عدنان عباس يؤمن أن الرسم تمرين وتجربة متواصلة:
التعامل مع الألوان أجمل ما أعيشه في حياتي
بابل – كاظـم بهَيّة
من الفنانين الذين اثروا الساحة الفنية ابداعا وتألقا واستمر هذا التألق من سنة الى سنة ليصل بإبداعه الى مديات تجربة ناضجة يستفيد منها طلابه في رسم طريقهم الفني والمستقبلي، انه التشكيلي عدنان عباس (1978 – الكوفة)، دكتوراه فلسفة فن تشكيلي – كلية الفنون الجميلة ـجامعة بغداد، عضو هيئة تدريسية وتدريسي في قسم الفنون التشكيلية -كلية الفنون الجميلة ـجامعة بغداد، حاصل على شهادات تقديرية من المهرجانات الفنية منذ العام 2004 واخرها حصوله على الجائزة الأولى بمهرجان عشتار عام 2007 م، له مساهمة فعالة في العديد من المعارض المقامة داخل العراق وخارجه التقيناه في هذا الحوار:
□ هل لنا أن نعرف انت شبيه من وتأثرت بمن؟
-لا اجد نفسي شبيهاً لأحد من الفنانين، لأني متنوع اسلوبيا بسبب كثرة ممارسة الرسم أو بالأحرى اعتبر أن فن الرسم هو نشاط علمي وتجريبي فهو تمرين ثابت في تجربتي، لأن التأثر قد يكون سلباً أحياناً وقد ينسف الخصوصية والأسلوب المكتسب لدى الفنان، ولكني رغم كل ذلك اعترف بصراحة اني تتلمذت بالفطرة على يد مؤسس والمعلم الاول لحركة الرسم الحديث في العراق فائق حسن والعالميين كل من رامبرانت وديلاكروا والانطباعيين الاوربيين.
□ لكل فنان بداية فكيف بدأت؟
– كانت بداياتي بسيطة جدا منذ اليوم الأول من دخولي المدرسة الابتدائية، فقد ملئت دفتر الرسم الذي وزع لنا للتو بالكامل بالرسم بألوان الباستيل الشمعي، مما أثار إعجاب معلمي وتصفيق الطلبة لي لازال يدوي في داخلي، فتأججت رغبة الفن وبدأت ارسم وبدت الطرقات تتضح لي بالمستقبل شيئاً فشيئاً، بدءاً من دراستي في معهد الفنون ومن ثم الكلية والدراسات العليا، حتى بلوغي وتنامت تجربتي.
مزايدات بصرية
□ لكل فنان له حاضنه ،فماهي حاضنتك الاولى التي اكسبتك مهارات تميزك عن الاخرين؟
– أنا لم أتميز على أحد وليس عندي مزايدات بصرية، الفن التشكيلي بذاته بحثاً بصرياً كبيرا والفنان التشكيلي عنصرا فعالا ومتحولاً في مجال بحثه الفني، وأنا أحد الفنانين الباحثين في هذا المجال الكبير الذي لم يقهره الذكاء الاصطناعي بل صهره ليصطف كأحد أدواته ، فخاصيتي في التمييز هو اني أؤمن أن الرسم تمرين وتجربة متواصلة.
□ من خلال مشاهدتي لأعمالك ارى جسورا للانتقال من مدرسة الى اخرى بانسيابية، ما سرهذا التنقل وأين رسيت حاليا؟
– أحسنتم هذا هو غاية بحثي فأنا كمن يسير في غابة من الورود والأشجار والنسيم وهذه الأساليب الفنية، هي معطيات فن التشكيل الجمالية، فهي اجمل ما برز في الفن الحديث أبان القرن العشرين، ولكني امتلك الكثير من الأساليب الخاصة وخاصة في مجال الفن المعاصر طبقاً لتحولات الفنون العالمية في هذا القرن المعولم.
□ ما الذي يلهمك و يحفز ريشتك أكثر على الرسم؟
– أكثر ما تلهمني البيئة في حركة الرسم، ان البيئة في المدينة والريف فهي مضامين تعصف في داخلي خصائص وسمات التطور البشري، أرى نفسي في مجال فن الرسم داعما للتنمية البشرية خاصة في العراق لأنني أرى في بلادي جمالاً محفزاً خاصا.
