شارع النجفي.. غريب يتسكع في ذاكرة المدينة (2-2)
توطيد التقاليد مع كثرة إنشاء المكتبات – نصوص – معن عبد القادر آل زكريا
تنويـــه :
لابد أن اعترف (انا الباحث) ومنذ زمن ليس بالقريب ، ان وساوس واخيلات راكضة في ضباب الليل كانت تؤرقني ، بل ظلت تطاردي دوماً وتلح عليّ بالتحرش مرةَ وبالاستفزاز أخرى ، ان اغمز ريشتي في محبرة شارع النجفي (أو قل محبراته الكثيرات) وأدع ذكريات تجري خبباً أو هذباً لا فرق ، بعد ان شبعنا من إفراغ ما في جعباتنا شفاهاً سواء في أمكنة مفتوحة أو في أخرى مغلقة لا يرتادها سوى جلاس محددين كما في المجلس / الجمعة المعمور والخاص بأولاد عبد الرحمن بك بن عزيز بك آل الجليلي …
توفي الحاج عبد الرحمن الكركجي في مايس سنة 1976 . غفر له الرحمن وأجزى ثوابه ان شاء الله بعد أن خدم العلم والمعرفة وأعطى اللغة العربية ومنشوراتها حيزاً كبيراً من حياته ، وسمــــعة جليلة بعد وفاته .ومن المكتبات عريقة الإنشاء مكتبة الوفاء لصاحبها ملا محمود وتسمى حالياً مكتبة بسام ، التي ماتزال لغاية اليوم عامرة بمختلف انواع الكتب . ويعد رؤوف الصائغ الموزع الرئيس للصحف والمجلات لكافة مكتبات الموصل ، التي تبقى معروضة حتى يتم إعادتها حال وصول وجبة جديدة من المطبوعات . ومن المكتبات العريقة مكتبة المنار لصاحبها محمد اسماعيل الأمين وهي ما تزال موجودة لغاية اليوم ويرعاها أولاده هيثم وأخوته .
أما مكتبة الأهالي فكان صاحبها عبد الرحمن النصار (ليس من أهل الموصل بالأصل).
أما مكتبة العسلي فكان صاحبها عبد العزيز العسلي ، الذي خرج من إدارتها لعدم تفرغه فآلت إلى شقيقه مقداد ، ومكتبة الجزائر لصاحبها شقيقهم الثالث هاشم العسلي . ثم ادمجت المكتبتان في مكتبة واحدة أطلق عليها اسم مكتبة العسلي والجزائر . وبعد وفاة هاشم العسلي عادت إلى اسمها السابق مكتبة العسلي لصاحبها مقداد وأولاده . وهناك مكتبة العروبة لصاحبها حميد العروبة .
وقد أفادني الخطاط تحسين ابن سيد علي الكتبي بمعلومات لا تخلو من فائدة تفيد الباحثين والمتتبعين والمتذكرين نوجزها فيما يأتي :
(…. اخذت اعداد المكتبات بالازدياد تدريجياً حتى غدا شارع النجفي يضيق بهذا العدد الكبير ، بعد ان تحولت معظم المحلات إلى مكتبات ، الأمر الذي أدى إلى انتعاش كبير في هذا القطاع من الاعمال ، وعلى نحو خاص يوم قام (الحاج صالح الشبخون) بهدم دار اسرة آل شبخون (والواقعة في حدود منتصف شارع) سنة 1983ليحولها إلى عمارة ومحلات كثيرة وذلك سنة 1984 . وقد توزعت المكتبات في كل مكان وهي تعّج بالتخصص . فهناك مكتبات للكتب العربية والكتب الفقهية والمصاحف والتفاسير ، وأخرى متخصصة في الكتب العلمية والجامعية ، وثالثة تخصصت في بيع لوازم الدراسة والقرطاسية والهدايا . ومكتبات رابعة تخصصت في بيع المجلات والجرائد والقصص) .
وقد ازدادت مكاتب الاستنساخ والطباعة بالكومبيوتر زيادة ملحوظة ، كما تم فتح عدد من المطابع وأخرى لعمل السكرين ، وثالثة لعمل الأختام وصنع الدفاتر المدرسية والجامعية ، مثل مطبعة الجمهورية وشركة مطبعة الزهراء الحديثة .
وقد انتشرت في هذا الشارع مهنة الخط وممارسته وتدريسه ، وفيهم الخطاط تحسين ابن السيد علي الكتبي الذي عاصر نمو أعمال هذا الشارع منذ كان صبياً يعمل لدى والده في أيام العطل والجمع والعطلتين الكبيرتين ومنذ سنة 1955 .
