صندوق السعادة

صندوق السعادة

 يحكى في الأسطورة الإغريقية أن الإله “زيوس”اله الإغريق اهدى هدية إلى البطل الإغريقي برومثيوس بعد تقديمه خدمة للإله وهي حكم الأرض ولكن ذلك لم يرق إلى الإله بعد ان بدأ برومثيوس بتعليم البشر أشياء كثيرة وأرسلوا عقابا له على شكل امرأة وهي أول امرأة في التاريخ حسب الاعتقاد الإغريقي وهي ( باندورا ) ومعناه “التي منحت كل شيء” حيث كان قبلها المجتمع ذكوريا وبدأت بإغواء برومثيوس لكنه كان ذكيا وحكيما فالتفت على أخيه ابيثموس وهام بها واصر على ان يتزوجها فأهدى “زيوس” الزوجين هدية عبارة عن صندوق مغلق يسمى ( صندوق السعادة ) اوهمهما بان فيه من الكنوز والأفراح مالا يوصف و تصدر منه اصوات تعدهما بالسعادة المطلقة ولكن بروميثوس منعهما من فتحه ، واستغلت باندورا غياب زوجها وفتحت الصندوق فجأة اضلم العالم وخرجت الأرواح الشريرة ارواح تحمل أسماء مخيفة ( النفاق – المرض – القتل – الجوع – الفقر ) فتحولت الارض الى جحيم حقيقي للبشر وحاولت الى ان استطاعت “باندورا إغلاق الصندوق ولم يبق بداخله الا الامل فقط بعد انتشار امراض والشرور .

بعد عام 2003 اصبح في العراق صندوق سعادة اهداه الامركيين كمكافئة للسياسيين على خدمتهم و اوهمونا ان الصندوق فيه من السعادة والاعمار و الكنوز مالم تر عين ولم يخطر على بال بشر وعكس ” برومثيوس ” فلم يعلموا البشر شيئا مفيدا ولم يسخط عليهم سادتهم وخلق لهم سادتهم ” باندورا ” على شكل مقاولات فتحوا بها الصندوق الوهمي و اخرجوا كل الشرور ” القتل –  الطائفية – القتل على الهوية – الفساد) وعكس الاسطورة فلم يحاولوا غلق الصندوق بل بحثوا عن صناديق وصناديق وتفننوا بالشرور والامراض وشابهوا قصة “باندورا” بانهم ابقوا الامل سجينا لديهم , تلك الفسحة من الاحلام التي يطلق العراقيون بها العنان لخيالاتهم والهروب من الواقع المرير الذي عشناه من سنين عجاف , واصر السياسيون الا ان يتحكموا بتلك الفسحة وما ان رأيناه حقيقة حتى حولوه لسراب يحسبه الضمأن ماء ,

منذ وعود الادارة الامريكية والعراقيون والعيس بالامل وزادت الامنيات وعلت ناطحات السحب و مدت الجسور وعبدت الشوارع في مخيلة العراقيين حتى هدمت بفتح الصندوق و خروج الأرواح الشريرة في كل العراق والتي عاثت في الارض فساداً و اهلكت الحرث واولها كانت روح تسمى ( تنظيم القاعدة ) تلك الروح الشريرة التي صعقت العراقيين و اصبحت تنسل كمرض خبيث ساعدتها زمر الفساد و رغم الحروب والازمات واولت لقتل الانسان اولوية في مخططها , وما ان تنفس الصعداء العراقيون بانتخابات ولو على مضض ولكنها فسحة يحتاجها العراق فضربت روح شريرة اخرى تسمى ( الطائفية ) جسد العراق وهذه المرة الشعب العراقي خفض سقف امله الى البقاء على قيد الحياة و المحافظة على روابطه فقد قسمت جسد العراق وقسمت من جديد المقسم من الجسد حتى وصلت الى حدود البيت الواحد و ما ان بانت للعيان ملامحها الشريرة بوضوح ظهر الاصل في العراقيين وعادوا بفطرهم الى حقيقتهم و قتلوا تلك الروح الشريرة و الى الابد و ما ان ارتاح منها العراق حتى ضربت روح شريرة اخرى امل العراقيين المحبوس في ذلك الصندوق المشؤوم وهذه المرة روح اسمها ( داعش ) فقد ملت زمر الفساد من تجدد الامل وارادت انهاك جسد العراق بروح شريرة تدعمها بارواح اخرى كمرض الكوليرا والازمات بل تعدت بان اهدت تلك الارواح جزءين من جسد العراق لتستقر تلك الروح فيها و تهدم ما بقي من امل الشعب العراقي في العيش الكريم كباقي بلدان العالم ولازالت تلك الروح تخطف ارواح الابرياء في الموصل والانبار .

رغم ما حدث ويحدث وسيحدث ومهما اطال السياسيون حبس الامل داخل صندوقهم سيبقى الحلم في مخيلة العراقيين يقلقهم وستبقى الاصالة الاصلاء و الثقافة والمثقفين تأرقهم و مهما اطلقوا من الارواح الشريرة ويبقى التفاؤل عنوانا بمن فيهم الامل و سيبقى العراق قادراً على ولادة الشرفاء الذين يصنعون من الموت حياة و من الكوابيس احلام سعيدة ومع الهواء سنتنفس الامل فالامل هو خبز الفقير .

عمر علي عبدالله –  بغداد

مشاركة