□ لكل فنان رسالة يؤمن بها وقضية يتناولها، ما رسالتك وما قضيتك التي تؤمن بها؟
– التطور البشري والإنساني والتقدم العلمي والحضري غاية بحثي واهدافي في مجال الفن، فأنا لا ادعو إلى الوراء في أعمالي التي تبحث في مزايا البيئات والإنسان المعاصر الموروث يقل في أعمالي كوني أحد المنتفضين ضده وذلك احتراما للتقدم الكرونولوجي للزمن.
□ كيف تتعامل مع الألوان عادة و كيف تساهم في جمالية لوحاتك؟
– التعامل مع الألوان من أجمل ما أعيشه في حياتي ، حيث أني امتلك طقساً خاصاً في انتقاء الألوان الزيتية والمائية والباستيل وغيرها، كما اني تعودت علي تنظيم الباليت كقاعدة بيانات من خلالها تنتظم حالة اللون الذي يدور في خافقي وتحليله بالمزج مع الألوان الموجودة في الباليت كما أن مستوى تجفيف اللوحة يدخل كأحد المختبرات المهمة في تركيب العمل الزيتي، حتى يتسنى لي معالجة اللون والترطيب ضمن القاعدة العلمية لفن الرسم وهي الطري على الرطب.
□ هل كان لشهادة الدكتوراه التي حصلت عليها فيما بعد أثر في أعمالك حاليا؟
– نعم.. ان شهادة الدكتوراه أضافت لي الكثير لأسباب عده: اولا.. انها نمت ثقافتي وزادتني قراءة وطورت مخيلتي البصرية، ثانياً.. انها عملت على تغير مناخي الثقافي وبلورت لي تصدير ثقافتي الفنية والبصرية للطلبة كفنان يمتلك ثقافة وعمق أكثر فنان صاحب ورشة فنية والثالث والمهم أنها تضع لي ظاهرة التطور البحثي والعلمي لكشوفات وتجارب عالمية ومبتكرة وتحفز لي كشف المناهج الحديثة ،كوني اعمل تدريسي جامعي في مجال الفن التشكيلي الذي يلاحق التجارب الفنية والفكرية بطبيعة عالميته المحورية والبصرية الكاشفة للأسلوب والهوية والتشظي…الخ. فدراسة الدكتوراه جعلتني أسير في كل ميادين البحث والتفكير الفني، وحسبي تذكر قول الاستاذ فائق حسن، ان الفنان ممكن أن يكون ناقداً لعمله… فالنقد وحده أحد المعارف الكبيرة في مجال الفنون الجميلة وغيره من المعارف، نعم الشهادة العليا أو القراءة ومنظوماتها كلها برمتها مهمة لخلق الوعي البصري والتركيبي عند الفنان التشكيلي.
□ ماهو انطباعك عن واقع الفن التشكيلي العراقي اليوم؟
– الفن التشكيلي العراقي، يشق درب الحراك المر والمسلك الوعر في هذا الفضاء العولمي ورقمنة الصورة والتمظهر العلاماتي والاندماجي في فضاء عالم التشكيل، لأن الفن العالمي الان تشوبه نفس المرارة، وهنا برزت مشكلتين الاولى تتعلق بالفنانين الذين برزوا في التاريخ على أقل تقدير جيل الرواد، وبين الفنانين الشباب الذين يجدون استفزازاً يضع الحد من طموحاتهم واندماجهم في مجالات العرض العالمية الكبرى ونأتي هنا إلى العقد في التسويق الفني ولا اقصد التسويق الفني هو تسليع التجربة الفنية في سوق العمل بل تصديرها ثقافياً، الأمر الذي خلق سوء الفهم بين تعاضد المجايلة الفنية ,والسبب الرئيسي أن الفنانين الشباب قد يتهمون بسرقة التجارب الفنية بينما وجدنا أغلبها كان مقلدا تقليدا صرفاً عند الفنانين الرواد الذين تأثروا بتجارب الاوربيين الكبار كبيكاسو والبرتو تابيس وجاكو ميتي وغيرهم! الحقيقة أننا نعيش نمواً مشوشاً وأزمات بصرية بسبب الاقتناص والتزوير وهذا ما يجعل اغلب التجارب جوفاء تحتاج إلى تجارب والعودة للفن الاكاديمي هو افضل بحث يقوم به الفنان للاكتشافات الاسلوبية الفنية.
□ ماهي طموحاتك و أحلامك؟
– أن ابقى محباً لوطني وشعبي وفني، لاني بدونهما لا أساوي شيئاً، والفنان هادي للشعوب ومرقي للروح الإنسانية.