زمان جديد عرس أم قتال؟
عبد الله البدراني
مشيناها خطى كتبت علينا ومن كتبت عليه خطى مشاها
هذه المرة فادتني خطاي من حيث أدري او لا ادري كرهاً او طوعاً في احد احياء الموصل وادي حجر الحي الذي اقطنه واهلي واقاربي منذ قرن يزيد او ينقص. سمعت كعادتي والعراقيون صوت اطلاقات نارية كثيفة في مدخل الحي وكعادة الاطلاقات لا تعرف أين تتجه الى الارض ام السماء الى الانسان ام الجدران الى الحياة ام الموت انها تنساب بإمرة من يوجهها. والمعروف ان اغلب الذين يوجهون اطلاقاتهم من عناصر الاجهزة الامنية لايفهمون ابجدية الرمي وربما لا يعرفون الفرق بين الفرضة والشعيرة التي كنا نتبارى على فهمها سابقاً لغرض صيانتها وصيانة ارواح الآخرين. اما الآن فإن قدسية السلاح غادرته واصبح ألعوبة بيد اللاعبين.
ارجع معكم الى خطاي التي هرولت بي سريعاً بعد ان وصل الى سمعي ان موكب عرس زفة لاقربائي من آل بدران اصطدم مع نقطة الحراسة من الشرطة الاتحادية على ما يقولون. اما انا فبيني وبينكم الله لا اعرف لحد كتابة هذا المقال الفرق بين الشرطة والشرطة الاتحادية والجيش و. و.. و…الخ لأن المسميات كثيرة ولا مهنية ولا آلية واضحة يلمسها المواطن الذي انكب على يأسه وقنوطه.. اسرعت جداً جداً مع حشد كبير من الاقرباء والاصدقاء وربما لان العروسين تربطني بهما وشائج دم بالمناسبة وشائج العروس اقرب نوعاً ما وأولوا الارحام بعضهم اولى ببعض في كتاب الله . وصلنا والذعر يطحن جوارحنا ومشاعرنا بالتمام والكمال الى موكب العرس الذي اوقفته الشرطة الاتحادية عند مدخل وادي حجر وعلا الصراخ بين شباب الموكب.
ونفر من الشرطة الاتحادية الذين حاولوا تفتيش العوائل قسراً فعملت الحمية عملها عند الشباب الذين هم اخوة وابناء لتلك النساء، كل تصرف على طريقته الخاصة للدفاع عن عرضه وشرفه، اما الاتحادية فإنهم اطلقوا النار على عجلات السيارات جميعا فأردوها حطاماً ما اضطررنا الى اجبار العروسين على الترجل وايصالهما الى بيت الزوجية مشياً على الأقدام. وبالمناسبة فإن الشرطة الاتحادية لم يسلم من لسانهم حتى الله ورسوله.. أليست هذه لياقة يا اولي الالباب والبصائر؟
أكان من العدل ان يمثل العلم العراقي هؤلاء الصبية الذين لا يحسنون اداءً ولا اعرافاً ولا تقاليد؟ أكان من العدل ان تصيب بنادقهم سيارات الموكب الذي تحول الى مأتم عزاء خلال بضع دقائق؟
أليس من الحكمة ان يكون ثمة آمر او ضابط او مسؤول ليتصرف بعقلانية عندما تحيق الرعونة بعدد من عناصر فصيله او نقطته؟ أليس هذا العدد منهم من ابناء هذا البلد ومجتمعه وعشائره؟ وهل يرضون هم بأن يجرؤ على مواكب اعراس في قراهم او احيائهم مثلما جرى على موكب عرسنا وحيّنا؟ أليس منهم رجل رشيد؟ ثم ما معنى هذا التهور في اداء المهمات الملقاة على عاتقهم؟ وللعلم فإن مهمة الامن والحفاظ عليه من اكبر واقدس المهام الانسانية وعلى صاحبها ان يتميز بالانضباط والوعي والثقافة والاخلاق، ان يميز بين الغث والسمين. اما الشجاعة فليست كما نعلم بالسلاح وانما بالكيفية والمهنية التي يستخدم فيها السلاح لانك بلحظة كافرة تستطيع ان تضيف آلاف الثكالى والارامل والايتام الى العدد الذي وصل اليه العراقيون هذا العدد الذي سوف يتفوق على اعداد من ثكلوا في الحربين العالميتين اذا بقي السلاح بيد غير اهله أقصد المهنيين وهكذا وبقدرة قادر لم يسفك دم ولكن سفكت اخلاق وقيم وحضارة ومدنية لا تختلف بطهارتها عن طهارة دم الانسان البريء الذي صانه الله سبحانه وميزه عن جميع مخلوقاته.
ملاحظة هذه الحالة تزامنت مع حالة شبيهة لها في الفلوجة عندما اطلق افراد من الجيش من بنادقهم على صدر عروس فأردوها نصف قتيلة .
هكذا عدت ادراجي وانا اطرق بصري الى الارض واجماً، أردد
مشيناها خطى كتبت علينا ومن كتبت عليه خطى مشاها
AZP20