سمائيل… أنت أجمل أخطّائي – عبد الجبار الجبوري
يؤسفني أنكِ لستِ مَعي ألآن، لنحتسي المزيد من كؤوس ألقُبَل، أعرف شفاهك عطشى واللقاء بعيد،سمائيل لم يعد لذاك الفرح معنىً وطعماً،ألآن تحوّلتْ كؤوسُ القُبلِ، تلك التي كنا نشربها معاً كلَّ خميس،الى كؤوس (كأس) من حنظل وماء،حينما غادرت سفنك الملآى بالقُبل ،الى سماءٍ أخرى،سماءٌ إسمُها سمائيل،مرةً حاولتُ أنْ أمسكَ حلمةَ نجمتكِ، وحلمةَ غيمتك،فتلبّكَ إصبعُ ضحكتِها، وتلعّثم من خجلٍ كياني،وطاطأ حرفُ قصيدتي رأسَهُ خجلِاً، ومِن وَجلٍ عَضضْتُ على لساني،تنبأتُ أنَهّا أجملُ أخطائي، وأنّ قامتَها تنامُ على وجعٍ بلا بيان،أفردتُ لها،كلَّ عُمري،وأقسمتُ لها بقصائدي،أن لاأنسى ضحكتها ،فنسيتُ إسمي ونَساَني،فتذكرّتُ أنّي تذكرتُ طلتَها،وهي تطلُّ من سماءِ رهاني،فأوقفتني عند عُتبة الليلِ وقالتْ،خُذْ من شفاهي قُبلةً ، ومن نِهديّ عسلاً،ومن قامتي هيّبةً، ومن ضحكتي أملاً، ومن غيابي شمس ذكرى، خُذْ كل شيء بجسدي وكِياني، وأعطِنِي قُبلةً لم تعطِّها لغيري،وزِدْني بقبلةٍ أخرى، أخفيها تحت لساني، تميمة لمنامي،سمائيل أنتِ أجملُ أخطائي،وأحلى خطاياي،وأعمقُ جراحاتي،وأنقى سجاياي،وراحة بالي، وعزاء الليالي،لوحّي بشالكِ الأحمرِ لقصائدي، قصائدي التائهة بسماء عينيك،ونار شفتيك، والغافية تحت نافذة حلمتيك،والمعجونة بتراب نعليك،أعترفُ ،حين ذهبتِ، روحي تركضُ خلفكِ وتصرخْ (روحي لاتكَله شبيج،وأنتَ الماي ،مكَطوعة ،مثل خيط السمج روحي)،روحي التي كانت تلوبُ حباً،حين ترى صورتك معلقة بأستار كياني،وأغمضُ عينيَّ عليها ،كي لاتهربَ مِنّي ، وأموتُ بلا أماني،أنتِ وجعُ روحي، وقِبلةُ أيامي، وجُرحُ كلامي….
حين ذهبنا الى البحر
كانتْ شمسُ قلبي،تهروّلُ نحو الغروب،وكنتُ أُمسكُ رائحةَ شالهِا الأحمر، وأنا أسيرُ منتشياً نحو البّحر،وكانت تطأطأ رأسِها وتضحكُ، كلمّا كنتُ أضعُ يدَهَا على فَمي وأقبلُّها،كنتُ أتكيءُ على غُصنِ طفولتهِا،وخاصرةِ وجعِها،وحينَ وَصلْنا البّحر،كانَ البحرُ نائماً على رملِ قصيدتي،وكان يحلمُ مِثلي ،وكنت أحلمُ مثلهَا،قلتُ لها،ونحنُ مُمديّنِ على رملِ البحر،يذكرُنُي البَحرُ بشالكِ الأحمر،وأنتِ تُلوحيّنَ لي به كلَّ يومٍ،أخبرك الآن ،أنني مازلتُ أشمّ رائحته كلَّ يوم،وكانُ البحر ينأى ،حين إفترّقْنا ،قلتُ لها، كلُّ وجعٍ يزولُ إلاّ وجعكِ،تبقى ندُوبهُ خالدةٌ على وجَهي،أعترف أنني كنتُ حزيناً،حين إشتبّكَ الليلُ بالرِّيح،والرّيحُ بالليَلِ،وفَمي بفمِكِ،وقلبي بقلبكِ،وكفّي بكفّكِ،وروحي بروحكِ،وغِبنــــــــــا عن الوّعي سنيناً،حتى طلعَ الفجرُ من بين نهديّكِ،وفــــــــــــــاضَ البحرُ بينَ عينيكِ،وهبطت النجومُ كلهَّا على جسدِ نهارِكِ الأبيضْ،مللّتُ من البحر،سألت سُدرةَ المنتهى،والموجةَ الهاربة،ما ردّ أهل الشام،كانت دمشقُ تغزلُ المساءاتِ عند الرحيل،واللاذقية صدى الَبعاد،أُدنُ منّي أيهُّا البحرُ، وإسمعْ أنينَ قصائدي،وهي تنشجُ للرِّيحِ،أغاني القُرى،وأنينَ المَطر،ها أنا أعلكُ حزنَ المدى،وأسرجُ نجمتي الوحيدة، على صهوةِ غيمةٍ هاربة،أنتِ سماءُ قصيدتي،قصيدتي التي ترسمُكِ على رمل مدامعي،نشيجَ نجمةٍ ساهرةٍ على نوافذ النسيان،أذكرُ حين ذهبنا الى البحر،كان البحرُ غريباً، وكنتِ أنتِ سماءٌ غادرها القمر…