خليل شوقي لن نقول وداعاً
غيابات يولويس قيصر وراء إختيار الطالب العائد – نصوص – صباح المندلاوي
في العاشر من نيسان الفائت توقف قلب الفنان الرائد الكبير الخبير المبدع خليل شوقي بعد جهد فني حافل بالعطاءات والانجازات والمشاركات المتنوعة ما بين التمثيل والكتابة والاخراج للاذاعة والتلفزيون في عام 1967 تصدى للاخراج السينمائي، فكنا وجهاً لوجه امام الفيلم السينمائي- الحارس- سيناريو الفنان قاسم حول وتمثيل الفنانة المبدعة الراحلة زينب والفنان القدير الراحل مكي البدري.
وقصة الفيلم بمنتهى الواقعية، حيث الحارس الذي يعمل حارساً في الليل وبائعاً للنفط في النهار، يقع في حب الارملة- ام عبد- التي تسكن مع نزيل آخر- فنان تشكيلي- مثل الدور الفنان قاسم حول- والذي يتودد اليها ويحاول ان يرسم لها لوحة.
وما ان تقع انظار الحارس الليلي على هذه اللوحة حتى تشتعل الغيرة في دواخله ويخطط لسرقتها والاحتفاظ بها في بيته البسيط والمتواضع.
واذ تدهم النيران بيته ذات يوم ويأتي من يخبره بذلك يهرول مسرعاً او راكضاً الى غرفته والى صندوق الودائع ليخرج اللوحة ويحملها بأنكسار امام المتجمهرين حول بيته، كأن هذه اللوحة هي الأهم في حياته مع ان مهنته كحارس ليلي تدعوه للحفاظ على ممتلكات الآخرين ولكن الحب الذي لا يعرف الحدود والقيود والحواجز حقاً النهاية دراماتيكية وتبعث على الكثير من التساؤلات والتأملات، بل ويمكن القول انها تحمل عهداً جديداً الى السينما العراقية.
وما يؤكد ذلك انه وحينما شارك الفيلم في مهرجان قرطاج الدولي في تونس، فاز بالجائزة الثانية الجائزة الفضية، وكتبت عنه الصحف العالمية والمحلية الكثير.
لقد اضاف هذا الفيلم رصيداً لا يستهان به الى رصيد الفنان المبدع خليل شوقي وبات علامة مهمة كلما جرى الحديث عن السينما العراقية.
والفنان الراحل خليل شوقي من مواليد بغداد عام 1924 نشأ وترعرع في محلاتها الشعبية.
دخل المدرسة الابتدائية عام 1930 واستهاوه المسرح ووجد فيه محراباً للدفاع عن المظلومين والمسحوقين والمعدومين كل ذلك وبتأثير من اخيه الأكبر- ابراهيم حقي- الذي كان محباً الشعر والادب والقصة، ويقال انه في الثلاثين من القرن الماضي كتب مسرحيتين.
عام 1935 وبينما هو في الصف الخامس الابتدائي، اصدر خليل شوقي لوحده نشرة مدرسية، لفتت انظار التلاميذ والمعلمين اليه. واذ دخل المدرسة المتوسطة، وهو يعي ويدرك ماحوله، ووجد في الكتاب انيساً لا مثيل له، التهم حوله كتاب (آلف ليلة وليلة) باجزائه الاربعة، (وكليله ودمنه) بحكاياته الاثيرة وشفراته المتنوعة على لسان الحيوانات.
قرأ رواية (البؤساء) لفكتور هيجو فأخذته الى قاع المدن والى عوالم المهمشين والمحرومين والمعذبين والمهمومين والبؤساء..
وجد نفسه صديقاً حميماً لهم وخزن في ذاكرته الكثير مما يتطلعون اليه.
هذه الكتب وغيرها من الدواوين الشعرية شكلت حافزاً للمضي اكثر فاكثر الى حيث الادب والفنون وفضاءاتهما الجميلة، ولا غرو ان نجده ما ان انهى دراسته المتوسطة، حتى دخل معهد الفنون الجميلة وقسم المسرح تزود باوليات العمل المسرحي، او التمثيل تعرف على اساتذة اجلاء وكبار ومن خلالهم عشق المسرح ردد المقولة الشهيرة.
اعطني خبزاً ومسرحاً
اعطيك شعباً مثقفاً
ولظروف خاصة تعذر عليه اكمال دراسته المسرحية مثل زملائه الآخرين، وترك المعهد، وعاد اليه من جديد، واستغرق ذلك عقداً من الزمن.
