لندن-(أ ف ب) -الزمان
تعهد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر الاثنين «إستعادة السيطرة أخيرا» على حدود بريطانيا، بينما اعلنت حكومته عن سياسات تهدف إلى الحد من الهجرة، ومجابهة التأييد المتزايد لليمين المتطرف.
وأعلن زعيم حزب العمال أنه سينهي «تجربة الحدود المفتوحة» التي شهدت ارتفاع معدلات الهجرة إلى ما يقارب من مليون شخص في عهد حكومة المحافظين السابقة.
وتتضمن وثيقة سياسة الحكومة بشأن الهجرة، المعروفة باسم «الكتاب الأبيض»، خططا لتقليص أعداد العاملين في مجال الرعاية الصحية القادمين من الخارج، وزيادة مدة الإقامة في المملكة المتحدة من خمس إلى عشر سنوات قبل التأهل للحصول على الإقامة الدائمة والجنسية.
وسيُطلب كذلك من جميع المعالين البالغين إثبات فهم أساسي للغة، بينما سيتم تقليص مدة إقامة الطلاب في المملكة المتحدة بعد إكمال دراستهم.
وقال ستارمر إن هذه السياسات «ستعيد أخيرا السيطرة على حدودنا وتطوي صفحة فصل مُزرٍ من تاريخ سياستنا واقتصادنا وبلدنا»، مستذكرا الشعار المؤيد لبريكست في ذروة حملة الخروج من الاتحاد الأوروبي عام 2016.
وتعهد حزب العمال في بيانه الانتخابي العام الماضي بخفض الهجرة، بعد تسجيل 728 ألفا دخلوا البلاد خلال 12 شهرا حتى حزيران/ يونيو الماضي.
وبلغ عدد المهاجرين ذروته عند 906 آلاف عام 2023، بعد أن كان في المتوسط 200 الف في معظم العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين.
ويتعرض ستارمر، المحامي السابق في مجال حقوق الإنسان الذي صوّت لصالح بقاء المملكة المتحدة لضغوط متجددة لمعالجة قضية الهجرة عقب المكاسب التي حققها حزب الإصلاح المناهض للهجرة في الانتخابات المحلية الأخيرة.
فاز حزب نايجل فاراج، بأكثر من 670 مقعدا في المجالس المحلية، بالإضافة إلى رئاسة بلديتين. كما يحقق نتائج جيدة في استطلاعات الرأي، بينما يواجه حزب العمال صعوبات.
مع ذلك، يهدد توجه ستارمر اليميني بشأن الهجرة بدفع قاعدة حزب العمال الواسعة من المؤيدين الليبراليين إلى النفور، مع حصول الليبراليين الديموقراطيين والخضر على أصوات من ناخبي اليسار.
وقال رئيس الوزراء إن المهاجرين «يقدمون مساهمة هائلة» لبريطانيا، لكنه زعم أن البلاد معرضة لأن تصبح «جزيرة للغرباء» بدون فرض مزيد من الضوابط.
وأضاف أنه يريد خفض معدلات الهجرة «بشكل ملحوظ» بحلول الانتخابات المقبلة، على الأرجح في عام 2029، لكنه رفض تحديد مقدار هذا الانخفاض.
وقال ستارمر للصحافيين خلال مؤتمر صحفي في داونينغ ستريت إنه «سيتم تشديد جميع جوانب نظام الهجرة، بما في ذلك العمل والأسرة والدراسة، لنعزز سيطرتنا»، مؤكدا أن «تطبيق القانون سيكون أكثر صرامة من أي وقت مضى».
ويعزز الكتاب الأبيض إجراءات ترحيل الأجانب الذين يرتكبون جرائم في البلاد. ولا تُبلَّغ الحكومة حاليا إلا بحالات صدرت بحقهم أحكام بالسجن. وتركز ترتيبات الترحيل عموما على المحكوم عليهم بالسجن لأكثر من عام.
وتوجب الترتيبات الجديدة إبلاغ الحكومة بجميع الأجانب المدانين بجرائم.
وقالت وزيرة الداخلية إيفيت كوبر الأحد إن «نظام ترحيل المجرمين الأجانب كان ضعيفا للغاية لفترة طويلة جدا. نحن بحاجة إلى تشديد المعايير».
ويتضمن الكتاب الأبيض أيضا ضوابط جديدة للتأشيرات تلزم العمال الأجانب ذوي المهارات بالحصول على شهادة جامعية للحصول على وظيفة في المملكة المتحدة.
وللحد من هجرة العمال ذوي المهارات المتدنية، قالت كوبر إنها تهدف إلى الغاء 50 ألف تأشيرة للعمال ذوي المهارات المتدنية هذا العام.
ووفقا لداونينغ ستريت، سيكون من الممكن بموجب الخطط الجديدة تسريع توظيف الأفراد ذوي المهارات العالية «الذين يلتزمون بالقواعد ويساهمون في الاقتصاد». وقال ستارمر إن بريطانيا كانت «لسنوات، كانت تعتمد نظاما يشجع الشركات على استقطاب عمال ذوي أجور منخفضة، بدلا من الاستثمار في شبابنا».
وقالت منظمة «كير إنغلاند»، وهي مؤسسة خيرية تمثل قطاع رعاية البالغين، إن قرار وقف طلبات التأشيرات للعاملين في مجال الرعاية الاجتماعية من الخارج شكل «ضربة قاصمة لقطاع هش أصلا».
وقال رئيسها التنفيذي مارتن غرين إن «التوظيف الدولي لم يكن حلا سحريا، لكنه كان شريان حياة. إن إلغاءه الآن، دون سابق إنذار، ودون تمويل، ودون بديل، ليس مجرد قصر نظر، بل هو قرار مؤلم».
ويتعرض ستارمر أيضا لضغوطات لوقف تدفق المهاجرين الذين يعبرون القناة من فرنسا إلى المملكة المتحدة على متن قوارب مطاطية هشة.
ووفقا لأرقام حكومية قام أكثر من 36800 مهاجر بهذه الرحلة العام الماضي.
ولقي 84 شخصا حتفهم أثناء محاولتهم العبور عام 2024، بينهم 14 طفلأ على الأقل، وفقا لارقام مشروع المهاجرين المفقودين.
ويناقش البرلمان حاليا مشروع قانون منفصل لمعالجة الهجرة غير النظامية، يسمى مشروع قانون أمن الحدود واللجوء والهجرة.