وإذ يأخذنا التاريخ القهقرى ، نتذكر كيف كنا قرب انتهاء كل عطلة صيفية وقدوم موسم الخريف وبداية افتتاح المدارس نرزم كتب السنة المنصرمة بكل فروع الدراسة حملاً إلى شارع النجفي كي نجد لها مشترين من هنا وهناك ، بعد ان كان أهلنا قد ساعدوننا في كتابة أسعار الكتب التي نروم بيعها (بالقلم الرصاص) ثم نحاول شراء كتب للعام الآتي . وترى الشباب والفتيان والصبيان واحياناً اهلهم وذويهم ، يعج بهم وسط الشارع وأرصفته وأطرافه بالباعة والمشترين …. كلٌ ينادي على بضاعته ، وذلك قبل انتشار تطبيق سياسة التعليم المجاني وتوزيع الكتب والقرطاسية مجاناً على الطلبة (وهي جزء من سياسة مجلس الأعمار) الذي لنا فيه حديثٌ قد يطول نتركه لمناسبة أخرى .
***
لقد توطدت تقاليد الشارع في نشأته بكثرة إنشاء المكتبات بشكل متوالي وعلى حساب محلات أخرى كانت تقابلها بالعدد من مثل محلات بيع الأحذية الولادي والرجالي (القنودرجية) ، الذين أمسكوا بالمواقع الوسطى من الشارع والى نهايته جنوباً وعلى الطرف الأيسر منه .
أما الصياغ (الصاغة باعة الذهب) فقد تمركزوا في الجزء الأول (الأعلى) القريب من شارع نينوى وبعدد لا يتجاوز الآحاد .
أما الصنف الآخر الذي كان له تواجد في شارع النجفي (فضلاً عن المكتبات والقوندرجية والصياغ) فهم صنف بائعو الحلويات ، ويتوزعون على ستة أسماء ، ثلاثة منهم من أسرة آل الشيخ علي (بيت أبو الكيك) وهم كل من جعفر وسعد الله وسالم . أما المحلات الثلاثة الأخرى فهي لكل من سالم ابن ذنون الجنود ومحله يقع في بداية شارع النجفي من طرف شارع نينوى ، وكانت الدكان أصلاً تعود إلى التوتونجي سيد ياسين واشتراها منه سالم واتخذها محلاً لبيع الشكرات والنستلة والجكليت المحلي والأجنبي . وبالمناسبة فإن سالم الشكرجي ابن ذنون الجنود وهو شقيق غانم الشكرجي كان يحمل رتبة نائب ضابط سائق عند الأمير عبد الإله ، الوصي قبل ذلك على عرش العراق ، لما يتمتع به سالم الشكرجي من أناقة وشكل ومظهر خارجي . أما المحل الثاني فإن صاحبه هو الشكرجي محمد ابن حاج حمو (الكغدي) والواقع في ركن يقابل جامع العباس وينزل طرف الدكان التفافاً إلى اليمين إلى محل زهير محمد صالح الخطاط ومن هناك إلى محلات توفيق ابن محمود الساري (لصنع الجنط التنك) . وان محل صنع الجنط (الحقائب متسلسلة الأحجام) ذاته كان فيما مضى مقهى تقرأ فيها العنترية ، ويقع بالقرب منه جامع خنجر خشب . أما المحل الثالث فهو محل يحيى الشكرجي أبو فهمي الشكرجي واخيه زيور .
أما محل البقالة (السابع) فهو عائد إلى ابراهيم والد المرحوم (يونس) مدرس التجويد في التلفزيون والمشرف التربوي لدى مديرية تربية نينوى . وان المحل هذا كان يبيع الشكرات وحلاوة السمسم واللوزينا على مستوى من الدرجة الثانية دون بقية المحلات ، ويقع المحل في منطقة وسطى من شارع النجفي وقريب من المكتبة الوطنية لصاحبها شاكر أفندي آل شنشلي وحلاقة نجم وسلطان في الوقت نفسه . أما محل الخطاط احمد فوزي فهي دكان على مرتفع قليلة العمق تقع مقابل محل محمد ابن الحاج حمو الشكرجي وهي أصلاً خارجة من جدار يقع فوقها جامع العباس ومنارته .
