراسية كما يريد أبي ..
شكر الأستاذ أخاه وطمأنه على متابعة ولده قائلا:
– ستنبئك الأيام بما هو رائع وعظيم ..
هتف ( قحطان ) فرحا :
– الآن تجاوزت المحنة والصعوبة اللتين اعترضتا سبيلي وكسرت الحاجز الذي كان حائلا وعائقا دون تحقيق أمنيتي لأن أكون فنانا .. وفعلا .. أكمل دراسته الإعدادية بتفوق وتخرج من كلية الفنون .. وواصل الدراسات العليا وحصل على شهادة (الدكتوراه وأضحى من كبار الفنانين المسرحيين في العراق .. أستاذا وناقدا .. فتحققت أمنيته وانتصرت إرادته .. واستطاع أن يبني له مكانا تحت الشمس .
محمد السيد ياسين الهاشمي – العمارة
/9/2012 Issue 4296 – Date 5 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4296 التاريخ 5»9»2012
AZPPPL