خطوات متعثرة – سامر الياس سعيد

خطوات متعثرة – سامر الياس سعيد

بينما كانت بعض المواقع على وسائل التواصل الاجتماعي تعرض لقطات حية مباشرة من موقع كنيسة القيامة ببلدة قرقوش حيث كان اهالي البلدة منشغلين ظهيرة يوم الجمعة  بتشييع كوكبة من ضحايا قاعة الاعراس ممن تطابقت فحوص ال(دي ان اي ) مع المقربين منهم  ليعلن عن وفاتهم بعد ان كانوا في عداد المفقودين  ليحيا من جديد نبع الالام المتدفقة بجسد تلك البلدة التي لم يكن بخاطر اهلها  بان يتحول عرس ليلة يوم 26 ايلول الماضي الى شلال من الاحزان ودموع هائلة ذرفها العالم على ماساة غريبة بتفاصيلها حينما تحول فرح وعرس الى  احزان هائلة طغت على كل بيت تقريبا من بيوتات تلك البلدة الوادعة  فيما ارغمت بعض تلك العوائل على اغلاق ابواب بعض تلك المنازل كونها فقدت كل ساكني تلك البيوت بعد ان رحلت العائلة المؤلفة من الاب والام والاطفال  في ترنيمة حزينة مليئة بالكثير من الشجن والهموم ..كانت بعض المواقع التي تستعرض الحدث  تستعين بطائرة درون  تلتقط لقطات من الجو للجموع المشيعة  فبدت خطوات الاغلبية ممن شاركوا بصلاة التشييع متعثرة ودون فكر يقودهم لاتخاذ خطوات مستقيمة  فكان بهم يدركون عمق الماساة التي يعيشوها والالم الذي يعتمل بدواخلهم ليقودهم لتلك الخطوات المتعثرة التي تقودهم بين اليمين تارة وبين اليسارة تارة اخرى  فيما الدموع بتفاصيلها  ترتسم على الوجوه منجزة لوحة تراجيدية من عمق الالم الذي يعتمل بقلوب الناس وفكرهم .

ماضي قريب

في حضرة تلك الصور عادت بي الذاكرة لماضي قريب  ربما يناهز  لاكثر من 22 سنة او اكثر  حينما اجتمعت وجوه من تلك البلدة مع اقرانها من كل بلدات المسيحيين  في سهل نينوى وبالتحديد في الفترة  المشرفة على العام 2000حينما اختار رجال دين مسيحيين  ذلك التاريخ لاحياء احتفالات الالفية في مظاهر فرح تدفقت بمواقع مختلفة كان ابرزها ما جرى عند سفح احد الوديان قريبا من دير مار متى  وكلما تعود  بي الذاكرة لذلك المكان الاثير  اوظف عبارة غنائية من قصائد الشاعر السوري نزار قباني والتي غناها في تلك الفترة  القيصر العراقي كاظم الساهر حيث يقول عند حدودها يجتمع التاريخ فتجمع التاريخ عند تلك البقعة الفاصلة وللمصادفة فقد تم عرض ذلك النشاط بتصوير فيديوي يتناسب مع تلك الفترة  يظهر جموعا غفيرة تجتمع للاحتفال بقرب الالفية  الى جانب عدد من رؤساء الطوائف المسيحية بمدينة الموصل تماما لتتطابق مع ماجرى في موقع كنيسة القيامة  ظهيرة يوم الجمعة حينما اجتمع هولاء الرؤساء ووجوهم مكفهرة بعمق الحزن والالم ونظراتهم تصطدم بجموع الغاضبين فاعلب الضحايا هم من الاطفال ممن تحولت اجسادهم لاشلاء قبل ان يعلن الطب العدلي عن عائدية تلك الاشلاء للضحايا الذين كانوا منذ اليوم الاول في عداد المفقودين  لينهي بذلك جدلا في غيابهم المؤثر  الذي انتهى بهم الى غياب ملامحهم تماما بفعل قوة النيران التي التهمت قاعة العرس لتحول اجساد الاطفال الغضة لاجزاء صغيرة مهشمة فكم هي قاسية تلك النهاية التي مر بها  هولاء الاطفال ..

ما بين الاطلالة على قرب الالفية الثانية  والتي احياها مسيحيون مشبعون بالامل  يترنمون بفرح في اخصب حاضرة من حواضر المسيحية بنينوى  وما بين العام 23 من عمر تلك الالفية يبدو التعثر عنوانا لذلك الوجود المسيحي الذي يمضي الى المجهول دون اي بوادر للامل بان تكون  لقطات ماخوذة من فرح الاستقبال الخاص باحتفالات يوبيل الالفين حاضرة وراسخة في الاذهان !

مشاركة