غيابات كثيرة
وخلال هذه الاعوام العشرة اعتلى خشبة المسرح لمرات ومرات ها هو الفنان الرائد الراحل حقي الشلبي يخرج مسرحية (يوليوس قيصر) لشكسبير ولصالح معهد الفنون الجميلة، واختار الفنان الراحل يعقوب الامين ليلعب دور يوليوس قيصر، وبسبب غيابات الامين الكثيرة يرتأي ان يكون خليل شوقي بديلاً عنه فلعب هذا الدور وعاد يكون قاعدة انطلاق له كان ذلك عام 1943.
ومازلت اذكر جيداً ويوم كنت طالباً في اكاديمية الفنون الجميلة- قسم المسرح عام 1969 كيف ان استاذناً الفاضل الراحل ابراهيم جلال واثناء تدريسه لنا التمثيل والآخراج، عن اخراجه لمسرحية- شهداء الوطنية عام 1948 وللكاتب الفرنسي فكتوريان سادو ولصالح الفرقة الشعبية التي تأسست عام 1947 وكان الفنان الراحل خليل شوقي احد المؤسسين لها.
وكيف ان المسرحية كانت مشحونة بغضب عارم وتحد يراد منه شحذ الهمم والعزائم، لدرجة ان الحكومة قد طوقت قاعة المسرح بالدبابات خشية اندلاع التظاهرات والاعتصامات.
هكذا المسرحية والا فلا
وقد طالعت فيما بعد، ان الفنان الراحل خليل شوقي كان احد الممثلين في هذه المسرحية التحريضية بامتياز مما اثارت حفيظة السلطة ومخاوفها.
عام 1954 تخرج من معهد الفنون الجميلة.
عام 1956 لعب دور سبع المطيرجي في فيلم (من المسؤول) اخراج الفنان عبد الجبار ولي وتمثيل سامي عبد الحميد بدور الطبيب والفنانة ناهدة الرماح بدور (معصومة) دور المرأة الضحية شقيقة سبع المطيرجي.
في هذا العام عمل ايضاً في التلفزيون بغداد.
اي منذ افتتاحه عام 1956.
عام 1947 نسج للاذاعة تمثيله بعنوان (من حياة الموظف) وفيما تطرق الى غلاء المعيشة والمحسوبية والمنسوبية وتأثيرها السلبي على المجتمع.
عمل موظفا في دائرة السكك في الشالجية عام 1959 وتولى هو وزميله المصور- حميد مجيد- ادارة الشعبية السينمائية فيها- وعند مجيء المهندسين الروس لاستبدال الخط المتري للسكك الحديدية بالخط العريض يتم تصوير ذلك ويبث باستمرار من على شاشة التلفزيون.
واذ تكاليت المؤامرات على الثورة الفتية، ثورة الرابع عشر من تموز 1958 كنا وجهاً لوجه امام انقلاب شباط الاسود عام 1963 ويتم اعتقال الفنان خليل شوقي ومعه زميله المصور- حميد مجيد- تم سوقهما الى موقف السكك ومنها الى موقف القصر الابيض.
تعرضا للضرب والصفعات و (السطرات) بساحة الموقف المكتظة بالضباط والعسكريين والمعلمين والموظفين.
كمشا حتى الفجر- بعدها نقلوا بشاحنات كبيرة- لوريات- الى قوة السير في السدة وادخلوهم (قاووشا) يسع لعشرة انفار، واذا به يعج باكثر من مئة شخص.
ويا لها من معاناة وعذابات لا تنسى.
اطلق سراحه مبكراً، لعدم كفاية الادلة.
وهناك من يروي ان المخرج التلفزيوني الراحل كمال عاكف قد ابدى حاجته الماسة لهذا الفنان في اطار العمل الاذاعي والتلفزيوني، فاستجيب له.
في الاذاعة والتلفزيوني، كتب الكثير من التمثيليات وأدي الكثير من الادوار الشعبية التي ترتبط اوثق الارتباط بهموم ومعاناة الناس. ومجدداً لن ننسى دوره في تأسيس فرقة المسرح الفني الحديث في الثالث عشر من حزيران عام 1966 وحينما قدمت هذه الفرقة رائعتها- النخلة والجيران- المآخوذة من رواية بنفس الآسم للكاتب الراحل غائب طعمة فرمان والتي اخرجها الفنان المبدع الراحل قاسم محمد، يبرز وتميز بحق الفنان خليل شوقي وهو يتقمص دور الدلال الطفيلي- مصطفى- ويضفي عليها من عفويته وتلقائيته الكثير.