***
وعلى وفق أحوال التطور والتغيير التي أصابت بلدنا العراق ومنها مدينة الموصل ، فقد رأينا اضطراباً كثيراً طرأ على وضع هذا الشارع حاله حال غيره من الأمور والأحوال والتقاليد ، تلك التي كنا نظنها يوماً ما انها ثابتة أو في حدود الثبات والاستقرار …. لا بل كانت تأخذنا نياتنا الصافيات ان نتوقع له ولها تطوراً يأخذ شكلاً آخر (باتجاه الأفضل) غير تلكم الهزات التي أدت في كثير من الأحيان إلى إعمال خلخلة في بنية الثوابت والمستقرات .. حتى ان خط الاتجاه الصاعد الذي كنا نرومه خطاً موجباً ، صار متكسراً ومتلوناً … لا بل هابطاً إلى أسفل والعياذ بالله …. الأمر الذي أصاب الناس الطيبين بالذهول وبالحسرة وبالتأسف …. تلكم ردود الأفعال لا نملك غيرها نقوله على كل الذي جرى ويجري وسيجري لا سمح الله ……. !!!!
***
أسماء المحلات مع ذكر أسماء أصحابها ، تلكم التي تقع في المحيط الذي يلّف شارع النجفي من أعلاه في شارع نينوى إلى أوطئه في شارع العدالة والى دورة باب الطوب
– أسماء المحلات التي تقع خلف البريد القديم إلى دورة شرطي المرور قرب سوق اللحم من جهة الشمال و البنك الشرقي المحدود Eastern Bank limited) ).
- 1. محل حاج طليع القرّان : يصنع الدمالج والأساور من قرن الجاموس بطريقة القس والبرد ، ويلبسّه بقطع من الخرز تزّين به بنات الأعراب سواعدهن .
- 2. محل أيوب أبو صابر الغوّاس : وهو من بيت حاج سلو ، أقدم أسر الغواسين في الموصل. وعلى وفق رأي الأخ راكان العلاف (المخرج المسرحي) فإن اسم (باجه) كان قد جلبه بعض العاملين في مهنة القصابة من عشيرة (الشبك) الذين استوطنوا الموصل وعملوا فيها … في الوقت الذي كان يطلق فيه المواصلة على هذه الأكلة (غوس) وعلى العامل فيها (الغواس) … وهناك أسر عديدة في الموصل نعرف اشخاصها الكرام يطلق عليهم بيت (الغواس) … وفيهم قارئ المقام عبد الغواس وأخوه زكي المشعول وأخوهم الثالث حقي…
مع العلم ان أبو صابر هو عم (عبد الغواس) . وقد كان محل عبد وزكي في الخمسينات يقع في شارع فاروق قرب حضيرة السادة ومجاوراً لمتنزه الفاروق أيام زمان . ثم انتقل عبد في الستينات إلى بغداد واستكرى له محلاً قرب نصب الجندي المجهول القديم في نهاية شارع السعدون . وأطرافه التي تذهب إلى شارع ابي نؤاس من جهة والى الكرادتين (الداخل والخارج) من جهة أخرى . ومعلومة أخرى عن أيوب ابي صابر انه شقيق خليل القصاب ، وله أخ ثالث يدعى إبراهيم يعمل منذ زمنٍ بعيد مساعداً في صيدلية العلاف .
- 3. محل تشريب محمد : وتقع فوق المحل كازينو محمد القصاب ، وهي مقر لصنف القصابين .
وقد ارتدت أنا الباحث وبعضً من أصحابي هذه الكازينو في إحدى مناسبات مولد الرسول الكريم في مطلع الستينات من القرن الماضي أثناء تجوالنا على الاصناف في مناطق احتفالاتهم ، وفيهم صنف الصيّاغ وصنف الخشابين وصنف الصوّافة مع العلم ان الفنان المخرج راكان العلاف قد قام باستئجار هذه الكازينو من صاحبها عبد المعين أبو منذر ، وأسماها كازينو الربيع لأغاني أم كلثوم ، وظلت تحت إدارته طوال الفترة 1968- 1973 حين ذهب في البعثة للدراسة في فرنسا .
- 4. متي الفغنجي : وهو والد حازم (صاحب أفران حازم) الواقع ضمن أملاك خان الدقّاقين وهي من أملاك آل سنجري وتقع في شارع الفاروق قرب أملاكهم وبيوتهم هناك .
- 5. نقليات أربيل :
- 6. موسيس أبو الجكاير :
- 7. سامي سعيد لبيع الردايوات :
- 8. عزيز فتحي
- 9. محل حاج محمد جقماقجي : وهم في الأصل أكراد من أهل أربيل على وفق رواية المخرج المسرحي راكان العلاف .
