نجمان ياسين
يهبط النهر من جذور الجبل
ينبوع الطفولة ،
ويقبل مسكوناً بغموض الغابات الأولى
والأشجار الأولى ،
يندفع النهر من الطفولة
يجرفنا نحو الطفولة ،
يظلم النهر ويفيض
يرعد ويضطرب
تدهمه العتمة مرات
ومرات يصفو كقلب مثقل بالحب
يشع بالضياء
يفيض بالشموس ،
تعترض النهر ، الصخور والسدود والحواجز ،
تضعفه الفروع والمنعطفات
لكنه يعرف مصب البحر
فالنهر لا يضل الطريق .
أي حريق يحتل قلب النهر ؟
أي بريق يشق صدر النهر وهو يكمل دورته الأخيرة ؟
يواصل النشيد
يلتقي بأغنية الطفولة ،
ينهض من بئر موحشة
يسقط في بئر موحشة ،
خلايا النهر تهمد
خلايا النهر تجمد ..
ويمضي النهر منشداً أغنية الأبد ،
يسلمنا إلى الينابيع ودهشة الطفولة .
الشجرة
شجرة تنتظر في وحدتها المضيئة
عزلتها المنيعة ،
شمسَ الله ،
نوره الهابط كاليقين ،
شجرة يلفها صقيع الروح
برد الذاكرة ،
شجرة قرب مياه النهر
قرب نياط القلب ،
تهفو إلى عصافير القلق الوجل
تحتضن الطيور والسماء
شجرة يدهمها الرماد والعواصف ، لكنها لا تنحني .
شجرة ثمارها الخوف المرتعش
ماؤها الرعب ،
تساقط أوراقها،
يموت في الشجرة غصن ،
اثنـان ، ورقـة ، ورقتان ،
لكن جذر الشجرة يدفع بالنسغ إلى أغصان الروح
يدفع بالحلم إلى مياه الشجرة .
شجرة وحيدة
مضيئة شجرة عطشى إلى ما يمنح الفؤاد بعض الثبات ،
شجرة تفرش الأوراق
وترنو إلى شمس الله ،
تنزل شمس الله مثل الحب
مثل الماء
تحضن كالملاك قلب الشجرة .