تردي وضع الكرة العراقية – نورهان شيراز

نورهان شيراز

ما مبررات التراجع المستمر في كرة القدم العراقية، بغض النظر عن المدربين الذين يتولون مسؤولية المنتخب؟ إذا كانت الرياضة تخضع لنظام الطائفة، فبئس الحال والمصير.

المشكلة لا تقتصر على الجهاز الفني، بل تكمن في النظام الداخلي والإدارة التي تدير الشأن الرياضي. حتى تعادل العراق مع الكويت، يمكن أن تكون وراءه أجندات دينية ومذهبية ظلامية. وإلا، فما علاقة جرح الإمام عليه السلام، وهو الذي يحظى بمكانة دينية بين مسلمي العراق وأتباع الديانات الأخرى، بنتائج المباريات؟ إن الإمام عليّ عليه السلام هو رمز للعدالة، وسلام عليه بما قدّم، وسلام على عدله.

هل قال الإمام علي لرجال الدين أن يتبعوا النسيء في التقويم الإسلامي؟ لنكن منصفين: المشكلة الحقيقية تكمن في التدهور السياسي والاجتماعي والإداري الذي أصاب مؤسسات الدولة. أحد أسباب فشل المنتخب العراقي هو عدم رضوخ اللجنة الأولمبية لمقترحات رجال الدين، الذين يبررون السرقة التي تسلب الإنسان أدنى حقوقه في العيش الكريم، بينما يحرمون لعب كرة القدم، وكأنهم يمهدون، منذ البداية، للقبول بالخسارة.

ستظل العلل قائمة في المجتمع طالما أن هناك فكراً ظلامياً يستحوذ على العقول. خلاصة القول: يجب أن تكون المؤسسات المدنية بمنأى عن التأثيرات المذهبية، وأن يتم إصلاح الإدارات، لنكون عادلين في الرياضة بدلاً من أن نكون مؤدلجين.

كرة القدم تجمع العراقيين وتوحدهم، بينما الظلامية المذهبية تجرنا إلى نموذج أفغانستان، ولكن بثوبٍ شيعيّ. الإصلاح أولاً، كما كان يفعل الإمام، ثم يأتي بعد ذلك السعي لتحقيق إنجازات ترفع الرأس عالياً.

لم يكن الإمام علي عليه السلام عدواً حتى لمن قتله، بل كان عادلاً حتى مع مواليه. وما أكثر الذين رُفعوا فوق البشرية باسم المذهب في وقتنا الحاضر! خلصونا من ظلامية “الطشة” المذهبية لكي يتعافى المجتمع بأسره.

واعلموا أن الأمم التي خلت من قبلكم لها ما لها وعليها ما عليها. لم يعيّن الإمام عليه السلام محامياً من رجال الدين، وإن كنا نخالف هذا الواقع، فإن الصمت أحياناً يكون الخيار الأحوط.

أنا لا أهاجم رجال الدين، ومنهم علي الطالقاني  إلا أن موقفه الأخير من كرة القدم كان مستغرباً. هل يُستكثر على العراقي الفرح؟ لكل شيء قدر، وإذا استمر الوضع على ما هو عليه، فسنكون في منزلق خطير.

لا كاسياس ولا المغربي سيغيران شيئاً. أما هتافات الأشقاء العرب، والتنمر الذي مارسه البعض على العراقيين، فهو نتيجة لحكم طائفي، لذا فإن المسؤولية تقع على حكومتنا فيما نحن فيه.

فلنحمل المسؤولية لأنفسنا، ولنعترف: نعم، نحن العراقيين ارتكبنا أخطاءً. ولكن الحل يبدأ من تغيير الإدارة أولاً، في كل مرافق الدولة، بما فيها الرياضة والشباب والثقافة، لأن هذه المجالات مترابطة ومؤثرة في بعضها البعض.

 

 

مشاركة