تسريب أسئلة أم تسريب مستقبل جيل ووطن؟ – علي ضياء الدين

تسريب أسئلة أم تسريب مستقبل جيل ووطن؟ – علي ضياء الدين

من سرق اسئلة إمتحانات الثالث المتوسط؟ من سربها؟ كيف ولماذا؟ لا أجوبة كما في المرات السابقة. سيواجهنا الصمت أو النفي أو الوعد بفتح تحقيق على الطريقة العراقية المعروفة لن ير النور يوماً. سيتم طمس واقع الحدث والتغطية عليه والرهان على النسيان وإنشغال الناس بصائب أخرى لا يتوقف تدفقها في بلد الهرج والمرج والفوضى المستمرة وإرتخاء قبضة المحاسبة. هذه ليست المرة الأولى التي تتم فيها سرقة أسئلة الإمتحانات. لقد سبقتها مرات غيرها والجو العام يوحي بأنها ستستمر مرات قادمة. هل يندرج هذا الفعل ضمن ترتيب معاد يستهدف العملية التعليمية؟ الجواب نعم وبالتأكيد. هذا الفعل ليس بعيداً عن قتل الكفاءآت الوطنية في كافة القطاعات والتي شهدناها منذ 2003.  العراق بلد مستهدف والذين يستهدفونه هم أكثر من جهة واحدة داخلية وخارجية واللبيب يفهم. انه مستهدف في ثرواته ومدارسه وتعليمه الجامعي وعقوله ونخبه الفكرية والثقافية وكذلك في تاريخه. إن التسريب المتكرر لأسئلة الإمتحانات شكل واحد من أشكال الإستهداف وهدفه تشويه العملية التعليمية وزعزعة الثقة بمستواها أمام العالم الخارجي. إنه  يستهدف إحباط الطاقات الشبابية الذكية التي تتطلع الى أن تساهم في إعادة بناء ما دمره الأعداء. وهو يستهدف كذلك خلق شعور في اللاوعي لدى الطلاب بأن لا ضرورة للسعي والمذاكرة فالنجاح مضمون بدون ذلك. لقد أنتج الوضع الشاذ في العراق الذي تبع الإحتلال نشوء طبقة واسعة جداً من ذوي الضمائر الميتة متغلغلون في كل مرافق ومؤسسات الدولة والذي سرب أسئلة الإمتحانات الأخيرة هم عينة من هذا النتاج الفاسد ستظل تسمم حياة الجيل الصاعد والواعد طالما إختفى الرقيب والحسيب وطالما ظلت ثقافة الإفلات من العقاب سائدة.