عذراً يا بيروت

عذراً يا بيروت

كاظم عبد الله العبودي

اذا لم ارسم لك فوق النجم علامة حب

او لم انقش فوق شواطئك الغناء

سهماً شك سويداء القلب

او لم اكتب.. وعلى جذع الحور اسمي ملهوفاً

يحضن اسمك، او احلم

ان انهل من بين ثناياك – انا الحلمان

ابداً – ان انهل بين ثناياك بريق البسمات

عذرا.. ان لم ابعث بالامس

لعينيك رسالة شوق تلثم كفيك، تعانق جفنيك

تبث رموشك احلى الانغام واحلى الكلمات

فأنا مشغول يا واحدةً من اغلى الاحباب.. بأغلى الاحباب

هي يا بيروت قصيدتي الاولى

ومليكتي الاولى

هي حضن يتنسم اول انفاسي طفلا..

يتلقى صرختي  الاولى، ويطوق بسمتي الاولى، ويجفف دمعتي الاولى

اغفو، فيظل وسادة أحلام براءة حلمي

وبطرزفوق جفون العين ينبض القلب

أول حرف من إسمي

أصحو، فيطل على وجهي:- عينا تنصح .. بل تكتبت .. ماذا

احنان هو ماتسكب؟ .. لا ادري

شوق رغم القرب

ام بوح الريح رخاء انى هب؟

ام ضوع القداح.. عبيرا أنى فاح.. ربيعا انى لاح

يسر الناظر.. او ايقاعاً يبعثه اذ يرقص فيه القلب؟

{ { { {

هي أحلى مفردة في لغة اليوم وقاموس الامس

هي أترف زغردةٍ صبح العرس

وهي جمال قوافي الشعر متى يحضن اندى الشعر خصور الغيد

وحنان ارق اغاني الأم..

اذا انشد ثغر الأم لعيني طفل ما فتئت تستعجل

– أن طال عليها الليل – .. صباح العيد

ومليحة ليل الصب اذا جن الليل

واميرة كل اميرات العشق الازلي.. تلوح بهو دجها:

الوان الطيف، بريق ثنايا اللؤلؤ، ميس حقوق القمح،

دلال عناقيد الكرم

ويغني هودجها حادي العيس اذا ما تتبختر في درب العرس

او في وعق شعاب الدرب.. اصيلات الخيل

خبّت لتزف الشمس

فتزيل بطلعتها عن وجه جميع الناس ركام الهم

بثياب العرس تطل..

فيهمس بدر الليل لنجم (سهيل)

– ألاّ خوف يُرهب – اذ تصعد بالسفن – النوقَ

ولا خوف اذ تشرب ظامئة النوق

ولا تخشاك، ولا تجفل منك – سهيل –

أمانا باسم الله عليك

{ { { {

هي عينا (ليلاي) يكحلها حزن لا يشبه اي الاحزان

كنتُ، وكانت.. امسح جفنيها حين يرف الجفن، وأدعو

أضرع للباري ان لا يسمح ان تعرف ما الدمع وما الاشجان

هي بسمة حب تعلو شفة الدنيا

في أول لقيا

اذ كان مجرد حلم باللقيا يرجف قلب المشتاق

ويزرع في عينيه معاني الأرق الولهان

تتدفق – صامتة – كل الاحلام وكل الكلمات

وتغص حناجر كل اغاني العشق .. فتنسى النغمات

هي ما قلت، وما ما قلت، ومهما قلت

ومهما أتذكر او ما لا أتذكر .. ما وفيت لها حقا

او أبديت لها ما يضمره الوجدان

{ { { {

عذرا يا بيروت

فان جهام  الضيم على وجه حبيبة عمري

جاء ليهطل رعبا

ويحل دما حرمه الله  بلا ذنب

الا ان كان الحب – متى كان الحب حراما؟

ذنبا

{ { { {

ومليكة حبي تجري والهة

حيناً صوب الشرق، وحيناً صوب الغرب

تركض، تتعثر فزعا – اسم الله عليها –

ما بين البحر وبين الصحراء

ترفع وجها مرتاعا، تنظر، لا تلمح الا:

ذئباً او قرشاً.. او فرخ عقاب

او حتى ضبعاً.. ظن الجسد العاثر بقيا ما أكل السبعُ

فكشر عن بقيا ناب

ورأيت حبيبة قلبي اذ حاصرها وجع الاغراب

ثم اجتاح شغاف القلب.. فصفق بعض الاعراب

– موتوراً – يشحذ خنجره، يعطيه لبعضٍ ممن حضنتهم يوماً

او ممن رفضتهم دوماً، كي يغمده – ما يقدر –

في ما يقدر او يغرزه حتى القلب

وحبيبة عمري… تسدل جفنيها لتغطي النرجس

يمطر غض النرجس شيئا لا كاللؤلؤ فوق الورد

بل كان الورد يسيل من النرجس

يسقي الورس على الوجنات، يخضب ذاك العنّاب

اذ يفترّ العناب عن البرَدِ

الـ.. كان، وكان العناب، وكان النرجس واللؤلؤ والورد

تطل عليه الشمس

فيعير الشمس سناء

ويطل عليه البدر

فينهل من ألق في الخدين رواء

لكن الشمس غدت تذكي لهبا يحرق خدَّ الورد

لكن البدر .. بدا يتلظى

ليحيل الليل الساجي – الا من بسمات السمار

وبوح العشاق، وهمس الوجد-

رعدا ينذر بالأنواء

وتضج لواعج قلب أميرة كل الناس:-

– آه .. ما أوجع ان يُذبح صبرك

أن شاهدت السكين بأيدي الأحباب!

آه ما افجع ان يتخلى عنك قريبٌ

او يطعن ظهرك، او يكشف صدرك للأغراب!

{ { { {

تذكرت

آه .. تذكرت باني شاهدت بسالف ايامي

كابوسا يظهر فيه القمر – البدر

يتشظى، يتناثر، يسقط اكليلا من نار

يتشظى ثانية فوق جدائلها

يتناثر ثانية فوق النحر وفوق الصدر

تتمايل، توشك ان تنهار حبيبة عمري

فاطوق – مرتاعا – ذاك الخصر

وأرى – ملتاعا – ان هدير شظايا القمر الغاضب

يرعد .. تهتز فرائض قلبي

اذ اسمع ذاك القصف وذاك الرعد

يأخذني شيء قاس مثل البرد

لكن الهول، لهيب النيران، نشيج الاحزان

ما حلت واحدة من سود ضفائرها

او مزق عصف الريح نسيجا

او زاح – ليكشف خدرا – أطراف ستائرها

ورأيت

بوماً حاول ان يستوطن ليل منائرها

بضعة اغراب، بضعة غربان، بضعة صبيان

راموا – اذ ينسدل الليل الناعس سكرانَ

على اكتاف اميرة حبي

مضفورا.. ليداعب ذاك الجيد.. يقبل ذاك الخد-

راموا ان ينداح الليل .. يجرد ذاك الجيد

فيجتاح حماها لهبُ النيران

ليكشف خدرا، دون صباح يسفر او يوعد..

او سَحَرٍ يتجلى او يولد منه الفجر

لكنهمُ..

لم يقدر احدٌ منهم حتى فك شريط ضفائرها الابيض..

اذ يتدلى مسحورا بسوالفها، بالخدين، بصفحة ذاك النحر

ويكفّ – بحول الله وباسم الله..

بكل حنان الدهر –

يصدُّ بصبر جنان الصبر

كفاً رامت ان تعبث

فتفك شريطاً جدلته انامل احلى الاحلام

ورعته الوف الاعوام

مشاركة