دروس التاريخ
سعد عباس
أياً كان موقفنا من أي ثورة فإنها تظلّ ثورة.. لا تتشابه الثورات، فلكل واحدة شكلها ومضمونها المغايران اللذان تصنعهما بيئتها ومحيطها وظروفها وأسبابها ونتائجها.
الثورة ثورة، لن يغيّر من حقيقتها رضنا عنها أو سخطنا عليها. لكل ثورة عشاق ومبغضون. في بلد كالعراق أو بلد مثل روسيا. في مصر أو في الولايات المتحدة.في كوبا أو في فرنسا. في أي مكان وفي أي زمان.
للآن ثمة من يربّي أحفاده على قيم ثورة العشرين، وللآن أيضاً من يكيل لها الاتهامات ويسوق لها النقد والقدح والذمّ. للآن، ثمة من يرى في جيفارا وجمال عبد الناصر وسواهما رموزاً في تاريخ الإنسانية، وللآن ثمة من لا يرى فيهما إلا قطاع طرق أو مستبدين أو مغامرين.
بل للآن ثمة من يمتدح شخصيات قامت عليها ثورات. فلنوري السعيد والملك فاروق وسواهما كثير معحبون يلعنون من ثار عليهم.
إنما، لا المدح يغيّرشيئاً من التاريخ ولا الذمّ.
أيْ نعم، يمكن للحاكم أن يكتب التاريخ مؤقتاً على وفق حجم سلطته واستبداده، إنما ليس في مقدوره أن يصنع التاريخ، فذلك اختصاص حصري للشعوب وحدها.
والثورات صناعة للتاريخ، والعاقل من يتدبّر دروسه. وأهم درس يتعيّن تدبّره أنّ التغيير سنّة كونية، وأن الحاكم مهما علا شأنه وطابت سيرته لا يعدو أن يكون أكثر من محطة في مسيرة قومه، لا تنتهي حياتهم بنهايته.
يمكن لنا أن نسخر من أمم اختارت الديمقراطية سبيلاً لها في انتخاب من تشاء وعزله متى أرادت. إنما هذا تاريخ أيضاً يفرض نفسه علينا من أمم تدبّرت تاريخ الإنسانية جيداً، فيما لا زلنا نكابر ونوهم أنفسنا بأن الحياة تتحول الى جحيم بعد سقوط أي حاكم. مع أن الحياة في وجوده ليست إلا جحيماً.
مسلسل الحجيم لن تنتهي حلقاته، إلا إذا قطعنا صلتنا نهائياً بالسلطة المطلقة والحاكم المعصوم. الجحيم نسبيّ في عالمنا، إنما هو في بلداننا يفوق كل تصوّر ويفيض عن أي احتمال.
سؤال بريء
ــ ما أبلغ من قول تشسترتون ليس الأمر عدم رؤيتنا للحلّ، بل عدم رؤيتهم للمشكلة ؟
جواب جريء
ــ قوله الاعتذار البارد إهانة ثانية .
/7/2012 25 Issue 4260 – Date Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4260 التاريخ 25»7»2012
AZP02
SAAB