وقد تخصص آل جقماقجي في بيع الراديوات والقاوانات والغرامافونات . وفي مرحلة متقدمة من ابتكارها أخذوا يبيعون المسجلات الصوتية من ماركة بوش وكروندنك كبيرة الحجم وثقيلة الوزن أم الشريط بعد موضة مسجلات أم التيل . وقد افتتحوا لهم محلاً شهيراً في بغداد في نهاية الأربعينات من القرن الماضي في الركن الواقع عند افتراق شارع الرشيد إلى ساحة التحرير والى أبي نواس . ومن الذين اشتغلوا عند حاج محمد جقماقجي بصفة مصلحين كل من الأخوين حازم وهاشم ولدي نوري . وقد كان كلاهما قد أتقن مهنة اختصاص الكهرباء من تجارب عمليهما في القوة الجوية العراقية بصفة جنود متطوعين ، تلك المؤسسة العسكرية التي انجبت كثيراً من الخبراء في مختلف الأصناف ، وعلى نحو خاص في اختصاص الميكانيك والكهرباء والتصـــوير بنوعيه الجوي والبري.
وقد كان من شلة الأخوين (حازم نوري وهاشم نوري) يعرب توحلة (أبو احمد) الذي اشتهر اشتهاراً واسعاً في تصليح الراديوات والمسجلات . مع العلم انه كان قد أنشأ في الستـــينات إذاعة تبث على الموجة الطويلة ولمسافة خمسة كيلومترات نصف قطر دائرة .
- 10. محل خليل الحاج سعيد حديد لبيع الراديوات والأجهزة الكهربائية
- 11. محل عزيز فتحي قبل ان ينتقل إلى مكان يقع في الخط الذي يربط مجموعة محلات ابتداءً من شايخــــانة ثامر (مقابل المركز العام) وانتهاءً بدكان التوتونجي زكي كرجية والبنك الشرقي المحدود .
- 12. بايع الفول السوداني الذي يقف – على طول – أمام محل خليل حديد . وقد شاهدناه ونحن صغار قرابة عقدين من الزمن منذ نهاية الأربعينات وإلى أوائل السبعينات يبيع الفول السوداني في المكان عينه .
- 13. محل المزارع عمر النوح شقيق المهندس المعماري جواد النوح والمحامي عبد الغفار النوح ، ويقع بصفته شقة فوق محل خليل سعيد باب العلوى وهو عبارة عن سفاقتين لباب كبير ذي المسامير الحديدية المدورة .
وبجانبه من الضلع الثاني مشكلاً معه زاوية منفرجة سطح طابق علوي يصعد اليه بواسطة الدرج ، ثم تأتي في نهاية الدرج فسحة من المكان تأتي بعدها الباب المؤدية إلى داخل مقهى (حمد ونجم) وهي قاعة مقهى كبيرة مسقفة بالبانكلو (الجنكو) ، وتشكل قاعة كبيرة تتوزع على جدرانها لوحات متعددة لصور ممثلات ومغنيات مصريات منهنّ أسمهان وليلى مراد وليلى فوزي ، والصور مرسومة بريشة الرسام عبد العالي والرسام عدنان .
وبعد أن يعوج نظام البناء بزاوية قائمة ، يتقدم شكل البناء إلى الأمام ويتقلص عرض الرصيف لينفتح البلوك بجايخانة ثامر الجايجي ، وهي بانقة صغيرة طولية المساحة متخصصة في استقبال الزبائن من أفراد الشرطة ومن أفراد الشعبة الخاصة أو من معارفهم أو من متقاعدي الشرطة .
- 15. محل عبد الله كرجية والد كل من مصطفى كرجية وهاشم كرجية وهمام والطبيب عدنان كرجية . وكان والدهم متخصصاً في بيع سكائر كريفن أبو البزون .
- 16. محل جدعون الخياط .
- 17. محل طاطول الخياط وهو من أصل أرمني
- 18. محل هايكاز الخياط وهو من أصل أرمني والذي آل محله إلى عزيز فتحي فيما بعد .
- 19. محل عبد القادر الارحيم وهو متخصص في بيع الكهربائيات .
- 20. محل مصطفى العاصي (أبو ناصح) وهو متخصص في بيع الكهربائيات .
- 21. محل محي القزاز وأخيه محمد القزاز لبيع الجرزات .
- 22. محل حازم عفاص وهو ضابط متقاعد ومن خريجي دورات الكلية العسكرية في الثلاثينات ، ومحله مخصص لبيع المواد الكهربائية .
- 23. محل عزيز فتحي (بعد ان انتقل من موضع محل الخياط هايكاز) .
- 24. محل ذنون الامراد لبيــع الجرزات .
- 25. محل يونس الامراد لبيع الجرزات .
- 26. محل عباس أبو الشربت .
- 27. محل التوتونجي زكي كرجية لبيع السيكائر المحلية والأجنبية
- 28. البنك الشرقي المحدود
- 29. واجد السواس
- 30. أبو الشنينة .


