بل وشكل مع الفنانة المبدعة الراحلة- زينب- التي لعبت دور- سليمة الخبازة- ثنائياً متميزاً ومن عبارته التي شاعت: (سليمة خاتون ترة اني مقصر) أو (سليمة خاتون هذا شربت انكليز) الا لها وقعها الساحر وقد بقيت محفورة في ذاكرة الناس والمسرح العراقي.
كان ذلك عام 1969 حينما قدمت الفرقة هذه المسرحية من على المسرح القومي في كرادة مريم، وقد استمر عرضها لثلاثة اشهر وقد اقبل على مشاهدتها الكثير من جمهور المحافظات والعاصمة بغداد، وكانت بحق انعطافة مهمة في تاريخ المسرح العراقي المعاصر لم يكتف بذلك، بل رايناه مرة اخرى يحلق عالياً في ادائه لدور البخيل في مسرحية (بغداد الازل بين الجد والهزل) التي اعدها الفنان قاسم محمد من التراث العربي ولصالح فرقة المسرح الفني الحديث.
كل ذلك وببراعة وتمكن.. بل وربما كان يسرق الاضواء ممن يشاطرونه العمل.
وتطول قائمة المسرحيات التي كشف عن براعته ومهارته في ان يلعب ادواراً او شخوصاً قلما يكررها وبعيدا عن النمطية والتقليد.
هو يعرف كيف يرسم شخوصه وينحتها بعناية بازميله الذهبي ها هو يمثل شخصية (دبش) في القربان لغائب طعمة فرمان واخراج الفنان الراحل والذي غادرنا مبكراً فاروق فياض.
وكذلك في مسرحية (اضبطوا الساعات).
في الينبوع (يوم مثل شخصية العراف.
وقد جاءت المسرحية وفاءً لحديث مهم الا هو تأميم النفط اذ وجد الكاتب المسرحي نور الدين فارس في ان يستلهم الاسطورة ويقطفها لصالح تطلعات ابناء شعبنا العراقي.
والمسرحية من اخراج الفنان الراحل وجدي العاني وقد قدمت من على قاعة المسرح القومي في الخامس من ايلول عام 1972.
كنت يومها عضوا في فرقة مسرح اليوم وقد اسندلي المخرج دور (البقال) في المسرحية.
لعبت الفنانة الكبيرة زينب دور- الأم- والفنان لطيف صالح مثل دور الراوي ومما هو جدير بالذكر ان الفنان جعفر حسن قد ادى (المغني) وقام بتلحين الاغاني فيها.
وبحكم عملنا اليومي المشترك والتمرينات المسرحية التي جمعتنا بالبعض، توطدت العلاقة فيما بيننا.
وصرت اسمع منه عن قصص وحكايات احبها كيف استمع الى البيان رقم 1 الثورة الرابع عشر من تموز وبصوت العقيد عبد السلام عارف.
ابدى اعجابه بمسرحيات ناظم حكمت ولانها تزاوج مابين الشاعرية والثورية.
ابدى رغبته للتمثيل في مسرحية اسمها- النساجون- عن فرقة بأسم نجوم المسرح، كانت قائمة قبل ثورة الرابع عشر من تموز 1958 وبعدها استبدلت بفرقة (الشعلة للتمثيل) برئاسة الفنان ابراهيم الخطيب، وكان من بين اعضائها: طه سالم، منذر حلمي محسن السعدون، وداد سالم، سعدون العبيدي، مكي البدري، قاسم محمد.
وقد اخرج شوقي لهذه الفرقة- وكان عضوا فيها- تمثيلة تلفزيونية بعنوان (الجرح الخفي) مثلث فيه الفنانة وداد سالم، وازادوهي صموئيل وسعدي يونس.
وفي مساء آخر حدثني مذهولاً عن اجواء محلة الفضل وخان لاوند وعبود ابو الثلج والجوبة والعزة وكيف كان يراقب (المطيرجية) في هذه المحلة وهو ما استفاد منه عند تمثيله لشخصية سبع المطيرجي في فيلم (من المسؤول).
كذلك عن دور السينما الشتوية والصيفية في بغداد وكيف كان الاقبال عليها يدلك على ظاهرة حضارية.
مرت الايام والاعوام. وتحديداً في النصف الثاني من سبعينيات القرن الماضي، واذا بنا نلتقي سوية في تنظيميات الحزب الشيوعي العراقي- اللجنة القاعدية- التابعة لخط المثقفين.
