سؤال تجنس من زاوية أخرى

توقيع

فاتح عبد السلام

أكاد‭ ‬أجزم‭ ‬أنّ‭ ‬تسعين‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬من‭ ‬القيادات‭ ‬الادارية‭ ‬والدستورية‭ ‬والسياسية‭ ‬،عاشت‭ ‬فترة‭ ‬من‭ ‬حياتها‭ ‬في‭ ‬خارج‭ ‬العراق،‭ ‬وتحمل‭ ‬جنسيات‭ ‬دول‭ ‬اخرى‭ ‬وتلتزم‭ ‬بتطبيق‭ ‬قوانين‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬انتموا‭ ‬اليها‭ ‬لاحقاً‭ ‬بعد‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬العراق‭ ‬مضطرين‭ ‬لأسباب‭ ‬سياسية‭ ‬،‭ ‬كمختصر‭ ‬مجمل‭ ‬لمعظم‭ ‬الاسباب‭.‬

القوانين‭ ‬العراقية‭ ‬تتيح‭ ‬ازدواج‭ ‬الجنسية‭ ‬باستثناء‭ ‬المنصب‭ ‬السيادي‭ ‬لرئيس‭ ‬الجمهورية،‭ ‬وليست‭ ‬القضية‭ ‬هنا‭ ‬في‭ ‬اكتساب‭ ‬الجنسية‭ ‬الاجنبية‭ ‬التي‭ ‬بات‭ ‬بعض‭ ‬الاثرياء‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬شرائها‭ ‬بأموال‭ ‬كبيرة‭ ‬بحسب‭ ‬دساتير‭ ‬وقوانين‭ ‬بعض‭ ‬البلدان‭ ‬التي‭ ‬تقبل‭ ‬بتلك‭ ‬الصفقة‭ ‬المالية‭ ‬مقابل‭ ‬الجنسية‭ ‬،‭ ‬وفعلتها‭ ‬بعض‭ ‬دول‭ ‬الجوار‭ ‬أيضاً‭ ‬مثل‭ ‬تركيا‭ .‬

السؤال‭ ‬هو‭ ‬،‭ ‬لماذا‭ ‬لم‭ ‬يظهر‭ ‬في‭ ‬أداء‭ ‬تلك‭ ‬القيادات‭ ‬الرئيسية‭ ‬والمفصلية‭ ‬،‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬الخبرات‭ ‬والمعايشات‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬انهم‭ ‬اكتسبوها‭ ‬في‭ ‬الخارج‭ . ‬ولماذا‭ ‬يعيش‭ ‬السياسي‭ ‬مزدوجاً‭ ‬في‭ ‬الشخصية‭ ‬،‭ ‬إذ‭ ‬يلتزم‭ ‬بتطبيق‭ ‬القوانين‭ ‬بحذافيرها‭ ‬ويراعي‭ ‬حقوق‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬اكتسب‭ ‬جنسيتها‭ ‬ولا‭ ‬يفكر‭ ‬،‭ ‬مجرد‭ ‬تفكير،‭ ‬في‭ ‬الاخلال‭ ‬بالقانون‭ ‬العام‭ ‬للمجتمع‭ ‬،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬نجده‭ ‬يلعب‭ ‬شتى‭ ‬الالعاب‭ ‬البهلوانية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مناصبه‭ ‬التي‭ ‬يتقلب‭ ‬فيها‭ ‬داخل‭ ‬بلده‭ ‬الأصلي‭  .‬

ألم‭ ‬يعد‭ ‬العراق‭ ‬بلداً‭ ‬أصلياً‭ ‬لهم‭ ‬،‭ ‬وبات‭ ‬مجرد‭ ‬محطة‭ ‬؟‭. ‬لو‭ ‬كان‭ ‬الحال‭ ‬كذلك‭ ‬،‭ ‬لماذا‭ ‬لايعتبرون‭ ‬أنّ‭ ‬خدماتهم‭ ‬معارة‭ ‬للعراق‭ ‬،‭ ‬وهم‭ ‬بذلك‭ ‬ملزمون‭ ‬بشروط‭ ‬التعاقد‭ ‬الناجزة‭ ‬في‭ ‬الايفاء‭ ‬بنقل‭ ‬تجارب‭ ‬الدول‭ ‬المتقدمة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إحياء‭ ‬الحياة‭ ‬العراقية‭ ‬وتجديدها‭ ‬وتنقية‭ ‬أجوائها،‭ ‬وليست‭ ‬زيادتها‭ ‬تلوثاً‭ ‬وتردياً‭ .‬

سؤال‭ ‬التجنس‭ ‬،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يمر‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬الرؤية‭ ‬،‭ ‬ومسائلة‭ ‬السياسي‭ ‬عن‭ ‬الكمية‭ ‬والنوعية‭ ‬التي‭ ‬عليه‭ ‬ان‭ ‬يضيفها‭ ‬في‭ ‬ادائه‭ ‬عبر‭ ‬منصبه‭.‬

رئيس التحرير – الطبعة الدولية

مشاركة