الوصول المتأخر – نصوص – هادي عباس حسين
إنها تبكي بعد إ جلست عند قدميه قائلة
_أنني أريده وأحبه حتي في مساوئه..
انتفض. كالمجنون ورد علي
_أنا أبوك وما زلت ابنتي..
نعم ابنته ألصغرى والوحيدة لأخت كبرى توفيت العام الذي سبق العام الماضي أنها تجرعت سما وضعته في عشائها الأخير ظلت طوال الليل تتلوى من الألم حتى جاءها فجر يوم جديد عند نهايته دست تحت التراب الذي ضمها ليقتل ما في دواخلها من أحلام ماتت عند ولادتها.حتى جنينها الذي كان يتحرك بين أحشائها استسلم لهذا الانتحار الذي أحكمت عليه الوالدة التي خاب حلمها برؤيته.الشهر الثالث صعد نفسها الأخير ولم ينزل كون كل شيء توقف داخل جسدها النحيف أنها كانت ضعيفة البنية مهزوزة لو هبت عليها ريح قوية دفعتها بنفس الاتجاه ،ليس لديها إي مقاومة وكانت الأمراض ومن ابسطها تتوغل بداخلها لتطرحها على الفراش لمدة طويلة حتى سمعت طبيتها تقول لها
_كوني قوية لا تستضعفي للمرض…
أنها وهنت واستسلمت لأفكار الانتحار بعجل ونفذت ما إرادته بسرعة كي تتخلص مما كانت تعانيه،كان مرض والدي اكثر خطورة إذ ينتقي لنا أحس الأزواج وبعد مرور شهور يصبح هذا الزوج عدوا له ويرغمنا على أن نعاديه كما يريد،كان متزمتا برأيه وصاحب قرار واحد لا غيره أن قرره ،لن يتراجع عنه حتى علت صرختي لأقول له
_يا أبتي ماالذي فعله زوجي..
رفع إصبعه في وجهي وقال
_انتهى كل شيء …حاله كحال زوج أختك …لعنها الله ..
.كان خوفه ليس على ابنته من عذاب الله بل خوفه من كلام الناس عن التي انتحرت لأسباب مجهولة، حبه لنفسه اكبر من حبه لله حيث أيامه الأخيرة لم يهتم بصلاة الفجر ولم يقرأ قرانه وتهاون حتى في جمعته التي تركــها لنوم طويل حتى تصل إلى ما بعد صلاة الظهر، كنت اقرأ في وجهه لؤما لأي إنسان لا تعجبه صورته حتى زوجي المهندس دريد الذي بقدر حبه قبل زواجي منه صار يكرهه ولا يطيق سماع أسمه وقفت وعلي أن أدافع عن حياتي فقلت له
إنا أريده وأحبه…
نظر في وجهي وأطال فيه حتى نطقها
_أذا اختاري إما أنا وإما هو..
معادلة صعبه وعلي أن أحسن الاختيار فأجبته بهدوء
_المعادلة صعبة والنتيجة لم تكن صائبة بل الاختيار الأفضل…زوجي…
حقا آخر كلمة سمعها مني عندما تركت البيت لوحدي وبرغبتي كنت أتصور نفسي أحسنت الاختيار تماشيا مع حياتي ونسيت حقوق والدي علي كنت اذرف دموعا لا تنقطع عندما استمع آيات من كتاب الله القران الكريم تبين أهمية الوالدين ومنهم أبي الذي ظلت قساوة قلبه باقية فلن يريني وجهه بتاتا ولن يسمح لي رؤيته حتى اللحظة التي حزمت أمري لآتيه من ابعد نقطة في الجنوب من البصرة لاتجه إلى شمال الوطن في اربيل وفي احدي مستشفياتيها المتطورة حيث جسد أبي مسجى لم يكن أحد معه حسبما اخبرني زوجي الذي ينتظرني عنده أني باكيه وبألم وحسره سألته
_هل حالته صعبة…؟
سكت ونطق بمرارة
_انه فاقد الوعي …
كيف هذا وأنا اشتقت لسماع صوته وصرخاته مهما فعل فهو أبي الذي جئت من صلبه كيف لي أن أراه بصورة بائسة لا اقدر أو أتحمل هذا ،توقفت السيارة وسمعت سائقها قائلا
_هذه المستشفى كما مثبت في ورقة العنوان…
أنها تقع في قمة الجبل،خطوت لبابها حتى وجدت زوجي ينهمر بالدموع قائلا
_لقد فات الأوان وصلت متأخرة……


