وجوده يضفي جواً من الألق على الاجتماع الحزبي.. مداخلاته فيها الكثير من الرصانة والعقلانية والحرص والاخلاص.
ها هو يسحرك بهدوئه المعتاد والتزامه العالي وحسن ضيافته حينما تعقد الاجتماعات في منزله الكائن في المنصور.
إستهجن ماجرى داخل العراق من ممارسات لا ديمقراطية وضغوطات ومضايقات تعرض لها المثقف العراقي والفنان العراقي.
دافع بحرارة عن المسرح العراقي وشخص القيود والممنوعات التي تكبله وتفرغه من دوره الثوري المنشورد.
يورد امثله على الممنوعات في مسرح العراقي، وتوقف لدى مسرحية (دائرة الفحم البغدادية) تلك المسرحية التي كتبها الكاتب الاماني برشت وعرفها الكاتب المبدع عادل كاظم وتولى اخراجها الفنان الراحل ابراهيم جلال وبطولة الفنان المبدع الراحل منذر حلمي وهو لعب دور القاضي المعنكي.
ليلة واحدة
عرض هذه المسرحية لليلة واحدة ومنعت لأن احد المسؤولين الكبار قد حضر العرض واوعز بايقافها اعتقادا منه انها تحمل العديد من الشفرات التي تتعارض وسياسة السلطة الحاكمة انذاك.
ومن المؤكد ان هذه المسرحية ليست الاولى التي تمنع اذ سبقتها (الجومه) ليوسف العاني وتمرينات فرقة المسرح الفني الحديث، وغيرها الكثير.
والى جانب طروحاته السياسية وشعوره بالمرارة والألم ازاء ما حدث في المسرح العراقي، كان لا يتردد في اعداد جداول المالية للخلايا التابعة بدقة ومهارة وحذق.
وكأي محاسب متمرس، يتابع من تآخر ومن تخلف عن الدفع الشهري ويسجل من الاراء والمقترحات ما هو جديد ومفيد وسديد.
حقاً هو مثال الفنان المبدع والملتزم، والبسيط والمتواضع، والذي يستحق كل التقدير والاعجاب ساءت الاوضاع السياسية في البلاد ووصلت الجبهة الوطنية الى طريق مسدود، صرنا نكتفي بأن نلتقي في سيارة الرفيق الفنان الراحل فاروق اوهان ونناقش بايجاز وتكثيف القضايا الساخنة والملتهبة، خشبة الوقوع في شباك ازلام السلطة واتباعها.
في الرابع عشر من كانون الثاني عام 1979 اضطرت لمغادرة العراق ويبقى هو في الداخل يحمل صليبه على كتفه وبطريقته الخاصة.
وقد التحقت كريمته- ايسر- بصفوف حركة الانصار المسلحة في كردستان العراق.
وسافر ابنه فارس الى الخارج.
التقينا مرة اخرى في دمشق وقبيل سقوط النظام الدكتاتوري في بغداد، ربما كان ذلك عام 1998 لست متأكداً. او في الاعوام التي تلت.
يتناهى الى مسامعي انه نزل في فندق سمير اميس على مقربة من جسر فكتوريا ومعه الفنان المبدع منذر حلمي، فأتوجه اليهما، وبعد تبادل التحيات والاشواق، استرجعا الكثير من الذكريات واللقطات.
كانا قد حضرا الى دمشق لتقديم مسرحية (السيد والعبد) من اخراج الفنان المبدع الراحل عوني كرومي بدت عليه امارات التعب والكبر ويقينا ان لكل عراقي الف قصة وقصة عاشها مع جلاوزة النظام السابق في بغداد وهي مترعة بالقلق والخوف والرعب والذعر والهلع.
استرجع يوم كان يمثل دور (عبد القادر بيك) في مسلسلي (النسر وعيون المدينة) و (الذئب وعيون المدينة) وكيف ابدع في ادائها، استرجع شريطاً طويلاً من التمثيليات التلفزيونية التي مثلها ومنها: (جذور واغصان) تأليف عبد الوهاب الدايني واخراج عبد الهادي مبارك (ايمان) تأليف معاذ يوسف واخراج حسين التكريتي (بيت العنكوبوت) اخراج بسام الوردي (المغنية والراعي) المعاذ يوسف واخراج حسن حسني وكذلك ابرز الافلام السينمائية التي مثلها منها:
– ابو هيله
– الضامئون
– يوم آخر
لم يمكت طويلاً في دمشق وهو الذي تجاوز الثمانين بقليل عاد الى هولندا..
