رجوع تائة
كان البيت يضج بأصواتهم،عيونهم تبرق بشعاع الفرح،يستقبلون الساعات والدقائق بأمل تربى في أحضان صبرهم ينتظرون ذلك اليوم يأتي فيه ابنهم أحمد حاصلا على شهادة الحلم الذي سهر من أجله فاليوم حفل تخرجه من كلية الهندسة.. أعدت أخته الكعكة وكتبت عليها(مبارك التخرج).
كانت والدته تهاتفه بكلمات شوق واستعداد للفرحة التي تنتظرهم،إطمأنت عليه وأغلقت الهاتف،كان أخواه يهيئان الحديقة ويزينانها بالمصابيح الملونة ويقلمان الشجيرات ويرشانها بالماء…
إتصل أحمد بخطيبته لإستقباله في منزلهم، يقود السيارة ويتأمل الهدوء ولايسمع سوى صوت سيارته،الجو جميل يبعث التفاؤل بالنفس فيفرش في روحه حدائق السعادة والفرحة التي يحملها لاهله…تذكر والدته كان حنينها وتشجيعها له كفنار ينير له سفنا حمولتها العلم وقبطانها السعادة وريحها الامل ومرساها النجاح….
تذكر انه وعد امه بهدية يوم تخرجه فركن سيارته ونزل السوق وقد كان مزدحماً فتأخر قليلا ثم اتصلت اخته تستعجله فأخبره بانه ات بعد قليل ثم ركب السيارة وعاد ليكمل سيره كان سعيداً جدا و لم يكن ليفكر بشيء اسمه الماضي ولا من مجهول إسمه المستقبل جل مايهمه هو ان يعيش لحظة فرحه….
بدأ احمد يقود السيارة بسرعة جنونية وفي تلك الاثناء كان هاتفه يرن حمل احمد الهاتف لكنه سقط من يده نظر الى الطريق كان خاليا ثم أراد ان يرفع الهاتف الذي لم يتوقف عن الرنين وفجأة اعترضت طريقه شاحنة كبيرة اراد أحمد ان يدير السيارة الى الجهة الاخرى لكنه لم يفلح فإصطدمت سيارته بها……
كان هاتف أحمد في تلك الاثناء يرن ويرن وليس هناك من يجيب،أحمد يلفظ انفاسه الاخيرة وينادي أمي أمي كم أشتقتك ليتني أودعك الوداع الاخير،ليتني قبلت يدك التي رسمت لي خطى النجاح ليتني رأيت ابتسامتك والفرحة تشع من ناظريك،وبعد بركان من الدم والدموع فارق أحمد آخر نبضة دقت في سبيل ذلك الحلم….
الام تتصل احمد لايرد…إجتاحت أسراب الحزن صدر الام كرصاص طائش لا يعرف الرحمة أذابت قلبها خوفا على ولدها الذي تنتظره حشود أفراحها وآمالها لتنثر ساعات الانتظار فوق لحظات قدومه،كان شوقها جارفا يشتعل كالنار وفجأة تحول ذلك الشوق الى رماد…..
تبا لذلك الشوق الذي قتلها ألف مرة ولم يستطع احضار ولدها ولو مرة…
زبيدة جلال – بعقوبة