تأثير غياب التيار الصدري على المشهد السياسي

تأثير غياب التيار الصدري على المشهد السياسي

سامي الزبيدي

التيار الصدري تيار شعبي عروبي استحوذ على مشاعر الفقراء والمحرومين والمستضعفين فكانوا رصيده الكبير استهوتهم وطنية هذا التيار وأهدافه النبيلة وتحديه للظلم والجور والطغيان وهي مبادئ وقيم الشهيد السيد محمد محمد صادق الصدر(رحمه الله) التي أصبحت أهداف التيار ومبادءه وشعاراته بل ثوابت عمله سواءً العسكري أبان فترة الاحتلال الأمريكي أو السياسي بعد انسحاب الغزاة من العراق . ولم يكن التيار الصدري حزباً سياسياً ذا أيدلوجية خاصة ولم يكن تنظيماً مسلحاً فقط بل كان استجابة لإرادة شعبية ودينية ووطنية هدفها تحقيق العدالة وإنصاف الشرائح الفقيرة وإزالة الظلم وشمول المحتاجين من أبناء الشعب بنسبة من ثروات البلد بدلاً من سرقتها ونهبها من قبل السياسيين لذلك تضامن مع هذا التيار ملايين العراقيين من غير المنتمين له فأصبح يشكل ثقلاً كبيراً في العملية السياسية في العراق وصمام الأمان لها وقبة الميزان للمكون السياسي الشيعي واللاعب الأخطر فيه . والمعروف عن التيار الصدري ابتعاده عن الطائفية وعن التخندق الطائفي وميله لبناء علاقات وثيقة مع المكونات الأخرى للشعب العراقي وبرز ذلك بشكل واضح خلال فترة الاحتلال الأمريكي عندما شارك مقاتلوه إلى جانب إخوانهم أبناء الفلوجة في التصدي للأمريكان في عدوانهم على الفلوجة وفي التصدي للقاعدة في مناطق مختلفة من الوطن أو من خلال مبادراته السياسية للم الشمل والمحافظة على اللحمة الوطنية ومنع التفرد في السلطة فكانت وقفته الجادة لسحب الثقة عن الحكومة قبل عامين بعد أن أخلت بالتزاماتها واتفاقاتها مع الشركاء ومحاولة جهة معينة التفرد بالسلطة فكادت اتفاقات أربيل بين التيار الصدري والقائمة العراقية والتحالف الكردستاني أن تسقط الحكومة لولا تدخل الرئيس جلال طالباني في الأمر .  إن الثقل الذي يمثله التيار الصدري لايخفى على أحد سواء كان هذا الثقل في التحالف الوطني فهو ثاني أكبر كتلة فيه أم في المشهد السياسي بشكل عام من خلال وزرائه في الحكومة أو مقاعده في مجلس النواب ناهيك عن ثقله في الشارع  في أغلب المدن وانسحاب هذا التيار المؤثر والضابط لعمل التحالف الوطني بل المشاكس والمعارض لبعض التوجهات الطائفية والفئوية  فيه ودوره المتوازن وذي القبول الجيد والمرحب به من كل التحالفات السياسية الأخرى يعني تأثر العملية السياسية كلها إن لم أقل تدهورها ومنح فرصة لأحزاب وتحالفات معروفة للتفرد بالقرار السياسي ومن ثم التفرد بالسلطة لاحقاً .إن توقيت إعلان السيد الصدر حل التيار وغلق مكاتبه وانسحابه من العملية السياسية توقيت حرج جداً والبلد مقبل على انتخابات يأمل العراقيون منها تغييراً كبيراً في التحالفات السياسية ومراكز القوى فيها وتغييراً كذلك في الوجوه المتنفذة التي لم تقدم للوطن والمواطن ما تعهدت به أمام الله والشعب لتقديم الخدمات والبناء والأعمار وتنفيذ المشاريع الستراتيجية وتحقيق الأمن والأمان والسلم الاجتماعي وضمان استقلالية القضاء تحسين المستوى المعيشي والصحي والتعليمي والقضاء على البطالة والتخلف والأمية والفقر والمرض وتطوير المدن وبناها التحتية المتهالكة وبدلاً من ذلك أصبح الفساد وسرقة المال العام والاستيلاء على أملاك الدولة وعقاراتها وسوء الخدمات والمحسوبية والمحاصصة الطائفية والحزبية هي ديدن السياسيين  وسمة المشهد السياسي في العراق إن ابتعاد التيار الصدري عن العملية السياسية في هذه المرحلة الخطيرة التي يمر بها وطننا سيؤدي إلى خلل كبير في مسارها وإلى عواقب لايحمد عقباها ستشجع الآخرين على المضي في التوجهات الفردية والتشبث بالسلطة والانحراف نحو الدكتاتورية والتطرف  والتمحور الطائفي والفئوي والمذهبي وستسمح لأحزاب وكتل فشلت في تحقيق أي شيء لشعبنا في دورتين انتخابيتين بفرصة أكبر في الحصول على أصوات كبيرة ومقاعد إضافية في مجلس النواب المقبل وبالتالي التحكم بالعملية السياسية والتفرد بالقرار السياسي .إن الخيرين من أبناء هذا الشعب ومعهم السياسيين الوطنيين والإسلاميين المتنورين ومن خلفهم فقراء العراق وطبقاته المسحوقة وسكنة مدن الصفيح والذين يقتاتون على المزابل تتطلع إلى السيد الصدر لإعادة النظر في قراره والعودة إلى الساحة السياسية بقوة لإنصافهم وتحقيق أحلامهم وانتشالهم من الفقر والمرض والجوع والظلم  والعمل على بناء وطن يسع جميع العراقيين على اختلاف قومياتهم و أديانهم ومذاهبهم وفئاتهم وتوجهاتهم وانتماءاتهم  وبناء حكومة مؤسسات حقيقية ودولة قانون وعدالة ومساواة واستغلال ثروات البلد الكبيرة لخدمة الشعب المحروم وإنهاء معاناته وتقديم الخدمات اللائقة له وبناء نظام ديمقراطي واتحادي حقيقي ينعم بالحرية والرفاهية والتقدم  مصون السيادة  والكرامة مهاب الجانب يحظى باحترام المجتمع الدولي لايسمح بأي تدخل في شؤونة الداخلية من أية دولة أو جهة مهما كانت صفــــتها ونفوذها  .

مشاركة