مغتربة القسري الذي اختاره عام 1997 والى جانب كريمته الفنناة المبدعة مي شوقي وزوجها الفنان السينمائي عبد الهادي الراوي.
نتابع اخباره من بعيد.
وحسن فعل الفنان قتيبة الجنابي حينما اعد فيلما سينمائي عن حياته ومشواره الفني وثق فيه محطات حياة هذا الفنان الكبير.ونفس الشي قال الاديب والكاتب زهير الجزائري حينما اجرى لقاءات مطولة معه يمكن ان تكون مادة دسمه لكتاب عن حياته واهتمامته المتنوعة وعن خفايا واسرار ربما لم يطــــلع عليها احد.وربما يكون سيناريو لفيلم سينمائي اخر عن حياة (انتوني كوين العرب) اذا ما توفرت المستلزمات المشجعة لانتاج مثل هذا الفيلم وليضيف جديداً الى لاسينما العراقية وبما يعزز من مكانتها. عام 2014 وحيث صادفت الذكرى 80 لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي واستمر الاحتفال وببهذه المناسبة على مدى عام كامل.
قررت لجنة الاحتفالات المركزية تكريمه والاحتفاء باعتباره احد الرموز الفنية والابداعية التي تألقت في سماء المسرح العراقي والفن عموماً. وارتبطت اوثق الارتباط بهموم ومعاناة ابناء شعبنا، واستحقت بجدارة ان تكون مفخرة للوطن وللشعب.
كرنفال خاص
كان مقرراً السفر اليه وفي مغتربه القسري ولاقامة كرنفال خاص يليق بهذا المبدع الكبير الذي عرف كيف يسحر جمهوره ومحبيه ورفاقه.
بيد ان الموت كان له بالمرصاد فأختطفه قبل ان يتحقق ذلك.
وكان نبأ رحيله صاعقاً بحق لمن عرفوه.
واذ كانت اللجنة المركوية للحزب الشيوعي العراقي تعتمد اجتماعاً استشارياً مع سكرتاري المحافظات وبلغها الخبر يوم وفاته.
فتم الوقوف دقيقة واحدة حداداً على رحيله.
كان الفنان المسرحي هادي الخزاعي قد اتصل بي من هولندا وابلغني برحيله وبدوري ابلغت اللجنة المركزية بذلك.
خيل الي لحظتها ان مسرح بغداد سيبكيه طويلاً وكثيراً ها هنا كان يجلس. ها هنا كان يمشي.
وهنا هنا يقف على الخشبة بسدارته البغدادية وفي احايين بازياء اخرى جسدت شخصيات شعيبة محببة، لها ما يميزها من (كركترات) جميلة تبعث على الاعجاب والاكبار ها هي اروق الاذاعة والتلفزيون تناجيك وتكشف عن حزنها الدفين والمها واساها برحيلك الابدي.
بل شوارع بغداد وازقتها والاحياء الشعبية التي احببتها وتجولت فيها.
كم هي حزينة وكئيبة جراء هذا الرحيل.
كنت ساحراً في كل ماقدمت.
وكانت الحصيلة حب الناس والجمور. وتلك الشعبية المتزايدة ها قد مر اربعون يوماً طافحة بالحزن والآسى واللوعة على رحيلك.وعسى ان يكون هذا الرحيل كناقوس يقرع وينذر بالخطر وليكون حــــــــــافزاً للتفكير باهمية عودة المغتربين من المبدعين الى بلدهم مع توفير كل المستلزمات التي من شأنها توفير الراحة والاستــقرار والرفاهية لهم.
نم قرير العـــين ايها المبدع الساحر
ودعنا نحلم في ان نرى تمثالاً شامخاً لكم امام مسرح بغداد بعد ان يعاد له الحياة او على ضفاف دجلة او في احدى شوارع بغداد وساحاتها.
وهو بعض الوفاء لما قدمتهم واعطيتهم.
كم من المليارات اهدرت هنا وهناك وبدوافع ذاتية وانانية يحاسب عليها القانون؟!
هل كثير على هذا الفنان وغيره من المبدعين والعباقرة والعظماء ان ينالوا نصيبهم من الوفاء والتكريم والاحتفاء حتى بعد رحيلهم؟!
وعسى الا يطول الانتظار.
لن نقول وداعاً فمثلك لن يفل نجمه الساطع ولن يرحل.

















