د. فاتح عبدالسلام
يردد سياسيون متحمسون لتحالفات نخبوية، ليس لها كالعادة أية امتدادات في عمق الشارع العراقي المنكوب، مصطلحات تطفح بشعارية منمّقة ومُبهرجة، أغلبيتها مدفوعة الثمن، جرى تكرار استعمالها في جميع الحقب السياسية التي مرّت على البلاد منذ قيام الملكية مع تأسيس الدولة. ومن تلك المصطلحات المنسوخة، العرس الديمقراطي، فحين يحشدون للانتخابات يطلقون هذا المصطلح، وحين يفرزون النتائج يكررون اطلاقه، وعند افتتاح الدورة الجديدة لمجلس النواب يرفعون الصوت به مهللين فرحين .ثم تنتهي الجلسة الافتتاحية، وينفض العرس، لتبدأ رحلة المأتم الثقيلة عبر أربع سنوات تجثم على صدر الشعب ، لا يعرف كيف يتخلص من ثقلها، دائما يحدث هذا الوضع الكئيب متكرراً بحذافيره ، ولا توجد علامات جادة على الشروع ببداية مختلفة حتى الآن .
لا أدري لماذا يسمونه عرساً، مَن هما العروسان؟ ومَن هم المدعوون، وهل هو عرس جماعي أم فردي ؟، ومَن الشهود؟ وتحت أية شريعة – سياسية- جرت المكاتبات؟
الجواب الرمزي، هو انَّ كل شيء يجري تحت قبة البرلمان، إشهاراً علنياً يشهد عليه الشعب كله عبر الشاشات الصغيرة. لكن هذا الشعب بات حائزا على خبرة كبيرة متراكمة من كثرة الخيبات والاحباطات التي أصابته بإعاقات متفاوتة بين المستديمة والعابرة من العملية السياسية الموصومة بمراحل شوهاء متعددة لا يزال اثرها السلبي المتوحش ماثلاً للعيان ، لذلك لا يمكن الاستشهاد بالشعب شاهدا جديدا على ما يجري تحت تلك القبة ، فقد جرت في الماضي القريب صفقات وتوافقات بطعم التدليس والتبخيس والتخسيس والتفقيس، بحسب كل مرحلة وشخوصها وقوائم الدفع والرفع والوضع فيها.
تجارب سيئة سيكون تكرارها بداية موسم حزن جديد للملايين الأربعين الحائرين المتحيّرين فوق تراب الرافدين، يرجون خلاصاً من حال لا يسرّ عدواً ولا صديقاً الى حال يسترجعون فيه الثقة بالعناوين التي تجتمع فيولد منها الوطن.
لا مجال بعد اليوم لاستعراض عرسان جدد، فيما الشعب يزف ضحاياه من الفوضى في الامن والسياسة والاقتصاد والمجتمع، من دون أن تشير اصبع الى متهم واحد ارتكب بعضاً من ذلك.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية