بنك الجينات بالسليمانية ضمانة للتنوّع البايولوجي

السليمانية – باسل الخطيب

كردستان يحتضن 90 بالمئة من النباتات البرية العراقية

بنك الجينات بالسليمانية ضمانة للتنوّع البايولوجي وتحقيق الأمن الغذائي – باسل الخطيب

أشاد رئيس مؤسسة نباتات كردستان بالجهود الرامية لإقامة (بنك الجينات) في السليمانية للحفاظ على التنوع البيولوجي وتحقيق الأمن الغذائي، مؤكداً على أن المؤسسة كانت سباقة باقتراح فكرة المشروع عام 2018 ومتابعة المراحل الخاصة به بما فيها موافقة الاتحاد الأوربي على تمويله.

وكان نائب رئيس مجلس وزراء إقليم كردستان، قوباد طالباني، وضع في 7/7/2025، الحجر الأساس لبنك الجينات في متنزه “هواري شار” شمال شرقي مدينة السليماني، بحضور وزيرة الزراعة الكردستانية، بيكرد طالباني، وممثل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحد (فاو) في العراق د. صلاح الحاج حسن، ومحافظ السليمانية، هفال أبو بكر.. حيث ينفذ المشروع على مساحة 100 دونم.

بنوك لحماية التنوع البيولوجي

ويشهد التنوع البيولوجي تراجعاً عالمياً، نتيجة تعرض النظم البيئية لضغوط كبيرة، سواء من جراء الزيادة السكانية أم التلوث أم ندرة المياه أم الكوارث الطبيعية، ما يؤدي لانقراض العديد من الأنواع، وتراجع التنوع الجيني، ما يتطلب تطوير أصناف جديدة، والحفاظ على التنوع الأحيائي.

من هنا تلعب بنوك الجينات دوراً رئيساً في المحافظة على الأمن الغذائي وضمان توافر الموارد الوراثية النباتية وبذور المحاصيل لاسيما الاستراتيجية، وتحسين نوعيتها، وتطوير محاصيل جديدة أو تحديد استخدامات جديدة للمحاصيل الحالية. كما تُوفر تلك البنوك التنوع الجيني اللازم للتعامل مع نقص إمدادات المياه والمغذيات، والإجهاد الحيوي وغير الحيوي.

وفي ظل الوتيرة السريعة للتنمية الاقتصادية، أصبح التنوع الجيني الآن مُهدداً بشدة. فعلى الرغم من زراعة أكثر من 7000 نوع من النباتات للاستهلاك في الماضي، إلا أن 95بالمئة من الطاقة الغذائية البشرية تأتي حالياً من 30 محصولاً فقط، أربعة منها (الأرز، القمح، الذرة والبطاطس) تُوفر أكثر من 60بالمئة من استهلاكنا للطاقة، ما يُؤدي إلى تضييق القاعدة الجينية للمحصول بنحو متزايد.

وقد أدى هذا الاستخدام إلى زيادة الضعف الجيني للعديد من أنواع المحاصيل الزراعية الرئيسة بنحو ينذر بعواقب وخيمة. بالتالي، تتعرض هذه الموارد الوراثية لخطر الانقراض بنحو متزايد بسبب تدمير الموائل والتغيرات المناخية. ومنذ سبعينيات القرن الماضي، أطلق العلماء جهوداً كبيرة لجمع البلازما الجرثومية استجابةً لمنع التآكل الجيني وضعف المحاصيل. وقد دفع القلق بشأن الضعف المستقبلي والأمن الغذائي والاستقرار البيئي، الحفاظ على الموارد الوراثية النباتية والحيوانية واستخدامها المستدام إلى قمة أجندة التنمية الدولية.

النباتات البرية العراقية

وبهذا الصدد قال خبير التنوع البيولوجي والنباتات البرية، ورئيس مؤسسة نباتات كردستان، بروفيسور د. سامان عبد الرحمن أحمد، إن المحافظة على الأنواع المحلية في كردستان “ما تزال في مستوى منخفض للغاية على الرغم من تميز الإقليم بدرجة كبيرة من التنوع لوجود سلسلة جبال الشاهقة يزيد ارتفاعها عن 3600 متر فوق مستوى سطح البحر مع سهول ووديان متناوبة مغطاة بالثلوج ذات ارتفاعات متفاوتة ما يجعله من الناحية الزهرية من بين أغنى المناطق من حيث عدد الأنواع والأجناس النباتية ومن أكثر المناطق تنوعاً في مصادر الموارد الوراثية النباتية وتوافر الأنواع البرية النادرة”، منوهاً إلى أن بنك الجينات “يكتسب أهمية مضافة لاسيما أن 90بالمئة من النباتات البرية العراقية فضلاً عن عدد كبير من النباتات المهمة اقتصادياً موجودة في إقليم كردستان وأن جبال الإقليم تشكل ملاذاً آمناً لاستمرار الأنواع النباتية البرية المهددة بالانقراض».  وأضاف أن الجفاف “ينذر بتراجع متزايد للتنوع الجيني في معظم أنحاء إقليم كردستان ما يتطلب تحسين مستويات إنتاجية أنواع المحاصيل لتلبية الطلب المتزايد على الغذاء بالتوازي مع زيادة قدرتها على التكيف مع البيئة غير المستقرة ووجود المزيد من الأنواع ذات التنوع الوراثي الأوسع”، لافتاً إلى أن أياً من البلازما الجرثومية في كردستان “ لم تُحفظ بنحو مناسب ما يؤدي لأن يواجه الإقليم صعوبةً في الحفاظ على الأنواع النباتية على المدى الطويل نظراً لمحدودية الإمكانيات وعدم كفاية البنية التحتية لقواعدها الوراثية».وأوضح البروفيسور أحمد، أن من المهم “القضاء على هشاشة الأصول الوراثية وإعادة تأهيل الأنماط الجينية النباتية الفريدة في كردستان لتحسين كفاءة الإنتاج الزراعي وحماية الموائل الطبيعية وتنوعها البيولوجي خاصة الأنواع النادرة والبرية لتعزيز الاستدامة البيئية”، مؤكداً على أن ذلك “يتطلب الإسراع بتنفيذ مشروع بنك الجينات الكردستاني برغم صعوبة المهمة الملقاة على عاتقه».

وذكر، أن مؤسسة نبات كردستان “تعمل منذ عام 2018 على إعداد المقترحات الخاصة بتأسيس بنك جينات كردستان ومناقشتها مع الجهات المعنية لاسيما وزارتي الزراعة والبلديات والسياحة الكردستانيتين والجامعة الأمريكية في السليمانية ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)”، منوهاً إلى أن الاتحاد الأوربي “وافق على تمويل مشروع البنك من خلال منظمة الفاو بمبلغ حوالي ثلاثة ملايين دولار زمن شغل د. برهم صالح منصب رئاسة الجمهورية».

وظيفة البنك

وبشأن وظيفة البنك، يقول البروفيسور أحمد، إنها تتمثل بـ”تخزين الأنواع النادرة والمهددة بالانقراض وتوفير البذور الكافية ومصادر الإكثار الأخرى لأغراض البحث والإنتاج والقضاء على هشاشة الأصول الوراثية وإعادة تأهيل الأنماط الجينية النباتية الفريدة في كردستان لتحسين كفاءة الإنتاج الزراعي, وحماية الموائل الطبيعية وتنوعها البيولوجي لاسيما الأنواع النادرة والبرية لتعزيز الاستدامة البيئية”، وتابع فضلاً عن “المساعدة في تحقيق زراعة مستدامة من خلال تأمين مخزونات جينية للأجندة طويلة الأجل لضمان الأمن الغذائي وبناء قاعدة بيانات شاملة للموارد الوراثية النباتية مما يجعل معلومات الأنواع متاحة لأغراض دراسية أخرى».

ويؤمل أن يضم بنك الجينات في السليمانية، خمسة أقسام هي: بنك البذور، البنك الحقلي على مساحة 15 هكتار، بنك الأنسجة، بنك التبريد وبنك الحمض النووي، كما يؤمل أن ينجز أبنية الجزء الأول من المشروع منتصف عام 2026 المقبل.. بحسب خبير التنوع البيولوجي.يذكر أن مؤسسة نبات كردستان غير الحكومية وغير الربحية، تأسست عام 2013 من قبل مجموعة علماء ومتخصصين في مجال النباتات والبيئة بهدف المحافظة على الثروة النباتية الكردستانية، وأن أول رئيس لها كانت د. سرباغ صالح.

مشاركة